كيري في موسكو اليوم... لإتمام الصفقة السورية؟

14 يوليو 2016
594F2054-109F-430A-AFF0-61EDEDC899F8
+ الخط -

يصل وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، اليوم الخميس، إلى العاصمة الروسية موسكو، في زيارة يجري خلالها لقاءات مع المسؤولين الروس حول العديد من القضايا، أبرزها الملف السوري، في حين لا تبدو المعارضة السورية متفائلة في قدرة الولايات المتحدة على تغيير الموقف الروسي الداعم لنظام بشار الأسد، متحدثة عن "خيارات دموية مقبلة في حال فشل الطرفين بالتوصل إلى تفاهمات".

في سياق زيارة كيري، أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أمس الأربعاء، أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيجتمع مع كيري في موسكو لمناقشة ملفي سورية وأوكرانيا". وتشير مصادر إعلامية مطلعة في موسكو في حديثها لـ "العربي الجديد"، إلى أن "وزيري خارجية البلدين الروسي سيرغي لافروف، والأميركي كيري، سيبحثان قضايا تناولهما الرئيسان بوتين والأميركي باراك أوباما خلال اتصال هاتفي جرى بين الرجلين منذ أيام، للتوصل إلى تفاهمات نهائية حولها، وفي صلبها القضية السورية، التي باتت موضع مساومة واضحة، في الآونة الأخيرة، لمحاولة كل طرف فرض رؤيته للحل".

وتضيف المصادر أنه "لا يمكن النظر للجهود الروسية الأميركية المشتركة على المحور السوري، بمعزل عن الخلافات العميقة بين موسكو وواشنطن في أوروبا، والتي تكاد تصل لمرحلة المواجهة العسكرية المفتوحة". وتستبعد أن يصل التفاهم الروسي ـ الأميركي إلى حدّ "تناول مصير بشار الأسد ونظامه"، مضيفة أن "الأمر سيقتصر على اتفاق حول تعاون عسكري أوسع في مسائل تخصّ ضرب مواقع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سورية، ومواقع لا شك بأنها تابعة لجبهة النصرة، المصنّفة ضمن الجماعات الإرهابية".

وترى المصادر أن "روسيا تسعى إلى هذا التعاون مع الولايات المتحدة، وعبرها مع التحالف الدولي كي لا تبقى طرفاً متورطاً إلى جانب النظام"، مردفة أن "التعاون في سورية بين موسكو وواشنطن قد يسهم في خلق أجواء إيجابية لبحث ملفات خلافية أخرى بين الجانبين".





وتعرب المصادر عن اعتقادها بأن "مصير الأسد محسوم بالنسبة لموسكو، ولن يكون له مستقبل في سورية"، لكنها ترى أن "الروس لن يجاهروا بذلك، وسيواصلون تأكيدهم على دعمهم للنظام، إلى أن يتم تشكيل البديل عبر الآليات السياسية، وبرقابة وإشراف دوليين".

وتُشدّد المصادر على أن "زيارة كيري إلى موسكو تُعدّ مفصلية في ظلّ تسارع التطورات السياسية والعسكرية، التي يشهدها الملف السوري، خصوصاً بعد تطبيع العلاقات بين روسيا وتركيا". وكان لافروف قد أكد، يوم الثلاثاء، أن "تقارب البلدين بعد أشهر قطيعة سيساعدهما على إيجاد سبل مشتركة ذات تأثير أكبر في حلّ المسألة السورية".

ويتوقع مراقبون للمشهد السوري أن "تحدث انفراجة مهمة في حال نجاح موسكو وواشنطن في التوصل لاتفاق يدفع موسكو إلى ممارسة ضغط فعلي على بشار الأسد لإبداء مرونة أكبر، والدخول في صلب القضايا المصيرية وفي مقدمتها مناقشة مصيره، وتشكيل هيئة حكم تستلم مهامه في بداية مرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات، تفرز قوى مختلفة ذات مصداقية تعمل على تأسيس الجمهورية الجديدة في سورية".

ومن المتوقع أن تضغط واشنطن على موسكو كي توقف استهداف المعارضة السورية "المعتدلة"، وأن تطلب منها الضغط على حليفها الأسد للتوقف عن استهداف المدنيين، كي يخرج الطرفان بتفاهمات تتعلق بتبادل المعلومات الاستخبارية في إطار ما يسمى "الحرب على الإرهاب" في سورية.

أما بالنسبة للمعارضة السورية، فقد أبدت عدم تفاؤلها بزيارة كيري إلى موسكو، وفقاً لما يقول المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة، رياض نعسان آغا، لـ "العربي الجديد". ويشير آغا إلى أنه "تمّت لقاءات عدة بين موسكو وواشنطن، من دون تحقيق تقدم في الموقف الروسي".

من جهتها، تشير مصادر في المعارضة السورية لـ "العربي الجديد" إلى أن "زيارة كيري إلى موسكو حاسمة ومصيرية"، مضيفة أنه "إذا لم تتمخّض الزيارة عن نتائج مهمة على صعيد إحياء المسار التفاوضي في جنيف وفي أقرب الآجال، فإن الملف السوري مفتوح على كل الاحتمالات الدموية، التي سيدفع ثمنها القاسي من بقي من السوريين داخل البلاد".

وتعرب هذه المصادر عن اعتقادها بأن "الروس مأزومون، ويبحثون عن حلول كي لا يتورّطوا أكثر في المستنقع السوري"، لافتة إلى أن "إسقاط مروحية ومقتل طيارين روس منذ أيام، مؤشر واضح على أن الطرف الأميركي يسعى إلى مزيد من استنزاف الروس في سورية، وهو ما يفسر اهتمام موسكو بزيارة كيري، لكونها تأمل في التوصل إلى تفاهم نهائي مع واشنطن، يجنّبها الانزلاق أكثر".

وتؤكد المصادر أن "مسألة إعادة إنتاج نظام بشار الأسد باتت من المستحيل"، مضيفة أنه "لن يقبل السوريون أي حلول سياسية يكون لبشار الأسد، وأركان حكمه دور فيها، حتى لو استمر الصراع لسنوات أخرى. وهو ما بات يدركه الروس".

في سياق آخر، عادت مسألة تشكيل "مجلس عسكري في سورية" للتداول من جديد، إثر توقف مفاوضات السلام في جنيف منذ أبريل/نيسان الماضي، بسبب تعنّت النظام، ورفضه مناقشة الانتقال السياسي القائم على تشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات، وإصراره على "حكومة وحدة وطنية"، مع بقاء الأسد بكامل صلاحياته.

في هذا الإطار، يؤكد رئيس وفد المعارضة المفاوض أسعد الزعبي، أن "الحديث عن مجلس عسكري في سورية، قديم جديد"، مشيراً في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أنه "طُرح أكثر من مرة، خلال سنوات الثورة". ويُشدّد على أنه "لا بد من مجلس عسكري"، مشيراً إلى أن "تشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات سيفضي إلى تشكيل مجلس عسكري". ويدعو لـ"تمسّك المعارضة بالهيئة الانتقالية، لأن هذا الأمر لا بد منه، ولا تنازل عنه".

كما يجدّد الزعبي ثابتة المعارضة "زوال النظام بكل رموزه"، معتبراً أن "طرق الزوال متغيرة". ويكشف عن "رفض المعارضة السورية قيام الروس وحدهم في تشكيل المجلس العسكري، والتحكم به". مع العلم أن "شخصيات من المعارضة السورية رفضت التعليق على الأنباء التي تداولتها مواقع إخبارية تابعة للمعارضة، عن وجود وزير الدفاع السوري الأسبق العماد علي حبيب في العاصمة التركية أنقرة، آتياً من باريس لمناقشة مسألة تشكيل مجلس عسكري في سورية"، مكتفية بالقول: "نعتقد أنها مجرد شائعات لا أكثر".


ذات صلة

الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.
المساهمون