موجة اغتيالات تطاول قادة مليشيات عراقية... واتهامات لجناح إيران

13 سبتمبر 2016
استُبعدت فرضية "وقوف عناصر إرهابية" خلف الاغتيالات (حيدر هادي/الأناضول)
+ الخط -

تشهد مناطق مختلفة من بغداد عمليات اغتيال نوعية وبشكل تصاعدي، تطاول قيادات في مليشيات الحشد الشعبي، ومن فصائل محددة دون غيرها. وكانت لمناطق الصدر والشعلة وبغداد الجديدة والكاظمية وحي أور، النصيب الأكبر فيها خلال الأسابيع الأربعة الماضية، وسط معلومات متضاربة عن سبب تلك الاغتيالات ومن يقف وراءها، خصوصاً أنها تقع في معاقل المليشيات المحصنة داخل بغداد. وهو ما دفع قادة وزعماء المليشيات إلى اتخاذ تدابير أمنية أكبر، بدت واضحة على منازلهم ومكاتبهم والحماية التي ترافقهم في تنقلهم.

وكان ممن طاولتهم موجة الاغتيالات تلك، الشيخ حسن عبد العال الدراجي، القيادي في مليشيا سرايا السلام، التابعة لمقتدى الصدر، وذلك عندما أطلق ملثمون النار عليه أمام باب منزله في قطاع 71، بمدينة الصدر، شرقي بغداد، بعد يوم واحد على عودته من إجازة، لكونه يعمل كقائد وحدة قتالية في المليشيا بمحافظة صلاح الدين. كما اغتيل أحمد طلال، القيادي في لواء اليوم الموعود، ثم الحاج سمير عبود، المعروف باسم "أبو عراق"، في حي أور، شرقي بغداد.

وللمرة الأولى يتم استبعاد فرضية "وقوف عناصر إرهابية" خلف الهجوم، كما لا يُتهم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أو أي جماعة مماثلة بالوقوف خلف تلك الاتهامات، المركّزة اليوم على فصائل ومليشيات مسلحة تعمل داخل الحشد الشعبي نفسه، تنفذ رغبة إيرانية بالتخلص من القادة الميدانيين بالحشد، ممن يملكون شعبية واسعة في محيطهم وبين أفراد مليشياتهم وبنفس الوقت لديهم تحفظ أو معارضة على تولي الحرس الثوري الإيراني مهمة تحريك مليشيات الحشد والإشراف عليها، وآخرها نقل مئات منهم إلى حلب السورية لدعم نظام بشار الأسد.

وتتوجّه أصابع الاتهام إلى مليشيات العصائب والخراساني وحزب الله العراقي والنجباء، بالوقوف وراء عمليات تصفية القيادات التي رفضت تحكّم إيران بالحشد الشعبي، لا بل هاجمت رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، وقائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، عقب إرساله المئات من عناصر الحشد إلى حلب.

ومن أبرز الفصائل التي طاولتها يد الاغتيالات المنظمة، سرايا السلام ولواء اليوم الموعود ومليشيا العباس ومليشيا أبناء المرجعية ومليشيا جند الإمام، وتشكيلات أخرى منضوية تحت ما يعرف حالياً بهيئة الحشد الشعبي، البالغ تعداد فصائلها 73 فصيلاً مسلّحاً. ويلاحظ أن المليشيات التي تم استهداف قادتها أو زعماء فيها، تابعة لمقتدى الصدر أو مرجعيات داخل النجف وكربلاء. 




في المقابل، ووفقاً لما تؤكده مصادر أمن عراقية، فإن مليشيا السلام ولواء اليوم الموعود نفّذتا عمليات اغتيال مقابلة، رداً على اغتيال قادة وعناصر بارزين. وتتهم تلك المليشيات بالوقوف وراء عملية اغتيال علي محمد الجزائري القيادي البارز بمليشيا العصائب داخل منزله، عندما اقتحم ملثمون المنزل بمنطقة الكرخ وسط بغداد، وقتلوه مع زوجته وأطفاله ثم أحرقوا المنزل.

وحالياً تشهد مناطق الصدر والشعلة وبغداد الجديدة وحي العامل والكاظمية والزعفرانية والبياع، إجراءات أمنية مشددة وانتشارا لأفراد المليشيات لمواجهة عمليات الاغتيال، التي تتم بواسطة عبوات لاصقة أو هجمات مسلحة بواسطة مسدسات كاتمة للصوت. وتعود الخلافات بين مليشيات جيش المهدي بزعامة الصدر ومليشيا العصائب إلى سنوات طويلة، بعد انشقاق قيس الخزعلي عن المليشيا الأم (جيش المهدي) وتشكيل مليشيا بمفرده والحصول على دعم من إيران.

وفي بغداد الجديدة قُتل قيادي بمليشيا سرايا السلام يدعى أحمد نعامة، ليتم الإعلان بعد ساعات عن مقتل القيادي رضا الركابي، الذي وُجد مقتولاً داخل سيارته في أحد أزقة المنطقة. وبحسب مصادر داخل منطقة الصدر، شرقي بغداد مقرّبة من مليشيا سرايا السلام، فإن ثمانية قياديين بارزين بالمليشيا اغتيلوا خلال الأسابيع الأربعة الماضية في بغداد وضواحيها. وتؤكد المصادر ذاتها لـ"العربي الجديد"، أن "الحديث يدور الآن عن أن الاغتيالات تنفذها إيران بواسطة مليشيات تابعة لها، بهدف تصفية الساحة خلال الفترة المقبلة لخطوات مهمة وحاسمة".

ووفقاً لزعيم قبلي في مدينة الصدر، يعمل نجله كقيادي في مليشيا سرايا السلام، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن "جميع من تمّ اغتيالهم، هم من الرافضين لوصاية إيران على الحشد الشعبي والراغبين بتغيير الواقع السياسي في المنطقة الخضراء وإصلاح حال البلاد، أو من الذين رفضوا إرسال المقاتلين لحلب". وبيّن أن "نجله غادر إلى الأنبار للقتال هناك، فاحتمالية مقتله غدراً، كبيرة إذا بقي في المنزل مدة طويلة".

وحول الجهة التي تنفذ العمليات قال "لا يوجد غيرهم، إنهم خط المرشد". وتستخدم عبارة خط المرشد على نطاق ضيق بين العراقيين، في الدلالة عن الفصائل التي تتلقى أوامرها بشكل مباشر من إيران المرشد المقصود علي خامنئي، وأبرز تلك الفصائل هي العصائب والخراساني وحزب الله العراقي والنجباء.