أكد المرشحون للانتخابات التمهيدية التي ينظمها اليسار الفرنسي لاختيار مرشحه للاقتراع الرئاسي، الذي سيجرى في إبريل/نيسان، الخميس، على "حاجة أوروبا إلى مزيد من رص الصفوف"، وذلك في سياق ردهم على سؤال بشأن تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، الذي وصف خروج بريطانيا من الاتحاد بـ"الأمر العظيم" وسياسة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حول الهجرة بأنها "خطأ كارثي".
وقال رئيس الوزراء الفرنسي السابق، مانويل فالس، خلال مناظرة تلفزيونية أخيرة بين المرشحين، وبينهم أربعة اشتراكيين، قبل الجولة الأولى من الانتخابات الأحد: "آخذ تصريحات دونالد ترامب بكثير من الجدية. إنها حقا إعلان حرب سياسية"، معتبرا أن مشروع الرئيس الأميركي المنتخب هو "كسر أوروبا".
وأضاف أن تلك التصريحات هي إنذار "لأوروبا من أجل أن تكون قوية وموحدة".
أما وزير الاقتصاد السابق، أرنو مونتيبور، فقال: "حان الوقت لتنظم أوروبا صفوفها (...) وربما لتخرج من المظلة الأميركية لمعاهدة الحلف الأطلسي".
بدوره، رأى وزير التربية الفرنسي السابق، بونوا هامون، أن هناك "فرصة لأوروبا من أجل أن تعيد رص صفوفها وتعزيز مشروعها للدفاع المشترك".
ونظمت، ليل أمس الخميس، آخر مناظرة تلفزيونية بين المرشحين السبعة في الانتخابات التمهيدية في الحزب الاشتراكي الفرنسي من أجل اختيار مرشح الحزب للاقتراع الرئاسي.
وقبل ثلاثة أيام من الدورة الأولى، التي تنظم الأحد المقبل، خاض المرشحون السبعة آخر امتحان شفوي، وأجابوا عن أسئلة الصحافيين حول برامجهم الانتخابية واقتراحاتهم بشأن القضايا الكبرى التي تهم الفرنسيين.
وقد سعى المرشحون السبعة، خلال هذه الفرصة الأخيرة، إلى أن يسجلوا نقاط التمايز والاختلاف في ما بينهم من أجل إقناع المشاهدين بأفكارهم، والخروج عن الإيقاع الرتيب الذي طبع المناظرتين السابقتين، اللتين اكتفى خلالهما المرشحون باستعراض الخطوط العريضة لبرامجهم وتفادوا، في ما يشبه الاتفاق الضمني، الدخول في أدنى جدل بينهم بخصوص النقاط الخلافية، وهو ما جعل مناظرة الاشتراكي أقل إثارة للاهتمام والحماس مقارنة بمناظرات اليمين والوسط التي أفرزت في النهاية الفوز المفاجئ لفرانسوا فيون وإقصاء نيكولا ساركوزي وألان جوبيه، وهما المرشحان اللذان كانت استطلاعات الرأي تمنحهما أوفر الحظوظ للفوز.
وبعد قضايا الهجرة والدفاع والتعليم التي تناولتها المناظرتان السابقتان، جرى التركيز في مناظرة أمس على القضايا الاقتصادية، إذ عبروا عن تأييدهم بدرجات متفاوتة لـ"جرعة" من الحمائية في أوروبا.
المرشحون السبعة، وهم رئيس الوزراء المستقيل أخيراً، مانويل فالس، ووزير الاقتصاد السابق، أرنو مونتيبور، ووزيرا تربية سابقان هما بونوا هامون وفانسان بيون، بالإضافة إلى وزيرة السكن السابقة، سيلفيا بينيل، والنائب عن تيار البيئة، فرنسوا دو روغي، والنائب الأوروبي السابق عن وسط اليسار، جان لوك بينامياس.
وتميزت المناظرة بخلاف سابقاتها بمنح "بطاقة بيضاء" لكل مرشح ليتحدث عن موضوع من اختياره، كما طرحت أسئلة على المرشحين انطلاقا من موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي الذي نقل وقائع المناظرة مباشرة.
وأمل الحزب الاشتراكي في رفع عدد المتابعين لوقائع هذه المناظرة، ذلك أن مناظرة الأحد الماضي شاهدها مليون و745 ألف شخص فقط، في حين حظيت المناظرة الأولى بنسبة مشاهدة عالية قاربت 4 ملايين مشاهد.
ورغم وجود سبعة مرشحين اشتراكيين، من بينهم سيدة، في مناظرات الانتخابات التمهيدية، تنحصر المنافسة بشكل أساسي بين مانويل فالس وأرنو مونتيبور وبونوا هامون، حسب العديد من استطلاعات الرأي، فيما يكتفي المرشحون الأربعة الآخرون بلعب دور الكومبارس في هذه الانتخابات، ومحاولة استثمار ظهورهم الإعلامي لتعزيز مواقعهم داخل الحزب في أفق الانتخابات التشريعية التي يتم تنظيمها بعد الاقتراع الرئاسي.
ودخل فالس مناظرة أمس من موقع ضعف، بعد تعرضه لمحاولة صفع من طرف شاب، الثلاثاء الماضي، بينما كان في زيارة في منطقة بريتاني في غرب فرنسا.
وعَكَسَ هذا الاعتداء، وهو الثاني من نوعه منذ بدء الحملة الانتخابية، الشعبية المتدنية التي يعاني منها فالس، بسبب السياسة التي انتهجها خلال رئاسته الحكومة في السنوات الأخيرة، خاصة بعد لجوئه إلى تمرير مشروع إصلاح قانون العمل بالقوة من دون تصويت البرلمان، رغم حركة احتجاجية قادتها النقابات ودامت أشهرا عديدة.