تُصرّ القوات العراقية، مدعومة بغطاء دولي واسع، على الاستمرار بمعارك قضم الأراضي والبلدات، التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، على الرغم من ارتفاع معدل خسائرها البشرية على الأرض. مع العلم أن تلك القوات تُحقّق تقدماً كبيراً في مختلف المحاور، التي تشهد عمليات معارك كسر عظم بين الطرفين، للأسبوع الثالث على التوالي.
في هذا السياق، تفيد مصادر عسكرية عراقية في بغداد ونينوى، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الجيش العراقي ممثلاً بالفرقة 15 واللواء 72 بالجيش، ومدعوماً بوحدات من البشمركة الكردية وأبناء العشائر، تمكن من كسر شوكة التنظيم في محور القيارة (50 كيلومتراً، جنوب الموصل)". وتسعى الحكومة العراقية لتهدئة الشحن الطائفي الذي تُصعّده مليشيات "الحشد الشعبي"، في بغداد وديالى، عقب تفجير الكرادة الإرهابي، تخوّفاً من استفادة "داعش" منه، وحدوث انشقاقات في قوات الجيش.
في هذا الصدد، يقول قائد عمليات نينوى اللواء نجم الجبوري في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "القوات العراقية انتزعت مفتاح الدخول للموصل، بسيطرتها على قاعدة القيارة الجوية، التي باتت موقعاً آمناً لتواجد القوات وتجمّعها، والانطلاق منها لإكمال باقي المسافة إلى الموصل لدخولها". ويضيف الجبوري: "نحقق تقدّماً ممتازاً ولدينا غطاء جوي دولي ومحلي. ونأمل مع نهاية العام الحالي، أن تكون الموصل قد أضحت في حضن العراق مجدداً". فيما أشارت مصادر محلية وأخرى كردية بقوات البشمركة، إلى أن "داعش أقدم على حرق عدد من آبار النفط في حقل القيارة النفطي، وغطت سحابة دخان واسعة أجزاء كبيرة من جنوب الموصل وشمالها".
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن "التنظيم بدأ يستخدم أسلوباً جديداً لتضليل الطائرات، من خلال حرق آبار النفط، التي تكثر في المحور الشمالي من العراق، إذ تؤدي النيران إلى تشكّل سحب دخان سوداء كثيفة، تمّكن التنظيم من التحرّك، من دون أن يتم رصده".
وتُعتبر قاعدة القيارة الجوية، إحدى أهم القواعد الاستراتيجية شمالي البلاد، والتي بُنيت في سبعينيات القرن الماضي، وتبلغ مساحتها نحو 30 كيلومتراً. وكانت القوات العراقية تشكو من عملية تشتتها وعدم تجمّعها في مكان واحد آمن سابقاً، لكنْ باسترداد قاعدة القيارة، تكون القوات العراقية والمتحالفة معها، قد أنهت واحدة من أبرز مشاكل المعركة، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة في العراق إلى 51 درجة مئوية.
خلال ذلك تجري معارك على الضفة الثانية من نهر دجلة، تحديداً الشرقاط، التي تبعد نحو 100 كيلومتر عن الموصل، بغية استردادها من التنظيم. ويقول الخبراء إن "هدف القوات العراقية هو تمهيد الطريق واستعادة السيطرة على عقد المواصلات، ومنها الشرقاط والقيارة، وعدد من المناطق الاستراتيجية الأخرى قرب الموصل تمهيداً لمعركة الموصل المرتقبة". وبحسب الخبير العسكري سامر العبيدي، فإن "عمليات السيطرة على القيارة والشرقاط تأتي لقطع خطوط الإمداد والتموين والمباغتة على عناصر داعش، وعزلهم عن مناطق صلاح الدين".
ويبيّن العبيدي لـ"العربي الجديد"، أن "استعادة السيطرة على قاعدة القيارة الجوية، في وقت ما زالت القوات العراقية تحاول التقدم نحو مركز بلدة الشرقاط، يصبّ في إطار الزحف وإمساك الأرض في وقتٍ واحد منعاً لعودة التنظيم إلى تلك المناطق ولمحاصرته في الموصل".
في بغداد، ضربت ثلاثة تفجيرات، أمس الأحد، مناطق متفرقة من العاصمة، موقعة نحو 30 قتيلاً وجريحاً، وقال مصدر أمني لـ"العربي الجديد"، إنّ "عبوة ناسفة كانت مزروعة على جانب طريق رئيسي في منطقة سبع البور شمالي بغداد، انفجرت، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة تسعة آخرين. كما قُتل شخصان وأصيب ثمانية آخرون بانفجار عبوة ناسفة في منطقة السيدية جنوبي بغداد، وقُتل ثلاثة جنود وأُصيب ثلاثة آخرون بتفجير عبوة ناسفة استهدفت دوريتهم في منطقة اللطيفيّة جنوبي بغداد". إلى ذلك، يستأنف البرلمان العراقي، غداً الثلاثاء، جلساته، وسيناقش تداعيات تفجير الكرادة والخروقات الأمنيّة.