صادق الرئيس العراقي، فؤاد معصوم، اليوم الأربعاء، على أحكام إعدام جديدة بحق سجناء مدانين بـ"قضايا إرهابية خطيرة"، وذلك بعد ساعات من إطلاق زعامات بمليشيات "الحشد الشعبي"، الموالية لإيران، تهديدات باقتحام السجون وإعدام النزلاء في حال لم تنفذ الحكومة أحكام الإعدام بحقهم.
ويطالب ذوو النزلاء ومنظمات حقوقية محلية ودولية بإعادة المحاكمات التي أجريت بعهد رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، "كونها طائفية، نتج عنها الآلاف من أحكام الإعدام بناء على إفادات انتزعت تحت التعذيب".
وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، خالد شواني، في بيان، إن "الرئيس فؤاد معصوم صادق على وجبة جديدة من أحكام الإعدام بحق مدانين ومتهمين بقضايا إرهابية خطيرة جداً، أسفرت عن وقوع ضحايا مدنيين".
وأضاف شواني: "بعد مصادقة رئيس الجمهورية على الأحكام، تم إرسال المراسيم الموقعة إلى الجهات التنفيذية لتنفيذها بحق المدانين بها"، مبيناً أن "لجنة قانونية متخصصة درست ملفات المتهمين والمدانين قبل صدور أحكام الإعدام، واللجنة تواصل عملها لإكمال الملفات الأخرى المتبقية، ورئيس الجمهورية مستمر في دراسة تلك الملفات للمصادقة عليها وفق الأصول القانونية".
يأتي ذلك بعد تنفيذ أحكام إعدام خلال الأسابيع الماضية بحق "متهمين بقضايا إرهاب"، حسبما أعلنته وزارة العدل العراقية.
ونفذت الوزارة أحكام الإعدام بحق اثنين من المدانين في الخامس من يوليو/ تموز الجاري، سبقها بيوم واحد تنفيذ أحكام أخرى بحق خمسة من المدانين، ليصل عدد المعدومين خلال يومين إلى سبعة أشخاص.
وكشفت مصادر قانونية من وزارة العدل أن عدد المتهمين الذين تم إعدامهم، خلال شهري يونيو/ حزيران ومايو/ أيار الماضيين، بلغ 37 شخصاً.
وكانت وزارة العدل قد رفضت ما وصفته بـ"أي تدخل سياسي لوقف أحكام الإعدام التي تجري المصادقة عليها ثم تنفيذها تباعاً".
إلى ذلك، كشفت مصادر حكومية أن رئيس الوزراء، حيدر العبادي، أصدر توجيهاته لوزارة العدل بتنفيذ أحكام الإعدام بحق المدانين بقضايا "الإرهاب" بعد تفجير الكرادة أخيراً والذي راح ضحيته نحو 500 قتيل وجريح، الأمر الذي أثار موجة غضب واسعة بين ناشطين ومثقفين ومحللين، في ظل اتهامات للعبادي وحكومته بتنفيذ إعدامات طائفية وانتقامية بحق معتقلين "سنة" لم يثبت تورطهم بـ"قضايا إرهابية".
وبعد كل تفجير كبير يضرب إحدى مدن وبلدات العراق، تجري المصادقة على عشرات أحكام الإعدام وتنفيذها بشكل سريع، ما يثير ريبة المراقبين.
وأثار مقطع فيديو بثته الحكومة انتقادات واسعة في الأوساط الشعبية، بعدما أظهر أشخاصاً يرتدون الزي العسكري "المرقط" ويغطون وجوههم بأقنعة سوداء يقتادون شباباً يرتدون بدلات برتقالية خاصة بالإعدام، وقد تم تقييد أيديهم إلى الخلف وعصب أعينهم، قبل لف حبل المشنقة حول رقابهم.
وكان ناشطون وحقوقيون قد أطلقوا حملة واسعة منتصف 2015، لإيقاف أحكام الإعدام بحق آلاف من المعتقلين القابعين في سجون الحكومة العراقية منذ سنوات طويلة، دون محاكمات أو تهم حتى الآن.
وقال الحقوقي ماجد الفاضلي: "من الواضح تماماً أن تنفيذ أحكام الإعدام يأتي لأسباب طائفية واضحة جداً، ويصادق على هذه الأحكام ويجري تنفيذها بعد كل تفجير يضرب مناطق بغداد أو مدن الجنوب، ما يدل على أنها أحكام انتقامية وليست قانونية".
وكشف الفاضلي، لـ"العربي الجديد"، أن هناك آلاف المعتقلين سيعدمون على شكل "وجبات متفاوتة لعدم إثارة الرأي العام، وقد اعتقلوا بناء على وشاية المخبر السري والدعاوى الكيدية ولم تتم محاكمتهم".
وجرى جدل واسع في أروقة البرلمان العراقي بعد مطالبة عدد من الكتل السياسية بإقرار قانون العفو العام، ما دفع كتلاً أخرى للمطالبة بإعادة محاكمة نحو 8000 آلاف متهم بـ"قضايا إرهابية"، قال برلمانيون إنهم أدلوا باعترافات انتزعت منهم تحت التعذيب الشديد.
وكشفت النائبة في البرلمان العراقي، ناهدة الدايني، في تصريح سابق، أن "غالبية القضايا الإرهابية وقعت على متهمين بطريقة كيدية ولم يخضع المتهمون للمحاكمة بسبب عدم وجود مشتكين ضدهم أصلاً".