وكان مسؤولون أميركيون قد تحدثوا في 9 مارس/ آذار الفائت عن احتمال أن يكون الشيشاني قد قُتل في غارة أميركية على الأراضي السورية، مطلع الشهر الحالي، ويكون التنظيم قد تلقى أكبر خسارة على الإطلاق في جهازه القيادي منذ عام 2014.
ويفتح مقتل الشيشاني باب التكهنات واسعاً حول إمكانية التنظيم على خلق قيادات جديدة من الصف الأول، بدلاً من تلك التي يفقدها خلال المعارك أو الغارات الجوية لقوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، فضلاً عن مدى تأثير العملية على مقاتلي التنظيم.
وأبو عمر الشيشاني هو تارخان باتيراشفيلي. وُلد عام 1968 في قرية أقصى جنوب جورجيا من أب مسيحي وأم مسلمة. خدم في الجيش الجورجي لسنوات في إقليم أبخازيا المتنازع عليه بين روسيا وجورجيا، ثم تطوع كجندي في الجيش الجورجي بعد إكمال خدمته الإجبارية، وعُرف بنزعته الوطنية وعدائه للروس. ثم تمت ترقيته لرتبة رقيب في الجيش الجورجي قبل أن تعتقله الشرطة الجورجية بتهمة حيازة أسلحة، وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات وأُطلق سراحة عام 2012 بسبب تدهور حالته الصحية.
زوجته سيدا دودوركيفا، هي ابنة الوزير السابق في الحكومة الشيشانية، آسو دودوركيفا، والذي تم إعفاؤه من المنصب من قبل الرئيس رمضان قديروف لدواعٍ أمنية تخص ابنته سيدا، المقربة من أبي عمر الشيشاني.
ووفقاً للمعلومات المتوفرة عن الرجل، فقد تغيرت معتقداته من النزعة الوطنية إلى التيار السلفي الجهادي وتوجه إلى سورية على رأس مجموعة كبيرة من الشيشانيين، عُرفت آنذاك بنصرة أهل الشام مطلع عام 2013.
وقبل توجهه إلى سورية عمل في مجال إرسال المقاتلين من الشيشان ومناطق أخرى إلى سورية، غير أن مبايعته لزعيم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" أبو بكر البغدادي تمت بعد دخوله سورية. ويُنسب للشيشاني الفضل في السيطرة على مطار منّغ العسكري السوري، وبلدات عدة في دير الزور العسكري والبوكمال. وأصبح الشيشاني قائداً عسكرياً لقوات التنظيم في العراق وسورية بعد مقتل القائد السابق، أبو عبدالرحمن البيلاوي، منتصف عام 2014.
عُرفت عن الشيشاني شخصيته المقبولة بين مقاتلي التنظيم، وإتقانه لغات عدة كالعربية والروسية والجورجية والإنكليزية، ويوصف بأنه قائد عسكري محنك ويُحكى أنه دائم التفاؤل. حتى إن كثيرين يعتبرونه الشخصية الأمثل لقيادة التنظيم في حال مقتل أبو بكر البغدادي.
وحول ذلك، يقول الخبير بالشؤون الأمنية العراقية، فؤاد علي، لـ"العربي الجديد"، إنه "في حال تأكد مقتل الشيشاني، يكون التنظيم أمام اختبار كبير في إثبات قدرته على إنتاج قيادات جديدة أمثال الشيشاني".
ويرى علي أن الإعلان عن تواجد الشيشاني في الشدادي السورية "يثير الشكوك، لأن قادة التنظيم أذكى من أن يتواجدوا في مناطق سورية وعراقية معينة"، في إشارة إلى أن منطقة الشدادي، في ريف الحسكة، تشهد منذ فترة معارك شرسة بين القوات الكردية وتنظيم "داعش"، وقد انتقلت السيطرة على المنطقة بين الفريقين، وهو ما يدفع البعض إلى اعتبار أنها ليست منطقة آمنة لكوادر الصف الأول من التنظيم، إلا في حال كان الشيشاني يقود بنفسه معارك جبهة الشدادي.