واعتبرت الباحثة في الشؤون الأوروبية وحقوق الإنسان، المديرة السابقة للمرصد الأوروبي المتوسطي، أماني السنوار، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هذا المؤتمر الأكاديمي الذي يستند على البحث العلمي، أكد أن موضوع المقاطعة يتعرض لظلم في الإعلام العربي، من خلال الأطروحات الشعبوية التي تسلم بأن الغرب منحاز بالمطلق لإسرائيل، وإن كان هناك بعض الصحة، ولكن ذلك كان يضعف من العمل في وسائل المقاومة الشعبية، ومن ضمنها المقاطعة، وطرح دولة الاحتلال كما هي، في سوئها أمام العالم".
ورأت أن "فائدة مثل هذا المؤتمر أنه يأخذ تلك الأطروحات نحو نقاش جدي وأكاديمي، يكتسب أهمية كبيرة لناحية بحث وتقييم نجاعة مثل هذا الموضوع الحساس وبشكل علمي، بعيداً عن الشعارات الكبيرة".
تناول علمي
وزير الثقافة التونسي السابق، مدير فرع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس، مهدي مبروك، بيّن أن "أهمية المؤتمر تكمن في تناوله مسألة المقاطعة من خلال دراسات علمية، وبالحجج الاقتصادية، بالأرقام والجداول".
وأكّد أنّ "المؤتمر نجح في إثبات أن لحظة الانكفاء القطري باهتمام الناس بعد الثورات العربية، بالشأن الوطني، ربما قد حجبت عنا أهمية النضال"، مشيراً إلى أهمية وجود "فعاليات مدنية في مجال حقوق الإنسان، وتفعيل المقاومة الشعبية".
وأضاف أنّ "النخب العلمية والجماعات البحثية، ومن خلال تناول هذا الموضوع، يمكنها التشبيك ومد جسور مع الجماعات العلمية الغربية، ومن هنا تكمن أهمية هذا المؤتمر الأكاديمي البحثي وجدواه".
بدوره، أكد الباحث والكاتب البحريني، راشد الجاسم، لـ"العربي الجديد"، أنّ مؤتمر المقاطعة "ساهم في إتاحة الفرصة لطرح مواد بحثية أكاديمية تفيدنا جميعاً كباحثين، لنقلها إلى بلداننا في ظل غياب النخب".
ولفت إلى أن "هناك صراعاً في المحاور الإقليمية وتشرذماً طائفياً وانقساماً فلسطينياً، فالطرح البحثي الأكاديمي من خلال النخب هو متميز، لأنه يصدر عن أناس غير منحازين وعلميين".
أما الأستاذ الجامعي الكويتي، عايد عتيق الجريد، فشدّد في تصريحٍ لـ"العربي الجديد"، على أن المقاطعة "سلاح مهم، والمؤتمر ساهم في طرح أكاديمي بحثي، وبالأرقام، كيف أن المقاطعة مهمة ومؤثرة".
فهم الخبرات
كذلك، بيّن الباحث الفلسطيني المقيم في واشنطن، أسامة أبو ارشيد، لـ"العربي الجديد"، أن "أهم نقطة ناقشها المؤتمر هي فهم الخبرات في أكثر من مكان، فالمقاطعة من خلال ما طرح تجدها منتشرة أكثر في الولايات المتحدة وأوروبا، مما هي عليه في العالم العربي".
وأضاف "المواطن العربي يفترض بأن دوله مقاطعة، لكن عملياً هي ليست كذلك. فمن الجيد أن نتبادل الخبرات وأن نعرف كيف تسير حركة المقاطعة، وما تستهدفه وكيف نستفيد منها وكيف نعمل لنقاطع، لأننا نحتاج إلى صناعة تسمى المقاطعة لتشمل الكثير من الشركات والتوجهات العقلية والممارسة والمنهج المؤيد لدولة الاحتلال. وفي ذلك أمر جيد لنستفيد منه كعرب من خلال مؤتمر أكاديمي للعمل بشكل أوسع على مسألة المقاطعة".
وبدا من نتائج النقاشات أن "حالة المقاطعة التي انتشرت ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، قد أخذت سنوات قبل أن تصل أوجها في الثمانينيات، بتضافر جهود كبيرة. وهو أمر نأمل أيضا الاستفادة منه في قضية المقاطعة ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي بتضافر كل الجهود"، وفق أبو ارشيد.
اتساع المقاطعة
أما عضو المجلسين الثوري لحركة فتح والمجلس الوطني الفلسطيني، معين الطاهر، فرأى في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المؤتمر اكتسب أهمية كبيرة بسبب اتساع حركات المقاطعة في العالم بأسره على مستويات أكاديمية واقتصادية متعددة ضد الكيان الصهيوني".
كما طرح المؤتمر أيضاً، وفق الطاهر، "أوراقاً بحثية حول المقاطعة القانونية، وكيفية تعزيز المقاطعة في العالم العربي. كما طرح النموذج الجنوب أفريقي الذي يعتبر مهما جدا للاستفادة من التجربة".
أساليب النضال
من ناحيته، لفت الباحث شريف أبو شمالة رئيس مؤسسة القدس في ماليزيا إلى "أهمية البحث الأكاديمي في مسألة المقاطعة، فهي تعطي صورة وتمنح استشرافاً حول مستقبل أحد أساليب النضال".
وأشار إلى أن "المؤتمر كان غنياً بما طرح، من حيث النجاحات والإخفاقات، وما يمكن الاستفادة منه لتأطير العمل وتوسيع فائدته، بمفهوم شامل أبعد من البضائع، بحيث نصل إلى مرحلة نجد فيها محاصرة حقيقية للكيان الصهيوني، لإنهاء هذا الاستعمار الجاثم منذ عقود".
الباحث التونسي وأستاذ تاريخ العلاقات الدولية فرج معتوق قال لـ"العربي الجديد"، إن "البعض وقبل أن يعرف ما يدور في مؤتمر أكاديمي بحثي، اعتقد أن المؤتمر يهدف لشيء آخر. ذلك يستند على فكرة الاستقطاب والكراهية الشديدة بحيث يفقد أصحابها التوازن. هذا ما شاهدناه في اليوم الأول (هجوم شبيحة الأسد على مؤتمر أكاديمي قبل أن يعرفوا أي شيء عنه)".
وأرجع معتوق أهمية المؤتمر إلى كونه "مؤتمراً بحثياً، والأول من نوعه في العالم العربي، دون مشاهد الكاريكاتور التي يريدها كارهو الربيع العربي في مرحلة الجنون، دون فهم لمسألة أننا جميعا في نفس المركب، حين يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني".
وأضاف: "على الرغم من أن المتداخلين في أغلبهم عرب، إلا أننا استمعنا لآراء ورؤى متعددة، بطرق محترمة وبحثية راقية".
وفي سياق الهجوم الذي تعرض له المؤتمر، بيّن منّسقه؛ الباحث أحمد حسين، لـ"العربي الجديد"، أن "البعض وبدون مراجعة لما يجري ظن هكذا بمواقف مسبقة، بأنه مؤتمر سياسي، واتخذ مواقفه بدون أن يتبين بأنه مؤتمر أكاديمي بحثي، وليس أي شيء آخر سوى ذلك".
وأكد أن "المركز العربي ليس مركزا سياسيا ولا جهة تنظيمية، بل هو مركز يستند على البحث الأكاديمي، كمعيار لعمله. ولكن في العموم، نجح المؤتمر في جمع هذا العدد من الأكاديميين حول العالم، وبالتأكيد أثارت الأوراق البحثية والنقاشات قضية المقاطعة التي تتسع يوماً بعد يوم".
تكثيف المقاطعة في الغرب
الباحث والكاتب الفلسطيني، الدكتور خليل جشهان، قال لـ"العربي الجديد" إن "المؤتمر مهم جداً من ناحية المحتوى والتوقيت. فعملية المقاطعة تدخل الآن في مرحلة جديدة بعد 11 سنة من العمل في الغرب".
وأضاف "نحن أمام تحديات، بسبب ملاحقة المقاطعة بكثافة في الغرب. أظن ما نوقش بالمؤتمر هو بشكل علمي كيف يمكن أن تحمى تلك الحركة. الساحة الأميركية تختلف عن أوروبا كثيرا، فتفاصيل الحالة الأميركية واللعبة السياسية مهمة جداً للعالم العربي وللعاملين في حقل القضايا العربية في هذا التوقيت تحديدا".
وقد بيّنت الدراسات التي قدمها بعض الخبراء والاختصاصيين أن إمكانات المقاطعة فلسطينياً أمر ممكن.