يسير النظام السوري وروسيا في مخطط لإفراغ مناطق سيطرة المعارضة في مدينة حلب من نحو ثلاثمائة ألف مدني باتوا محاصرين بالكامل، في استنساخ لتجربة إفراغ حمص والزبداني من أهلهما سابقاً، وهو ما أظهرته التطورات المتسارعة، من إعلان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أن الجيش الروسي وقوات النظام يحضّران لما سماه عملية "إنسانية على نطاق كبير"، من خلال فتح ثلاثة ممرات لخروج المدنيين وممر رابع للمسلحين من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في حلب، إضافة إلى كلام رئيس النظام، بشار الأسد، عن منح عفو للمسلحين الذين يلقون السلاح.
هذا المخطط يترافق مع كلام روسي عن أن الأسد مستعد للتعاطي بإيجابية مع اقتراحات المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، حول "تطبيع الوضع" في سورية، ما يعني محاولة روسيا والنظام العودة إلى مفاوضات جنيف من موقع قوة بعد حسم الأمور لصالحهما في حلب. ويأتي ذلك مع تحذير دي ميستورا، أمس، من أن الوضع في حلب "خطير للغاية، إذ إن المؤن المتبقية لا تكفي إلا لأسبوعين أو ثلاثة"، ومطالبة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، ونظيره البريطاني بوريس جونسون، بعد لقاء بينهما في باريس، النظام السوري وحلفاءه بوقف فوري للحصار "الكارثي" على مدينة حلب، معتبرين أن الحصار "يجعل من المتعذر استئناف مفاوضات السلام".
وفي مخطط منسق بين روسيا والنظام، أعلن شويغو، أمس، بدء "عملية إنسانية واسعة النطاق" في حلب، تشمل إقامة ثلاثة ممرات إنسانية "من أجل المدنيين المحتجزين كرهائن لدى الإرهابيين، وكذلك المقاتلين الراغبين في الاستسلام". وأضاف أن ممراً رابعاً سيُفتح في الشمال، على طريق الكاستيلو، ليسمح "بمرور المقاتلين المسلحين بشكل آمن. وترافق ذلك مع إصدار الأسد مرسوماً تشريعياً، أمس، يقضي بمنح عفو "لكل من حمل السلاح وبادر إلى تسليم نفسه وسلاحه للسلطات القضائية المختصة" خلال مدة ثلاثة أشهر.
ورغم أن فتح المعابر الإنسانية كان يُفترض أن يبدأ يوم أمس، وفق الإعلان الروسي، إلا أنه بقي حبراً على ورق حتى مساء أمس، إذ لم تُفتح أي معابر لمرور المدنيين من مناطق سيطرة المعارضة المحاصرة من قبل قوات النظام إلى مناطق سيطرة النظام السوري، إلا أن مجرد طرحه من قبل الوزير الروسي يكشف اللثام عن الخطة التي يبدو أنه تم تبنيها من قبل روسيا والنظام السوري لإخضاع مناطق سيطرة المعارضة في حلب بعد حصارها بشكل كامل. ويكرر هذا السيناريو الذي طرحته روسيا ما جرى في مدينة حمص التي سيطرت عليها قوات النظام السوري بشكل كامل منذ أكثر من عامين، حين فرضت قوات النظام حصاراً كاملاً على مناطق سيطرة المعارضة في أحياء وسط مدينة حمص التجاري وحي الخالدية ومناطق حمص القديمة منذ شهر فبراير/ شباط 2012 حتى أجبرت قوات المعارضة وسكان هذه الأحياء على القبول بعملية ترانسفير لهم إلى خارج أحيائهم في شهر مايو/ أيار 2014، بعد أن نفّذت قوات النظام حملات قصف وهجمات عسكرية برية تسببت بمقتل الآلاف من المحاصرين، قبل أن يضطر الباقون للقبول بالترحيل تحت ضغط الحصار الذي استمر أكثر من عامين.
اقــرأ أيضاً
وحدد منشور ألقته مروحيات النظام السوري، أمس، على مناطق سيطرة المعارضة في حلب، أماكن أربعة معابر إنسانية، قال المنشور إنه يمكن للمدنيين المحاصرين في حلب عبورها للخروج من الحصار. وحسب المنشور الذي حصلت "العربي الجديد" على صورة له، فإن ثلاثة من هذه المعابر تصل مناطق سيطرة المعارضة المحاصرة بمناطق سيطرة النظام السوري في مدينة حلب ومحيطها، وهذه المعابر هي معبر من حي بستان القصر الذي تسيطر عليه المعارضة وسط حلب إلى حي المشارقة الذي يسيطر عليه النظام، وسط حلب أيضاً، ومعبر من منطقة جامع الشيخ سعيد، جنوب حلب، إلى منطقة الحاضر التي يسيطر عليها النظام بريف حلب الجنوبي، ومعبر من حديقة سيف الدولة التي تسيطر عليها المعارضة، جنوب حلب، إلى منطقة ملاعب الحمدانية التي تسيطر عليها قوات النظام، جنوب حلب أيضاً. أما المعبر الرابع المتواجد في منطقة دوار الليرمون، شمال حلب، فيُرجَّح أنه مخصص لخروج مسلحي المعارضة من مناطق سيطرتها إلى مناطق المعارضة في ريف حلب الشمالي، رغم إشارة المنشور المذكور إلى أن هذا المعبر معبر إنساني أيضاً.
ونفّذت وسائل الإعلام الحكومية السورية التابعة للنظام وعلى رأسها التلفزيون السوري الرسمي والإذاعات المحلية، حملة إعلامية كبيرة، يوم أمس، للترويج لهذه المعلومات، قائلة إن هناك فرقاً إغاثية توجّهت إلى هذه المعابر لاستقبال المدنيين الذين يفترض خروجهم من مناطق سيطرة المعارضة. لكن مصادر محلية متعددة في حلب نفت، لـ"العربي الجديد"، هذه الأنباء، لافتة إلى أن قوات النظام قصفت بقذائف المدفعية منطقة معبر بستان القصر، ظهر أمس، في ظل استنفار عسكري على جانبي خط المواجهة في المنطقة.
ويبرر مراقبون ذلك بأن النظام السوري ربما يكون غير راغب في الوقت الحالي على الأقل بخروج المدنيين من مناطق سيطرة المعارضة إلى مناطق سيطرته، وكل هذه الحملة الدعائية التي ينفذها بمساعدة روسيا تهدف فقط إلى ترويج عبارة مررها الوزير الروسي في حديثه لوسائل الإعلام، أمس، حين قال إن عملية فتح المعابر تهدف إلى "إنقاذ المدنيين الذين باتوا رهينة لدى الإرهابيين"، وهو الأمر الذي يفسر تناقض رواية النظام وروسيا القائلة بأنهم فتحوا معابر للمدنيين، مع الواقع الميداني الذي يشهد تصعيداً عسكرياً مستمراً من قبل النظام الذي يحاول قضم مزيد من مناطق سيطرة المعارضة.
ويلفت المراقبون إلى أن عملية فتح المعابر يجب أن تتم في سياق تفاهمات ميدانية وبضمانات جهات مستقلة، كالأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي، بحيث يكون مضموناً عدم حصول اشتباكات بين الطرفين في مناطق الممرات الإنسانية وعدم قيام النظام بعمليات اعتقالات عشوائية للمدنيين الداخلين إلى مناطق سيطرته من مناطق سيطرة المعارضة.
لكن المعطيات الميدانية لا تشير إلى قرب التوصل إلى مثل هذه الاتفاقات، خصوصاً مع استمرار المواجهات، أمس، بين قوات المعارضة وقوات النظام في مناطق حلب الشمالية، حيث تسعى قوات النظام للسيطرة على مخيم حندرات، شمال حلب. وفي هذا السياق، أعلنت قوات المعارضة أنها تمكنت من تدمير دبابات عدة على جبهات القتال في مناطق الملاح وحندرات، شمال حلب، وذلك باستخدام صواريخ مضادة للدروع.
هذه المعطيات الميدانية جاءت بالتوازي مع إعلان المندوب الروسي الدائم لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف، أليكسي بورودافكين، أن الأسد مستعد لبحث اقتراحات دي ميستورا حول تطبيع الوضع في سورية. وقال بورودافكين، أمس، إن موسكو تعوّل على أن دي ميستورا سيسرع إجراء المفاوضات السورية في جنيف بعد بدء العملية الإنسانية في حلب، معرباً عن أمله في أن استعداد الأسد لمناقشة اقتراحات المبعوث الأممي وإيجاد قرارات حول حلب سيساعدان دي ميستورا في المضي قدماً نحو تسوية الصراع السوري.
مقابل ذلك، يتواصل النقاش بين موسكو وواشنطن حول تنسيق الجهود العسكرية في سورية.
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة "أزفستيا" الروسية أن الأميركيين اقترحوا خلال اجتماعات وزيري الخارجية سيرغي لافروف وجون كيري، في موسكو ثم في لاوس، العمل بـ"نظام تهدئة" يتم خلاله وقف العمليات الجوية الروسية لمدة 7 أيام بهدف الفصل بين "المعارضة المعتدلة" والمجموعات الإرهابية، مشيرة إلى أن واشنطن تريد تقديم حركة "أحرار الشام" و"جيش الإسلام" من "المعارضة المعتدلة".
ونقلت الصحيفة عن مصدر قريب من المباحثات الروسية الأميركية، إشارة موسكو إلى أن "هذه المجموعات أعطيت الوقت الكافي سابقاً للتخلي عن السلاح"، مشيراً إلى أن "فصائل من التنظيمات الإرهابية، وخصوصاً جبهة النصرة، استغلت توقف القصف الجوي الروسي واستعادت جزئياً قدراتها القتالية". وأشار المصدر إلى أن الحديث يدور تحديداً عن مدينة حلب، فيما قالت الصحيفة إنه في حال استعادة قوات النظام السيطرة على المدينة، فإن انتهاء الحرب يبقى مسألة وقت لا غير.
هذا المخطط يترافق مع كلام روسي عن أن الأسد مستعد للتعاطي بإيجابية مع اقتراحات المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، حول "تطبيع الوضع" في سورية، ما يعني محاولة روسيا والنظام العودة إلى مفاوضات جنيف من موقع قوة بعد حسم الأمور لصالحهما في حلب. ويأتي ذلك مع تحذير دي ميستورا، أمس، من أن الوضع في حلب "خطير للغاية، إذ إن المؤن المتبقية لا تكفي إلا لأسبوعين أو ثلاثة"، ومطالبة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، ونظيره البريطاني بوريس جونسون، بعد لقاء بينهما في باريس، النظام السوري وحلفاءه بوقف فوري للحصار "الكارثي" على مدينة حلب، معتبرين أن الحصار "يجعل من المتعذر استئناف مفاوضات السلام".
ورغم أن فتح المعابر الإنسانية كان يُفترض أن يبدأ يوم أمس، وفق الإعلان الروسي، إلا أنه بقي حبراً على ورق حتى مساء أمس، إذ لم تُفتح أي معابر لمرور المدنيين من مناطق سيطرة المعارضة المحاصرة من قبل قوات النظام إلى مناطق سيطرة النظام السوري، إلا أن مجرد طرحه من قبل الوزير الروسي يكشف اللثام عن الخطة التي يبدو أنه تم تبنيها من قبل روسيا والنظام السوري لإخضاع مناطق سيطرة المعارضة في حلب بعد حصارها بشكل كامل. ويكرر هذا السيناريو الذي طرحته روسيا ما جرى في مدينة حمص التي سيطرت عليها قوات النظام السوري بشكل كامل منذ أكثر من عامين، حين فرضت قوات النظام حصاراً كاملاً على مناطق سيطرة المعارضة في أحياء وسط مدينة حمص التجاري وحي الخالدية ومناطق حمص القديمة منذ شهر فبراير/ شباط 2012 حتى أجبرت قوات المعارضة وسكان هذه الأحياء على القبول بعملية ترانسفير لهم إلى خارج أحيائهم في شهر مايو/ أيار 2014، بعد أن نفّذت قوات النظام حملات قصف وهجمات عسكرية برية تسببت بمقتل الآلاف من المحاصرين، قبل أن يضطر الباقون للقبول بالترحيل تحت ضغط الحصار الذي استمر أكثر من عامين.
وحدد منشور ألقته مروحيات النظام السوري، أمس، على مناطق سيطرة المعارضة في حلب، أماكن أربعة معابر إنسانية، قال المنشور إنه يمكن للمدنيين المحاصرين في حلب عبورها للخروج من الحصار. وحسب المنشور الذي حصلت "العربي الجديد" على صورة له، فإن ثلاثة من هذه المعابر تصل مناطق سيطرة المعارضة المحاصرة بمناطق سيطرة النظام السوري في مدينة حلب ومحيطها، وهذه المعابر هي معبر من حي بستان القصر الذي تسيطر عليه المعارضة وسط حلب إلى حي المشارقة الذي يسيطر عليه النظام، وسط حلب أيضاً، ومعبر من منطقة جامع الشيخ سعيد، جنوب حلب، إلى منطقة الحاضر التي يسيطر عليها النظام بريف حلب الجنوبي، ومعبر من حديقة سيف الدولة التي تسيطر عليها المعارضة، جنوب حلب، إلى منطقة ملاعب الحمدانية التي تسيطر عليها قوات النظام، جنوب حلب أيضاً. أما المعبر الرابع المتواجد في منطقة دوار الليرمون، شمال حلب، فيُرجَّح أنه مخصص لخروج مسلحي المعارضة من مناطق سيطرتها إلى مناطق المعارضة في ريف حلب الشمالي، رغم إشارة المنشور المذكور إلى أن هذا المعبر معبر إنساني أيضاً.
ونفّذت وسائل الإعلام الحكومية السورية التابعة للنظام وعلى رأسها التلفزيون السوري الرسمي والإذاعات المحلية، حملة إعلامية كبيرة، يوم أمس، للترويج لهذه المعلومات، قائلة إن هناك فرقاً إغاثية توجّهت إلى هذه المعابر لاستقبال المدنيين الذين يفترض خروجهم من مناطق سيطرة المعارضة. لكن مصادر محلية متعددة في حلب نفت، لـ"العربي الجديد"، هذه الأنباء، لافتة إلى أن قوات النظام قصفت بقذائف المدفعية منطقة معبر بستان القصر، ظهر أمس، في ظل استنفار عسكري على جانبي خط المواجهة في المنطقة.
ويبرر مراقبون ذلك بأن النظام السوري ربما يكون غير راغب في الوقت الحالي على الأقل بخروج المدنيين من مناطق سيطرة المعارضة إلى مناطق سيطرته، وكل هذه الحملة الدعائية التي ينفذها بمساعدة روسيا تهدف فقط إلى ترويج عبارة مررها الوزير الروسي في حديثه لوسائل الإعلام، أمس، حين قال إن عملية فتح المعابر تهدف إلى "إنقاذ المدنيين الذين باتوا رهينة لدى الإرهابيين"، وهو الأمر الذي يفسر تناقض رواية النظام وروسيا القائلة بأنهم فتحوا معابر للمدنيين، مع الواقع الميداني الذي يشهد تصعيداً عسكرياً مستمراً من قبل النظام الذي يحاول قضم مزيد من مناطق سيطرة المعارضة.
ويلفت المراقبون إلى أن عملية فتح المعابر يجب أن تتم في سياق تفاهمات ميدانية وبضمانات جهات مستقلة، كالأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي، بحيث يكون مضموناً عدم حصول اشتباكات بين الطرفين في مناطق الممرات الإنسانية وعدم قيام النظام بعمليات اعتقالات عشوائية للمدنيين الداخلين إلى مناطق سيطرته من مناطق سيطرة المعارضة.
لكن المعطيات الميدانية لا تشير إلى قرب التوصل إلى مثل هذه الاتفاقات، خصوصاً مع استمرار المواجهات، أمس، بين قوات المعارضة وقوات النظام في مناطق حلب الشمالية، حيث تسعى قوات النظام للسيطرة على مخيم حندرات، شمال حلب. وفي هذا السياق، أعلنت قوات المعارضة أنها تمكنت من تدمير دبابات عدة على جبهات القتال في مناطق الملاح وحندرات، شمال حلب، وذلك باستخدام صواريخ مضادة للدروع.
هذه المعطيات الميدانية جاءت بالتوازي مع إعلان المندوب الروسي الدائم لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف، أليكسي بورودافكين، أن الأسد مستعد لبحث اقتراحات دي ميستورا حول تطبيع الوضع في سورية. وقال بورودافكين، أمس، إن موسكو تعوّل على أن دي ميستورا سيسرع إجراء المفاوضات السورية في جنيف بعد بدء العملية الإنسانية في حلب، معرباً عن أمله في أن استعداد الأسد لمناقشة اقتراحات المبعوث الأممي وإيجاد قرارات حول حلب سيساعدان دي ميستورا في المضي قدماً نحو تسوية الصراع السوري.
مقابل ذلك، يتواصل النقاش بين موسكو وواشنطن حول تنسيق الجهود العسكرية في سورية.
ونقلت الصحيفة عن مصدر قريب من المباحثات الروسية الأميركية، إشارة موسكو إلى أن "هذه المجموعات أعطيت الوقت الكافي سابقاً للتخلي عن السلاح"، مشيراً إلى أن "فصائل من التنظيمات الإرهابية، وخصوصاً جبهة النصرة، استغلت توقف القصف الجوي الروسي واستعادت جزئياً قدراتها القتالية". وأشار المصدر إلى أن الحديث يدور تحديداً عن مدينة حلب، فيما قالت الصحيفة إنه في حال استعادة قوات النظام السيطرة على المدينة، فإن انتهاء الحرب يبقى مسألة وقت لا غير.