وشددت المعارضة الرافضة لتعيين رئيس الحكومة المكلف على أن "الرئيس المكلف لا يملك المواصفات اللازمة لإدارة المرحلة القادمة"، موضحا أن "الاختيار قائم على المحاصصة الحزبية، وهو بعيد كل البعد عن الأسباب التي استدعت إطلاق مبادرة حكومة الوحدة".
وفي السياق، أوضح القيادي في حزب "حراك تونس الإرادة"، عدنان منصر، لـ"العربي الجديد"، أنّ "تكيلف الشاهد بتشكيل الحكومة كان متوقعا، ولم يشكل أي مفاجأة"، مبينا أنه "من غير المقبول أن يتم اختيار وزير في حكومة سحبت منها الثقة، وأن يكون هو (العصفور النادر) الذي تبحث عنه تونس".
وتساءل منصر: "كيف تتم دعوة الأحزاب إلى اجتماع قصر قرطاج الأربعاء للاستماع إلى مقترحاتها، وفي القاعة المجاورة يجلس مرشح القصر ويستعد لإلقاء كلمته؟"، معتبرا أن "العملية تفتقد إلى الاحترام، وخاصة تجاه الأحزاب المشاركة في المشاورات".
وأضاف منصر أن "موقف الأحزاب التي شاركت صعب، فهي توجد في وضع لا تحسد عليه بعد هذا الإعلان، وبعدما تم التغرير بها"، مبرزا أن "رئيس الجمهورية نفّذ ما أراده، ووسّع من صلاحياته، بجلب شخص يكون قادرا على تنفيذ التعليمات دون أي نقاش".
وأشار القيادي في "حراك تونس الإرادة" إلى أنه لا يذكر لرئيس الحكومة المكلف أي إنجاز، سواء عندما تقلّد منصب كاتب دولة، أو وزارة الشؤون المحلية، مشددا على أنه "كان الشخص الذي استنجد به الرئيس لحل الأزمة التي مر بها حزبه (نداء تونس)، وجيء به لإنصاف ابن الرئيس، وكان (المخرج) والمهندس الذي نفّذ به مؤتمر سوسة عندما كان النداء يتخبط في أزمة خانقة".
وأفاد المتحدث ذاته بأن "هذه المسرحية لو تمت في المسرح البلدي ربما لكانت أفضل، عوضا عن قصر قرطاج"، معربا عن خشيته مما سمّاه "تغوّل الرئيس في ظل نظام رئاسوي، وفي ظل الانحراف الواضح بالدستور".
وأكدت النائبة عن "التيار الديمقراطي"، سامية عبو، أنّ "في اختيار الشاهد تغليب للمصلحة الخاصة عوضا عن المصلحة العامة"، مبينة أن هذا التكليف مبني على "التسرّع"، بقطع النظر عن صلة القرابة بين الرئيس والشاهد من عدمها.
وقالت عبو، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الشاهد لا يملك المواصفات المطلوبة، وخاصة أن تونس تمر بأزمة، ولا بد من شخصية قوية لها من الكفاءة ما يمكّنها من قيادة المرحلة القادمة، وهو ما يفتقده رئيس الحكومة المكلف".
وأضافت النائبة ذاتها أن "الرئيس التونسي أراد الحفاظ على موزاين القوى لصالحه، ومكافأة الشاهد على الخدمة التي قدمها إليه في الحزب بمنحه أولا وزارة، ثم تضاعفت المكافأة لينال منصب رئيس حكومة"، مشيرة إلى أن في هذا الاختيار "تهاونا بمسار تونس ومستقبلها".
من جهته، اعتبر القيادي في "الجبهة الشعبية"، الجيلاني الهمامي، أن الجبهة توقعت أن يكلف رئيس الجمهورية الشاهد، "لأن الرئيس كان في حقيقة الأمر يبحث عن رئيس حكومة يستجيب لأوامره"، مبينا أن "لا علاقة للمشاورات بمصلحة تونس، أو حكومة الوحدة الوطنية".
وأضاف الهمامي، لـ"العربي الجديد"، أنه يمكن اعتبار هذا التكليف "هو الأسوأ على الإطلاق، وهو مستفز للشعب التونسي، وللأحزاب، وخاصة للحركة الديمقراطية"، مؤكدا أن فيه "تهديدا للدستور، وللانتقال الديمقراطي، وضربا لأسس بناء الدولة".
وأكد القيادي في "الجبهة الشعبية" أن الخطير في هذا الاختيار هو "الرغبة في التوجه بالحكم إلى الحكم العائلي، وخلق فضاء للنفوذ العائلي، الأمر الذي لا يتماشى ومبادئ الجمهورية"، موضحا أن "ما حصل مؤشر سلبي، والحكومة القادمة لن تكون لها أي علاقة باستحقاقات المرحلة القادمة، ولا مشاغل الشعب، ولا المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها تونس".
وقال القيادي في "حزب المسار"، فوزي الشرفي، لـ"العربي الجديد"، إن الحزب شارك في مشاورات حكومة الوحدة الوطنية على أمل تخليص تونس من المخاطر المحدقة بها، وأمام عدم استجابة حكومة الحبيب الصيد لمتطلبات المرحلة، مبينا أن الحزب قام بدوره السياسي المطلوب، ووقع على وثيقة قرطاج التي تتضمن مجموعة من الأولويات.
وأوضح الشرفي أن "المرحلة الثانية من المشاورات شكلت مفاجأة، حيث كان الاتفاق ينص على أن تركز المشاورات على هيكلة الحكومة ومواصفات رئيس الحكومة، واختيار الشخصية الأقدر على قيادة البلاد"، وأن مطلبهم كان ألا تكون الشخصية متحزبة، "لكن رئيس الجمهورية اختار تقديم وتكليف مرشح وحيد".
وأضاف المتحدث أن "المبدأ الذي قامت من أجله حكومة الوحدة الوطنية تم الانحراف به، وأن الحزب لا يوافق هذا الاختيار، لأنه كان يأمل بتعيين شخصية لها خبرة وقوة ونظرة اقتصادية واجتماعية تؤهلها لقيادة المرحلة"، معتبرا أن "المسار لم يعد معنيا بالمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية، لابتعادها عن المعايير التي استدعتها، وأنه تم ببساطة توسيع الائتلاف الحاكم بإضافة حزب المبادرة، وبالتالي يمكن الحديث عن حكومة ائتلافية".
وأكد أن "المسار"، وبقطع النظر عن موقفه من رئيس الحكومة، فإنه قرر مساندة الحكومة ودعمها لكي تنجح في مهامها، "لأن المهم هو تطبيق ما ورد في وثيقة قرطاج، واحترام الأفكار والأولويات التي وردت في الوثيقة"، مبينا أنه "في حالة إخفاق الحكومة، فإنه ستتم محاسبتها بعدما يتم الحكم عليها من خلال النتائج التي ستحققها".