أعلن مئات السياسيين والمفكرين والنشطاء وعدد من رموز الحركة الوطنية والتيارات السياسية في مصر، رفضهم العبث بالقانون والدستور ومبدأ استقلال السلطة القضائية وتعمُّد إحداث صدام بين السلطات وخلق أزمة دستورية في البلاد، بعد قرار إحالة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المصرية السعودية إلى مجلس النواب.
وجاء في البيان الصادر اليوم، تحت عنوان "بيان إلى الأمة"، والذي وصلت لـ"العربي الجديد" نسخة منه "في وقتٍ تواجه فيه مصر أزمة اقتصادية طاحنة، وظروفا إقليمية ودولية مضطربة، وهو ما يحتاج إلى حشد قوى الشعب المصري بأكمله، وتقوية الجبهة الداخلية بما يساعد على مواجهة تلك الأزمة وهذه الظروف، فوجئ الشعب المصري بقرار مجلس الوزراء بإحالة اتفاقية ترسيم الحدود الموقّعة بين الحكومة المصرية والحكومة السعودية، بتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير إلى مجلس النواب للتصديق على هذه الاتفاقية، للعمل بموجبها".
واعتبر البيان قرار الحكومة المصرية باطلاً، ويشوبه العوار السياسي والدستوري.
وقلّل الموقعون على البيان، وفي مقدمتهم الناشط السياسي والحقوقي جورج إسحاق، والسياسي محمد أبو الغار، والناشطة إسراء عبد الفتاح، والدكتور أحمد البرعي، من أهمية موافقة مجلس النواب على الاتفاقية، مشيرين إلى أنها "لن تكون نافذة"، لأن المادة 151/3 من الدستور المصري تؤكد أنه "لا يجوز إبرام أي معاهدة تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة".
واعتبر البيان أنّ توقيت صدور القرار المصري يدل على انعدام الوعي السياسي للحكومة، حيث إن الحكم النهائي في هذا الموضوع حدد لصدوره يوم 16 يناير/كانون الثاني الجاري، من المحكمة الإدارية العليا، ونظراً لأن حكم المحكمة الإدارية، وتقرير مفوضي الدولة لدى المحكمة الإدارية العليا، جاءا ليؤكدا أن الجزيرتين موضوع الاتفاقية مصريتان منذ عام 1906، أي قبل وجود السعودية في العام 1932.
وشدد البيان على أن الإجراء الذي اتخذه مجلس الوزراء المصري يمثل اعتداءً سافراً من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية التي حددت للنطق بالحكم النهائي الباتّ، يوم الاثنين 16 يناير الجاري، مضيفاً "ولا شك أن التوقيت الذي اختاره مجلس الوزراء هو توقيت مشبوه، لأن الاتفاقية وُقّعت في الثامن من إبريل/نيسان 2016، ولم تقم الحكومة بإحالتها إلى مجلس النواب إلا في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2016، فما هو وجه العجلة الذي يدفع الحكومة للإسراع بعد طول انتظار بإرسال الاتفاقية إلى مجلس النواب؟".
وهو ما رد عليه البيان بالتأكيد أن سببه هو "خشية الحكم النهائي الذي سيصدر في 16 يناير".
ودعا البيان الشعب المصري للوقوف صفاً واحداً والتصدي لمحاولات التفريط في أرض الوطن.
وكان ممثلون عن "التيار الديمقراطي" و"الحملة الشعبية للدفاع عن الأرض" وشخصيات وطنية، قد عقدوا اجتماعا طارئا بمقر حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي"، مساء أمس الأحد، لمواجهة الأوضاع المترتبة على موافقة الحكومة على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية وإحالتها لمجلس النواب.
وثمّن المجتمعون البيانات والمبادرات التي صدرت عن الحملة الشعبية للدفاع عن الأرض وعن أحزاب وقوى وطنية وحركات شبابية، وأكدوا حق التظاهر السلمي، وحذروا من استعمال العنف والقبض مع المتظاهرين السلميين، وأعلنوا انضمامهم إلى كل مبادرة تنطلق من احترام الدستور والقانون واعتبارات الجغرافيا والتاريخ، وضرورات الأمن القومي المصري، والدفاع عن مصر دولة ديمقراطية موحدة لا تقبل التجزئة.
واتفقت الأحزاب والقوى والشخصيات المجتمعة على دعوة المصريين إلى استخدام كل أشكال النضال الديمقراطي السلمي لإسقاط هذه الاتفاقية الباطلة، ومنها: الضغط على النواب في الأحياء والمحافظات، كل في دائرته لرفض مناقشة الاتفاقية من حيث المبدأ، وتنظيم حملات سلميّة ضد الاتفاقية وجمْع التواقيع على رفضها، وأيضا دعوة الأحزاب السياسية والشخصيات والقوى المجتمعية للاجتماع على مواجهة الاتفاقية، وتوجيه خطاب مفتوح إلى النواب يحذر من مغبة نظر البرلمان لهذه الاتفاقية، والتوجه إلى النقابات المهنية والعمالية ودعوتهم للدفاع عن الدستور والدولة والوطن، والدعوة لمحاكمة كل من فرّط في التراب الوطني واعتدى على أحكام القضاء والدستور.