لم يمنع شتاء العاصمة الأميركية واشنطن مئات المواطنين من الخروج ليلاً لمتابعة المناظرة الأولى للانتخابات الرئاسية في المقاهي والحانات المنتشرة في شوارع المدينة، في أجواء تشبه ليلة المباراة النهائية لكرة القدم الأميركية، اللعبة الشعبية الأولى في أميركا.
واكتظت أماكن مثل "دبون سيركل"، و"جورج تاون"، وآدمز مورغن"، و"يو ستريت"، بالمشاهدين من كافة الأعمار والأجناس قبل بدء المناظرة بنحو ساعة، لتبدأ صيحات التهليل خلالها.
رصد "العربي الجديد" أجواء المناظرة وآراء الناس فيها، وتوقعاتهم قبل بدئها وخلالها وبعد انتهائها. وسيطرت سمتان رئيسيتان على الأجواء في العاصمة؛ الأولى أن الغالبية الكاسحة من المشاهدين كانت مع انتخاب المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، والثانية هي أنصار كلينتون، وللمفارقة، كانوا إجمالاً غير مؤيدين لشخصها، لكنهم يريدون تجنّب ترامب، وهو ما يشبه ظاهرة "عاصري الليمون" من الناخبين، والتي اشتهرت بها العواصم العربية في انتخابات ما بعد الثورات.
وبررت لورا (30 عاماً)، في حديثها لـ"العربي الجديد"، الاختفاء شبه التام لأنصار ترامب من مقاهي واشنطن بأن "العاصمة متنوعة على مستوى العرق والدين واللون، كما لكل شخص أميركي عائلة أو أصدقاء من خلفيات مختلفة، ما يجعل من الصعب تصديق أحاديث ترامب أو تأييدها". وتضيف أن مستوى التعليم عالٍ في واشنطن، كما نسبة الوعي، وهذا ما يجعل العاصمة مختلفة ومتحررة فكرياً عن غيرها.
وأضافت لورا، أثناء متابعتها المناظرة، أن هذه الانتخابات ستكون صعبة فعلاً، لأن ترامب بالنسبة لها لا يمتلك الكفاءة اللازمة ليكون مرشحاً، مشيرة إلى أنها تصف نفسها بأنها "معتدلة ولا تميل لأي من المرشحين، لكن لا مفر من اختيار كلينتون".
بدوره، قال وليم بيرني، وهو رجل خمسيني، أميركي من أصول أفريقية، ولد ونشأ في واشنطن، في حديثه لـ"العربي الجديد"، "لا أفضّل الاثنين، لكنني مضطر للاختيار بينهما، وسأختار هيلاري"، مبرراً قوله هذا بأن "العنصريين من البيض موجودون بكل مكان في أميركا، لكن أوباما كان يضغط عليهم ويقلل ظهورهم لكن إذا فاز ترامب فسيعودون بقوّة".
أما نورا مصطفى، وهي فتاة عشرينية أميركية من أصول مصرية وسودانية، تقيم في تكساس، وكانت في زيارة إلى العاصمة واشنطن، واهتمت بمتابعة المناظرة لتشاهد ماذا يقدّم كلا المرشحين، وكانت متشوقة جداً لذلك، وانتهت بعد المناظرة إلى نتيجة مفادها بأن "ترامب ليست لديه خطة، ولا شيء يقدمه لأميركا".
فيما توقع جيستون، والذي يعمل في أحد مقاهي المدينة، أن تكون هذه الانتخابات صعبة في تحديد الفائز، حتى مع توقع ارتفاع حظوظ هيلاري، لأن عدداً كبيراً من الناس في أميركا لديهم تحفظات على طريقة عمل النظام السياسي القائم.
أما إيمليا وروبرتن فهما صديقان قرّرا أن يحضرا لمشاهدة المناظرة ليسمعا وجهات نظر الآخرين عنها، إذ "من الجيد أن تشاهد مناظرة سياسية بين آخرين"، كما يقولان، وكذلك قررا مشاهدتها معاً ليعرفا كيف ستقرر كلينتون محاورة ترامب في المناظرة.
ويقول روبرت إنّه يشعر بالإحباط كأميركي عندما يرى المنافسة تنقسم مناصفة بين هيلاري وترامب، طارحاً سؤاله: "كيف يحظى شخص لا يقبل الآخرين بهذا التأييد؟"، لكنه يرى أن هيلاري كانت واضحة في أفكارها وأدائها. فيما أعربت إيميليا عن شعورها بالسعادة بسبب أداء كلينتون في المناظرة، بوصفها إحدى المؤيدات لها، وترى أن المناظرة المقبلة ستكون أكثر تنظيماً.