رمى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عنواناً سجالياً يُتوقع أن يشغل الرأي العام في كل من سورية وتركيا لفترة طويلة، عندما أعلن عن نية أنقرة منح الفرصة لعدد من اللاجئين السوريين للحصول على الجنسية التركية. موضوع يحمل تعقيدات عديدة على جميع المستويات في داخل المجتمع التركي أو حتى في صفوف السوريين، بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة، وبين محذر من تبعات كارثية من إمكانية سعي بعض الأطراف السياسية إلى إدخال اللاجئين في محرقة السياسة التركية الداخلية، في ظل الاستقطاب الشديد الذي يعاني منه المجتمع تاريخياً، وبين من اعتبرها مساهمة تركية غير مقصودة في حملات التغيير الديمغرافي التي يتبعها النظام السوري وحلفائه من المليشيات ذات الولاء الإيراني في عموم الأراضي السورية.
يبلغ عدد السوريين المقيمين في تركيا ما يقارب مليونين وسبعمئة ألف شخص يعيش 10 بالمئة منهم فقط في المخيمات. على المستوى القانوني، لا يتمتع السوريون بصفة لاجئ، بل يقيم جميعهم تحت بند "الحماية المؤقتة". ورغم الخدمات الكبيرة التي قدمتها أنقرة في مجال الرعاية الصحية والتعليم وأيضاً التسهيلات في مجال الشؤون المدنية والبدء بمنح أذون عمل للسوريين، إلا أن هؤلاء لا يزالون محرومين من حرية التنقل والعمل في وظائف عديدة في هذا البلد. لذلك، تبدو فرصة الحصول على الجنسية التركية حلاً لمشاكل السوريين في تركيا، والأهم من ذلك كله هو أن خطوة مماثلة من شأنها أن تمنحهم الإحساس بالأمان في ظل ما يحكى عن احتمال تغيير أنقرة سياستها الخارجية المتعلقة بالثورة السورية والنظام.
فجّر أردوغان الموضوع خلال مأدبة إفطار في مدينة كيليس الحدودية التي يتجاوز فيها تعداد السوريين عدد سكانها الأتراك، وعاشت الكثير من التوتر بين الجانبين أثناء تعرضها لقذائف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، خلال الأشهر الماضية.
وذكرت صحيفة "ميلييت" التركية، الإثنين الماضي، أن 5000 سوري حصلوا بالفعل على الجنسية في الفترة الماضية، وهو ما يبدو رقماً منطقياً خلال خمس سنوات، حيث حصل على الجنسية السوريون من ذوي الأصول التركية، سواء كانوا عرباً أو تركماناً أو أكراداً، وهي سياسة تتبعها السلطات التركية إزاء كل فرد يثبت جذوره التركمانية، وليس فقط من السوريين. وأشارت "ميلييت" إلى أن التسهيلات لمنح الجنسية ستتركز في عملية تسريع الإجراءات الرسمية للسوريين بالتحديد، بعد الحصول على الموافقات الأمنية من قبل مديريات الأمن والاستخبارات التركية، مع احتمال اقتراح الحكومة لتعديلات في القانون الخاص بشروط منح الجنسية، ستعرض على البرلمان بعد عطلة العيد، من قبل وزارة الداخلية، حيث ستتركز على تخفيض مدة الإقامة المطلوبة في تركيا للسوريين من 5 سنوات غير متقطعة إلى 3 سنوات، كما سيتم إعفاء السوريين ممن تجاوزت أعمارهم 22 عاماً من الخدمة العسكرية، مع الإبقاء على الخدمة العسكرية لمن هم ما بين 18 و22 عاماً.
وتشير شروط الحصول على الجنسية للأجانب في تركيا إلى أن من يحصل على الجنسية "إما أن يكون بلا وطن، أو بالغاً وراشداً حسب القانون التركي، أن يتمتع بالأخلاق وحسن السلوك، أن تكون مدة إقامته عند تسجيل طلب الجنسية خمس سنوات مستمرة، أن يكون صاحب عمل ويستطيع تأمين احتياجاته الشخصية ولا يكون عالة على أحد، وألا يشكل خطراً على أمن الدولة، وأن يكون قادراً على التحدّث باللغة التركية بشكل مقبول".
وأكد رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، الإثنين الماضي، أنه سيصبح ممكناً منح الجنسية "للأشخاص الذين يساهمون في نمو تركيا"، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية أدرجت أسماء اللاجئين السوريين في سجلاتها، وأنها استطاعت خلال الفترة الماضية إكسابهم شعور الحس بالوطنية تجاه البلاد، من خلال تعليم أطفالهم في المدارس التركية، ومنحهم إمكانية العمل ولو بشكل جزئي.
تأثير التجنيس على تركيا
أثارت تصريحات أردوغان المفاجئة في توقيتها جدلاً كبيراً في صفوف الأتراك؛ وبعد توالي حملتين على وسائل التواصل الاجتماعي بين معارض لمنح الجنسية ومشدد على الأخوّة التي تجمع بين الأتراك والسوريين، لم يفوّت حزب الحركة القومية (يميني قومي متطرف) الفرصة، فشن زعيم الحزب، دولت بهجلي، هجوماً شعبوياً على تصريحات أردوغان، قائلاً: "يجب أن تكون الجنسية التركية مسؤولية ومجداً وأن يكون لها ثمن، وقبل أن يحصل أحدهم على الجنسية التركية يجب أن يستحقها"، متهماً أردوغان "بالتقليل من قيمة الجنسية وقيمة دماء الشهداء الذين بنوا هذا الوطن سعياً وراء أهداف انتخابية".
ويؤكد الأستاذ المساعد في العلوم السياسية، مراد أردوغان، لـ"العربي الجديد"، مخاوف المعارضة التي يرى أنها ستجتمع على رفض منح الجنسية للسوريين. ويقول أردوغان، وهو مدير مركز دراسة السياسات والهجرة في جامعة حجة تبة، في أنقرة، وكذلك مركز دراسات الاتحاد الأوروبي: "يستطيع الرئيس التركي بموجب القوانين أن يمنح الجنسية التركية بشكل منفرد، ولا أحد يستطيع أن يمنع ذلك، وأعتقد بأن الأحزاب المعارضة جميعها سترفض منح السوريين الجنسية التركية، لعدة أسباب، يأتي على رأسها أن هؤلاء الناخبين الجدد سيكونون من حصة العدالة والتنمية، وأيضاً بسبب الهزة الذي سيحدثها تجنيس ما يقارب مليونين ونصف مليون عربي سني، سواء من ناحية التوازن الإثني أو المذهبي المهتز أصلاً في تركيا". لكن أردوغان أعرب عن شكه "في قدرة المعارضة على فعل أي شيء في البرلمان أو حتى عبر المحكمة الدستورية العليا إن اتخذ (الرئيس) أردوغان القرار". في المقابل، يؤكد مراقبون بأن "الشعوب الديمقراطي" قد لا يعترض على الخطوة، لأن زيادة عدد الأقليات في تركيا سيمنح طرحه الأيديولوجي حول "الشعوب الموجودة في تركيا" وحقها في التعلم بلغتها الأم المزيد من الشرعية على المدى البعيد.
وتبدو الإدعاءات بأن أنقرة تعمل على تجنيس العرب لتوطينهم في جنوب شرق الأناضول لضرب القضية القومية الكردية والغالبية الديمغرافية الكردية في تلك المنطقة، أمراً مبالغاً فيه بل غير منطقي، لأن تجنيس الملايين من قومية أخرى لطالما كانت منافسة للقومية التركية في ثقلها الثقافي والحضاري، أمر يتعارض مع العقل القومي التركي المؤسس للجمهورية التركية. ثم إن مليوناً أو مليونين من العرب السوريين إن تم تجنيسهم، لن يوافقوا على الإقامة في منطقة واحدة، ويفضلون بطبيعة الحال الإقامة في المدن الكبرى غير الواقعة في الجنوب والجنوب الشرقي. أكثر من ذلك، حتى لو تم تجنيس مليون أو مليونين من السوريين، فهم لن ينافسوا الـ15 مليون كردي في تركيا، من أصل 78 مليون نسمة.
على العكس من ذلك، تؤكد الصحافية التركية، عائشة جافدار، والباحثة في الأنثربولوجيا، لـ"العربي الجديد"، أن تجنيس السوريين قد تكون له تبعات إيجابية على الخطاب السياسي الداخلي لناحية تخفيف حدة الخطاب القومي التركي على المستوى الرسمي، قائلة: "أعتقد أن تجنيس السوريين ستكون له تأثيرات إيجابية لناحية تهميش سياسات الهوية المتبعة في الداخل التركي، سواء الخطاب القومي التركي المتوجس من المحيط، أو الخطاب القومي الكردي، ولكن لا أعرف إلى أي مدى ستنجح حكومة العدالة والتنمية في مشروعها، في ظل الاستقطاب الشديد على المستوى الداخلي والنزاع مع (حزب) العمال الكردستاني".
في هذا السياق، يتذكر كثيرون أن وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، سبق أن قال مراراً، إن تركيا "لن تسمح للاتحاد الأوروبي بانتقاء اللاجئين الذين ستتم إعادة توطينهم في إطار الاتفاق التركي - الأوروبي"، وأنها ستمنح الأولوية لتوطين الجرحى وغير القادرين على العمل. كما تحدثت وسائل إعلام ألمانية، في 26 يونيو/ حزيران الماضي، أن تركيا منعت أكثر من 50 لاجئاً سورياً من مغادرة أراضيها، رغم حيازتهم لتأشيرات دخول إلى ألمانيا، الأمر الذي أكدته وزارة الداخلية الألمانية حينها.
ووفقا لدوائر في الاتحاد الأوروبي، فإن تركيا اعترفت في اجتماع عقد في أنقرة، في شهر يونيو/ حزيران الماضي، بنيتها عدم السماح للاجئين المؤهلين تأهيلاً عالياً بترك الأراضي التركية.
وكانت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أعلنت، الشهر الماضي، أن أنقرة تحرم المتعلمين السوريين، كالأطباء والمهندسين، من المغادرة إلى دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما نشرته صحيفة "دير شبيغل" الألمانية، التي أشارت إلى أن أنقرة تسمح فقط لأصحاب الحالات الطبية الخطرة وأصحاب المستوى التعليمي المنخفض بالسفر إلى أوروبا.
في المقابل، أكد مصدر في الخارجية التركية، لـ"العربي الجديد"، إصرار تركيا للحفاظ على ذوي الكفاءات، قائلاً: "تسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى التركيز على الشهادات العليا في برنامج إعادة التوطين، ممن تنخفض كلفة إعادة دمجهم، بينما يودون الابتعاد عن الحالات المرضية والمعوّقين وذوي الشهادات المنخفضة وغير المتعلمين، الذين ترتفع تكاليف إعادة دمجهم وعلاجهم، وهذا أمر غير مقبول بالنسبة لنا. لسنا قادرين على تقديم الرعاية الكافية لهم في ظل العدد الكبير الذي نستقبله".
أثر التجنيس على الدبلوماسية التركية
وعن وجود خطط استراتيجية بعيدة الأمد للقيادة التركية لتثبيت المطالب القومية التركية التاريخية في ولاية حلب، أو فكرة دعم النفوذ التركي في سورية عبر تجنيس اللاجئين السوريين، يستبعد الأستاذ الجامعي، أردوغان، أن يكون ذلك وراء فكرة منح الجنسية، قائلاً: "لو أن (رئيس الحكومة السابق أحمد) داود أوغلو هو من اقترح الأمر، لكان التفكير في ذلك ممكناً، ولكن رجب طيب أردوغان من نوع القادة الذي قد يطرح أفكاراً من دون حتى التشاور مع باقي المسؤولين سواء في الحزب أو الحكومة، كما أنه لا يفكر بهذه الطريقة، فكل شيء بالنسبة له موجه لخدمة الشأن الداخلي التركي". ويضيف الأكاديمي التركي: "كما يبدو التفكير في هذه الطريقة بعيداً عن الواقع تماماً، لا أحد يعرف متى ستنتهي الحرب السورية ولا تلوح في الأفق أي بوادر لذلك، وحتى لو انتهت الحرب في القريب العاجل، فإن سورية مدمرة بشكل كامل، ولن تعود إلا نسبة قليلة إلى بلدها، بحسب جميع تجارب الحروب الأهلية في العالم، ومن ينشأ في تركيا ستصبح سورية بالنسبة له بلداً غريباً، كحال الألمان من ذوي الأصول التركية".
وتختلف آراء الخبراء حول ردود الفعل الأوروبية تجاه تجنيس اللاجئين السوريين، ويؤكد الأستاذ الجامعي نفسه بأن تجنيس السوريين على مستوى واسع سيثير غضب الاتحاد الأوروبي وقد يدفعه للمماطلة بشكل أكبر في رفع تأشيرة الدخول عن الأتراك بموجب الاتفاق التركي - الأوروبي الذي وقع في مارس/ آذار الماضي، مضيفاً: "إن منح أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين الجنسية التركية، سيسهّل عليهم الانتقال إلى أراضي الاتحاد الأوروبي وتقديم اللجوء بعد إخفاء وثائقهم والبقاء هناك". وهو الأمر الذي يعترض عليه آخرون، ومنهم الكاتب السوري المقيم في إسطنبول، والباحث في مجال علوم الاجتماع والانثروبولوجيا، محمد الربيعو، قائلاً لـ"العربي الجديد": "على العكس تماماً، قد تكون هذه إحدى مطالب الأوروبيين، لأن أحد أهم أسباب انتقال السوريين إلى أوروبا، هو الحصول على وثيقة سفر وأمل بالحصول على جنسية واستعادة الحياة الطبيعية، ثم إن تجربة السوريين في اللجوء إلى أوروبا والصعوبات التي عانوها في الطريق، غير مغرية على الإطلاق لتكرارها".
عقبات وتأثيرات اجتماعية
تحمل إمكانية حصول هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين على الجنسية التركية، دفعة واحدة، العديد من المخاطر الكبيرة سواء لناحية المجتمع التركي أو المجتمع السوري الموجود في تركيا. ويقول الخبير في شؤون الهجرة، أردوغان، عن هذا الموضوع: "بالنسبة لي، فإن الحديث عن تجنيس السوريين يبدو اعترافاً رسمياً أولاً من قبل الدولة بأن السوريين باقون ولن يعودوا إلى بلدهم، ولكن تجنيس 3 ملايين لاجئ يحمل مخاطر كبيرة، فأنا لا أعرف نموذجاً مشابهاً في العالم المعاصر. إن منح حق اللجوء والإقامة شيء، ومنح الجنسية شيء آخر، فحتى الجالية التركية المتواجدة في ألمانيا منذ الخمسينات والستينات والمقدّرة بـ3.5 ملايين شخص، لا يتمتع إلا حوالي نصف أفرادها بالجنسية الألمانية، في حين يحمل الباقون إقامات، ثم إن الجنسية هي المرحلة الأخيرة من الاندماج ولا يتم البدء بها".
من جانبها، تؤكد الصحافية جافدار، افتقار تركيا لأي خبرة في مجال الاندماج، قائلة: "لم تأخذ الحكومات التركية مسألة الاندماج على محمل الجد يوماً، سواء في موجات الهجرة الداخلية أو الخارجية، وآخر موجات الهجرة الخارجية التي تعرضت لها تركيا كانت عام 1989 بقدوم أتراك بلغاريا، جزء منهم استطاعوا بناء حياتهم بمساعدة أقاربهم واعتماداً على إمكانياتهم الخاصة، والجزء الآخر كان من الفقراء الذين سكنوا بشكل عشوائي في محيط المدن الكبرى، وهو ما حصل أيضاً خلال موجات الهجرة من جنوب وشرق الأناضول في تسعينات القرن الماضي إلى المدن الكبرى، أثناء الاشتباكات بين قوات الأمن والكردستاني، وإن كانوا يعيشون في المدن إلا أنهم كانوا معزولين تماماً، رغم أنهم يتحدثون اللغة ذاتها، فكيف بالسوريين الذين لا يجيد غالبيتهم الساحقة اللغة التركية؟".
وترى جافدار أن منح اللاجئين السوريين الجنسية التركية يبدو الحل الوحيد للحصول على حقوقهم مقارنة بالمعايير العالمية، وذلك في ظل التوقيع المشروط لتركيا على معاهدة جنيف الخاصة باللاجئين، حيث تشترط أنقرة في منح صفة اللجوء للقادمين من القارة الأوروبية فقط، محذرة من أن عدم التجهيز بشكل جيد على المستوى الاجتماعي قد يُدخل اللاجئين في محرقة السياسة الداخلية ويكسبهم عداء المجتمع المضيف، ما قد يفاقم من أوضاعهم".
الجانب السوري
اختلفت ردود أفعال اللاجئين على تصريحات الرئيس أردوغان، بين مرحب ورافض له، بحجج عديدة، يأتي في مقدمتها اعتبار أن منح الجنسية التركية سيكون بمثابة مساهمة غير مقصودة في تثبيت التغيير الديمغرافي الحاصل في سورية خلال الحرب، في الوقت الذي بدأت فيه قيادات المعارضة السورية بالمزايدة في الأمر، رغم أن عدداً كبيراً منها بات يحمل الجنسية التركية، والعدد الآخر يحمل جنسيات أوروبية بحكم حياته في المهجر منذ سنوات. وتبقى دراسة التغييرات في المجتمع السوري والتنبؤ بها، وكذلك التغييرات في مجتمعات الجوار المضيفة من أكثر الملفات تعقيداً، لناحية تبعاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إذ يجمع المراقبون والخبراء الذين التقتهم "العربي الجديد"، على أن العودة إلى الوضع الذي سبق الثورة السورية أمر مستحيل.
في هذا الإطار، يرفض الربيعو الربط بين منح الجنسية التركية للاجئين السوريين ومسألة عودتهم إلى بلادهم، قائلاً: "ليس على السوريين أن يعيشوا حياة مريرة كي يتم ضمان عودتهم إلى بلادهم، بما يشبه نموذج الإقصاء والعزل الممنهج المتخذ من قبل الدولة اللبنانية تجاه اللاجئين الفلسطينيين بحجة منع التوطين، لأن هذا النموذج سيكون كارثياً على المجتمع السوري الممزق أصلاً بفعل الحرب الأهلية، ولن يساهم في عودتهم إلى بلادهم بقدر ما سيساهم في تحويلهم إلى غيتوهات معزولة وفقيرة ومتمردة على القانون"، مضيفاً: "إن عودة اللاجئين إلى سورية مرتبطة بشكل أساسي بمدى نجاح الحكم السوري الجديد الذي سيلي الحرب الأهلية في التنمية وبناء الدولة، وإن نظرنا إلى نموذج الحرب في كوسوفو، فإن ما يقارب 10 بالمئة فقط من المهجرين عادوا بعد انتهاء الحرب، وذلك لأسباب ترتبط أولاً بسوء إدارة التنمية في الإقليم والفساد والبطالة المستشريين فيه واللذين يعتبران من أكثر العوامل الطاردة حتى لمن لم يهاجر، وأنا لا أتوقع بأن مرحلة ما بعد الحرب في سورية ستكون أفضل حالاً".
ويشير الربيعو إلى أن الحل لا يكمن في منح الجنسية التركية، بل قد يكون في منح السوريين حق اللجوء والمساعدة في الاندماج في المجتمع وبالذات عبر تعليم اللغة، قائلاً: "إن منح الجنسية لذوي الكفاءات العالية لن يحل مشاكل المجتمع السوري. والخيار الأفضل من منح الجنسية الآن، يتمثل بمنح السوريين جميعاً صفة اللاجئ، لأن ما يدفع السوريين للذهاب إلى أوروبا هي الميزات التي يتمتع بها اللاجئ هناك، من وثيقة سفر ومساعدة في تعلّم اللغة والحصول على فرصة عمل وتعليم ولم الشمل"، مضيفاً: "لا بد من أن تركز الحكومة التركية على مساعدة السوريين في تعلم اللغة التركية، فليس كل السوريين قادرون على تحمّل نفقات دورات اللغة، ولأنها المفتاح لكل شيء وبالذات لزيادة التواصل مع المجتمع المضيف وتخفيف التوتر، وأيضاً منح السوريين وثائق سفر تسهّل حركتهم داخل الأراضي التركية ومغادرتها والعودة إليها، عندها ستكون مسألة الجنسية أمراً ثانوياً لا أهمية له، يمكن الحصول عليه بحسب القوانين التركية الحالية مع الوقت ودون أن تكون له تأثيرات صادمة على السوريين والمجتمع المضيف".