أثارت القناة الإسرائيلية، مساء أمس الأربعاء، جدلاً بعدما نشرت ما ادعت أنه وثيقة رسمية لعميل المخابرات الروسية السابق فاسيلي ميتروخين، يعود تاريخها إلى العام 1983، وتزعم أنّ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، تعاون في ذلك الوقت مع المخابرات السوفييتية، "كي جي. بي" تحت اسم "كروتوف" في العاصمة السورية دمشق.
ونقل موقع "معاريف" عن عدد من خبراء أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والمؤسسات الأمنية، أنهم لا يولون أهمية لنشر الوثيقة التي تتضمن قائمة بأسماء وكالات ومتعاونين مع المخابرات السوفييتية في العاصمة السورية خلال تلك الفترة.
ونقل الموقع عن رئيس مجلس الأمن القومي سابقاً الجنرال يعقوف عامي درور، قوله إنّ "كل زعيم عربي في الشرق الأوسط كان في مرحلة معينة من حياته عميلاً لدولة عظمى".
وبحسب الموقع، فإنّ علاقات عباس في تلك الفترة مع روسيا، لم تكن خافية على أحد، لاسيما أنّ منظمة التحرير الفلسطينية كانت في صف الاتحاد السوفييتي.
وادعى الباحث الإسرائيلي عيران ليرمان الذي شغل في السابق منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي، ورئيس لواء في شعبة الاستخبارات العسكرية أنه "ليس مفاجأً من هذه المعلومات، المعروفة والمعلنة منذ سنوات. أنا أكرر منذ زمن طويل أنّ أبو مازن وسائر ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية في تلك الفترة، كانوا يمثلون مصالح الدول المضيفة لهم، أو مؤيديهم".
وأضاف ليرمان أنّ "أطروحة الدكتوراة التي وضعها أبو مازن، وتنفي حدوث الهولوكوست، هي نص سوفييتي كلاسيكي معاد للسامية، وعمل أبو مازن مع السوفييت، يفسر كيف نجح في إقناع منظمة التحرير في التوجه قبل الجميع للولايات المتحدة في أواخر الثمانينات، والاتصال بإدارة ريغن ومن ثم بإدارة بوش، لأنهم أدركوا قبل الجميع أنّ الاتحاد السوفييتي على وشك الانهيار، وأنه يستحسن لهم أن يغيروا ولاءهم بسرعة".
أما عميل الموساد السابق جاد شومرون فلفت إلى أنّه لم يفاجأ بنشر الوثيقة المذكورة، لكنّه اعتبر أن مثل هذا التعاون كان سائداً في ذلك الوقت.
وقال إنّ "الاتحاد السوفييتي لم يميّز في حينه بين التجسس وبين السياسة الخارجية، فقد عمل الجميع لتحقيق الهدف، ولذلك عندما فعّل الاتحاد السوفييتي منظمة التحرير كجزء من سياسته الخارجية وذراع لها، كان واضحاً أن هذا الاستخدام لم يقتصر على أغراض الدعاية فحسب وإنما كان أيضا لأمور التجسس".
ورأى شومرون أنّه "لا يمكن القول إنّ أبو مازن كان متعاوناً مع "كي جي بي"، وإنما كان على اتصال معه وكانوا يستشيرونه ويحصلون منه على معلومات. واضح جداً أنّ من يحصل على شهادة دكتوراة من السوفييت يعمل لصالحهم"، لافتاً إلى أنّ نشر الوثيقة "لا يعني شيئاً في الواقع".
وأفادت الإذاعة الإسرائيلية أنّ "الباحثين الذين عثروا على الوثيقة، هما الصحافي السابق غدعون ريمز وإيزبيلا غيتا من معهد هاري ترومان التابع للجامعة العبرية في القدس"، مشيرة إلى أنّهما حولا الوثيقة لمحرر الشؤون الدولية في القناة الأولى أورن نهاري الذي قام بنشرها.
في المقابل اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان إيتان جلبواع، أنّ توقيت نشر الوثيقة الآن بالذات يشير إلى محاولة لإفشال عقد لقاء قمة بين عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برعاية روسية في موسكو.
ولم يستبعد جلبواع أن يكون الهدف من نشر الوثيقة، "محاولة تشويه صورة أبو مازن في الشارع الفلسطيني".
وقال الباحث في معهد هاري ترومان للإذاعة الإسرائيلية الصحافي غدعون ريمز، إنّه "من المحتمل أن تكون هناك معرفة سابقة بين نائب وزير الخارجية الروسي ميحائيل بوغدانوف وبين عباس"، مشيراً إلى أنّ بوغدانوف عمل في تلك السنوات في السفارة الروسية في دمشق، معتبراً أنّ "على الحكومة الإسرائيلية أن تطلب من السلطات الروسية الحصول على نسخة من ملف عباس".