أقرّ الجيش الإسرائيلي بتراجع "جودة" القوى البشرية التي تشغل المواقع القيادية فيه، علاوة على اعترافه بنقص في عدد المجندين المرشحين للالتحاق بدورات إعداد الضباط في الوحدات المقاتلة، حسبما جاء في تقرير لهيئة الأركان، عرضت صحيفة "هآرتس" مقتطفات منه يوم الأحد. في هذا السياق، ذكر التقرير أن "قدرة الجيش الإسرائيلي على تجنيد مقاتلين في الوحدات الميدانية من كل طبقات السكان تتراجع بشكل مطرد، ما قلص عدد المرشحين لتولي مناصب قيادية". واعتبر أن "هذا الواقع أفضى إلى مسّ تدريجي بنوعية القيادات في الجيش، التي عادة ما تبرز من بين صفوف الوحدات القتالية تحديداً".
وأوضح التقرير الذي أعدته شعبة "العلوم السلوكية" في الجيش، حدوث "تآكل متواصل على الدافعية للانضمام لسلك الضابطية في أوساط المجندين، الذين يمتازون بمزايا عالية للاندماج في الوحدات القتالية إلى جانب تراجع رغبتهم في تولي مواقع قيادية". وأشار إلى أن "الشباب النوعيين، الذين تدل أوضاعهم الصحية والبدنية وقدراتهم العقلية وبيئتهم الثقافية على أنهم الأكثر تأهيلا للخدمة في الوحدات القتالية، يختارون الالتحاق بوحدات غير مقاتلة، ولا سيما تلك التي تقع ضمن شعبة الحوسبة ووحدات السايبر، وأذرع سلاح الجو المتخصصة بالتحكم بالطائرات من دون طيار ومنظومات الدفاع الجوية، وبقية المنظومات التي تعتمد على التقنيات العالية".
وتضمن التقرير نتائج "مقلقة" لاستطلاع أجري في أوساط الجنود أظهرت أن "40 في المائة فقط منهم، يرون أن الخدمة في الوحدات المقاتلة تمثل إسهاماً في خدمة أمن الدولة". ودلل الاستطلاع على أن 61 في المائة فقط من الجنود، الذين التحقوا بالخدمة في عام 2016، أعربوا عن رضاهم عن مستوى قادتهم المباشرين، في حين بلغت النسبة 65 في المائة في عام 2014 و76 في المائة في عام 2012.
من جهته، اعتبر المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، أن "تفضيل الشباب النوعيين الاندماج في الوحدات التكنولوجية غير المقاتلة، يتناقض مع الأسطورة التي رسمها الجيش الإسرائيلي لمقاتليه، الذين يشقون طريقهم نحو القيادة من خلال الالتحاق بالوحدات الميدانية المقاتلة وألوية الصفوة، التي تتحمّل أعباء القتال في ساحات المواجهة الميدانية". ورأى أن "تراجع جودة القيادات العسكرية يعتبر تطوراً طبيعياً في ظل تقلص هامش المرونة أمام الجيش عند اختيار المرشحين للانخراط في دورات الضباط، على اعتبار أن الفئات الأكثر ملاءمة من ناحية صحية وبدنية وثقافية تتجه إلى الوحدات غير المقاتلة".
بدوره، أشار المتخصص في دراسة الجيش يجيل ليفي، إلى سبب آخر يسبر أغوار ظاهرة تراجع الدافعية للالتحاق بالوحدات القتالية في الجيش في أوساط "العلمانيين" الإسرائيليين. ففي كتابه الصادر أخيراً "القائد الإلهي"، اعتبر ليفي أن "تبنّي اقتصاديات السوق والعولمة أقنعت الكثير من الشباب العلماني، ولا سيما في المدن الكبرى، بالاهتمام بمسارات ريادة شخصية غير مرتبطة بالخدمة العسكرية"، مشيراً إلى أن "هذا ما يفسر تهيئة الظروف أمام التيار الديني الصهيوني للانقضاض على المواقع القيادية في الجيش".