"كانت لهجته مغايرة عن الاجتماعات السابقة، وقدّم عرضاً صريحاً بفتح باب الاستثمار أمام مصر في مجالات الاستفادة من سد النهضة"، بهذه العبارة يصف مصدر دبلوماسي رفيع المستوى أسلوب حديث رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال الاجتماع الذي جمعهما على هامش القمة الأفريقية التي انعقدت الأسبوع الماضي في العاصمة الرواندية كيغالي.
ويضيف المصدر أن "ديسالين تحدّث لأول مرة عن إمكانية استفادة مصر من السد اقتصادياً، من خلال مساهمتها في إنتاج الكهرباء كما تفعل إسرائيل في بعض محطات الإنتاج بإثيوبيا، أو أن تساهم في استصلاح واستزراع الأراضي الجديدة التي ستستفيد من عمل السد لعلاج الفجوة الغذائية التي يعاني منها الشعب المصري".
ويوضح المصدر أن السيسي رحب بشدة بهذه العروض باعتبارها من وسائل تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، ثم عاد وطالب ديسالين بسرعة التعاون مع مصر والسودان للاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد، خصوصاً بالنسبة لفترة الملء الأول المتوقع أن تنعكس سلباً على حصة مصر المائية بنسبة تتراوح حسب التقديرات الفنية بين 25 و40 في المائة.
ويبدو أن تغيّر الخطاب الإثيوبي في الأزمة إلى محاولة إغراء نظام السيسي بالاستثمارات لتحسين موقفه الاقتصادي، هو ما يشغل بال المفاوض الإثيوبي حالياً، بغض النظر عن القضايا الفنية التي سيوكل حسمها إلى مكتبي الاستشارات الفنية الفرنسيين "بي آر إل" و"إرتيليا" بموجب عقد سيتم توقيعه بين مصر وإثيوبيا والسودان والشركتين نهاية الشهر الحالي أو بداية الشهر المقبل.
وهذه المرة الأولى التي ينسب فيها لرئيس الوزراء الإثيوبي حديث عن استثمار مصر في المجالات المرتبطة بالسد، ويتقاطع حديث المصدر الدبلوماسي مع ما نقله بيان الرئاسة المصرية عن ديسالين بقوله "إن سد النهضة يجب أن يفيد جميع الأطراف ولا يجب أن يكون مصدراً للنزاع".
ويرجح المصدر أن يكون طرح الطرف الإثيوبي لمعادلة "الاستثمارات مقابل المياه" قائماً على مفاوضات ثلاثية غير مباشرة بين مصر وإثيوبيا وإسرائيل، خصوصاً بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإثيوبيا منذ أسبوعين، وزيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى القدس المحتلة، إذ تناولت الزيارتان مسألة بذل إسرائيل جهود وساطة للتقريب بين القاهرة وأديس أبابا، بناء على العلاقة الجيدة التي تجمعها بالنظامين الحاكمين في البلدين.
ويؤكد المصدر أن "تلويح إثيوبيا بفتح باب الاستثمار لمصر، خطوة لا تحمل بصمات إثيوبية، بل بصمات طرف آخر وسيط"، مبرراً ذلك بأن "ديسالين لم يتحدث عن هذا الأمر سلفاً مع السيسي سواء في أديس أبابا أو شرم الشيخ أو الخرطوم، وهي المدن الثلاث التي استضافت اجتماعاتهما السابقة على مدار عام ونصف تقريباً، كما أن الإثيوبيين بشكل عام لديهم حساسية مفرطة من فكرة الشراكة مع مصر بسبب الهجوم الإعلامي المستمر عليهم، على الرغم من تبادل العديد من الوفود الشعبية لتقريب المسافات بين البلدين منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك".
اقــرأ أيضاً
ويشير المصدر الدبلوماسي إلى أن مدير الاستخبارات المصرية العامة خالد فوزي، الذي كان حاضراً في اجتماع السيسي وديسالين، طرح أسئلة عن مدى قدرة الحكومة الإثيوبية على توفير المناخ الملائم للاستثمارات المصرية في ظل وجود شكاوى من المستثمرين المصريين العاملين هناك من ضعف الحوافز وتعقيد الإجراءات وفرض بعض القيود على استيراد الخامات من مصر.
وبناء على هذه الملاحظة، تم الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة مشتركة تعقد اجتماعاتها دورياً لبحث مشاكل الاستثمار بين البلدين، على أن تعرض أعمالها على لقاءات القمة، بغض النظر عن تطورات ملف سد النهضة الذي يمثل المحور الرئيس للمناقشات الثنائية المستمرة.
ولم ينعكس هذا التغيير في لغة الحوار بين القاهرة وأديس أبابا حتى الآن على استعدادات البلدين مع السودان لتوقيع عقد الخدمات الاستشارية، الذي تعوّل عليه مصر والسودان لتنظيم فترات الملء لعدم الإخلال بأمنهما المائي، وتنفيذ بنود إعلان المبادئ الموقع في مارس/آذار 2015 في الخرطوم، والذي تعتبره إثيوبيا مجرد إعلان لحسن النوايا غير ملزم لها بإجراءات محددة.
واقترحت مصر، وفقاً لمصادر حكومية مطلعة، أن يتم توقيع العقد خلال اجتماع سداسي بين وزراء الخارجية والري في البلدان الثلاثة خلال الأسبوع الأول من أغسطس/آب المقبل، وهو الموعد الذي وافقت عليه السودان، ولم تبدِ إثيوبيا معارضة له حتى الآن.
ومن المقرر أن ينجز المكتبان الاستشاريان عملهما خلال 11 شهراً طبقاً للعقد الذي راجعته أجهزة مصرية عدة على مدار 6 أشهر كاملة على رأسها الاستخبارات العامة والاستخبارات الحربية ومجلس الدولة، بالإضافة إلى وزارتي الخارجية والري. ويشترط العقد أن تُعدّ الشركتان تقارير شهرية وأخرى دورية تتناول التقدّم في سير الدراسات، يتم بعدها إعداد خريطة مائية لسد النهضة تتوافق مع إعلان المبادئ.
ووجّه عدد من الخبراء في السابق انتقادات حادة لإعلان المبادئ باعتبار أنه تحدث عن ضمان "المصالح المائية والحق في الحياة" لكل من مصر والسودان، ولم يتحدث عن ضمان "الأمن المائي للدولتين"، ورأوا أن مصطلح "الأمن المائي" محدد ومعرف باتفاقيات دولية تجعل مصر تحت مستوى الفقر المائي بحصتها المائية الحالية الضئيلة مقابل عدد السكان المتزايد، بينما مصطلح "المصالح المائية" المرن وغير المحدد يمنح الفرصة لإثيوبيا للتلاعب.
ومن المقرر أيضاً وفقاً للتفاهمات الثلاثية السابقة، صياغة مذكرة تفاهم لتحديد آليات تنفيذ نتائج الدراسات التي يجب أن تحدد الآثار السلبية للسد على هيدروليكيا المياه ومعدلات وصول المياه من السد إلى بحيرة ناصر خلف السد العالي والقناطر الخيرية جنوب الدلتا، بالإضافة لتقييم الآثار الاقتصادية والاجتماعية للمشروع على مصر والسودان.
ويضيف المصدر أن "ديسالين تحدّث لأول مرة عن إمكانية استفادة مصر من السد اقتصادياً، من خلال مساهمتها في إنتاج الكهرباء كما تفعل إسرائيل في بعض محطات الإنتاج بإثيوبيا، أو أن تساهم في استصلاح واستزراع الأراضي الجديدة التي ستستفيد من عمل السد لعلاج الفجوة الغذائية التي يعاني منها الشعب المصري".
ويبدو أن تغيّر الخطاب الإثيوبي في الأزمة إلى محاولة إغراء نظام السيسي بالاستثمارات لتحسين موقفه الاقتصادي، هو ما يشغل بال المفاوض الإثيوبي حالياً، بغض النظر عن القضايا الفنية التي سيوكل حسمها إلى مكتبي الاستشارات الفنية الفرنسيين "بي آر إل" و"إرتيليا" بموجب عقد سيتم توقيعه بين مصر وإثيوبيا والسودان والشركتين نهاية الشهر الحالي أو بداية الشهر المقبل.
وهذه المرة الأولى التي ينسب فيها لرئيس الوزراء الإثيوبي حديث عن استثمار مصر في المجالات المرتبطة بالسد، ويتقاطع حديث المصدر الدبلوماسي مع ما نقله بيان الرئاسة المصرية عن ديسالين بقوله "إن سد النهضة يجب أن يفيد جميع الأطراف ولا يجب أن يكون مصدراً للنزاع".
ويرجح المصدر أن يكون طرح الطرف الإثيوبي لمعادلة "الاستثمارات مقابل المياه" قائماً على مفاوضات ثلاثية غير مباشرة بين مصر وإثيوبيا وإسرائيل، خصوصاً بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإثيوبيا منذ أسبوعين، وزيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى القدس المحتلة، إذ تناولت الزيارتان مسألة بذل إسرائيل جهود وساطة للتقريب بين القاهرة وأديس أبابا، بناء على العلاقة الجيدة التي تجمعها بالنظامين الحاكمين في البلدين.
ويؤكد المصدر أن "تلويح إثيوبيا بفتح باب الاستثمار لمصر، خطوة لا تحمل بصمات إثيوبية، بل بصمات طرف آخر وسيط"، مبرراً ذلك بأن "ديسالين لم يتحدث عن هذا الأمر سلفاً مع السيسي سواء في أديس أبابا أو شرم الشيخ أو الخرطوم، وهي المدن الثلاث التي استضافت اجتماعاتهما السابقة على مدار عام ونصف تقريباً، كما أن الإثيوبيين بشكل عام لديهم حساسية مفرطة من فكرة الشراكة مع مصر بسبب الهجوم الإعلامي المستمر عليهم، على الرغم من تبادل العديد من الوفود الشعبية لتقريب المسافات بين البلدين منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك".
ويشير المصدر الدبلوماسي إلى أن مدير الاستخبارات المصرية العامة خالد فوزي، الذي كان حاضراً في اجتماع السيسي وديسالين، طرح أسئلة عن مدى قدرة الحكومة الإثيوبية على توفير المناخ الملائم للاستثمارات المصرية في ظل وجود شكاوى من المستثمرين المصريين العاملين هناك من ضعف الحوافز وتعقيد الإجراءات وفرض بعض القيود على استيراد الخامات من مصر.
وبناء على هذه الملاحظة، تم الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة مشتركة تعقد اجتماعاتها دورياً لبحث مشاكل الاستثمار بين البلدين، على أن تعرض أعمالها على لقاءات القمة، بغض النظر عن تطورات ملف سد النهضة الذي يمثل المحور الرئيس للمناقشات الثنائية المستمرة.
ولم ينعكس هذا التغيير في لغة الحوار بين القاهرة وأديس أبابا حتى الآن على استعدادات البلدين مع السودان لتوقيع عقد الخدمات الاستشارية، الذي تعوّل عليه مصر والسودان لتنظيم فترات الملء لعدم الإخلال بأمنهما المائي، وتنفيذ بنود إعلان المبادئ الموقع في مارس/آذار 2015 في الخرطوم، والذي تعتبره إثيوبيا مجرد إعلان لحسن النوايا غير ملزم لها بإجراءات محددة.
ومن المقرر أن ينجز المكتبان الاستشاريان عملهما خلال 11 شهراً طبقاً للعقد الذي راجعته أجهزة مصرية عدة على مدار 6 أشهر كاملة على رأسها الاستخبارات العامة والاستخبارات الحربية ومجلس الدولة، بالإضافة إلى وزارتي الخارجية والري. ويشترط العقد أن تُعدّ الشركتان تقارير شهرية وأخرى دورية تتناول التقدّم في سير الدراسات، يتم بعدها إعداد خريطة مائية لسد النهضة تتوافق مع إعلان المبادئ.
ووجّه عدد من الخبراء في السابق انتقادات حادة لإعلان المبادئ باعتبار أنه تحدث عن ضمان "المصالح المائية والحق في الحياة" لكل من مصر والسودان، ولم يتحدث عن ضمان "الأمن المائي للدولتين"، ورأوا أن مصطلح "الأمن المائي" محدد ومعرف باتفاقيات دولية تجعل مصر تحت مستوى الفقر المائي بحصتها المائية الحالية الضئيلة مقابل عدد السكان المتزايد، بينما مصطلح "المصالح المائية" المرن وغير المحدد يمنح الفرصة لإثيوبيا للتلاعب.
ومن المقرر أيضاً وفقاً للتفاهمات الثلاثية السابقة، صياغة مذكرة تفاهم لتحديد آليات تنفيذ نتائج الدراسات التي يجب أن تحدد الآثار السلبية للسد على هيدروليكيا المياه ومعدلات وصول المياه من السد إلى بحيرة ناصر خلف السد العالي والقناطر الخيرية جنوب الدلتا، بالإضافة لتقييم الآثار الاقتصادية والاجتماعية للمشروع على مصر والسودان.