ونشرت وسائل إعلام روسية حكومية أو شبه حكومية، تحديداً "روسيا اليوم" و"سبوتنيك"، نصّ مسودة الدستور، الذي سلّمه ألكسندر لافرنتييف، ممثل الرئيس فلاديمير بوتين، لوفدي المعارضة والنظام في عاصمة كازاخستان. وتضيف المسودة لصلاحيات البرلمان إعلان الحرب وتنحية الرئيس، وتعيين حاكم المصرف المركزي والمحكمة الدستورية. في المقابل، رأت تركيا، على لسان رئيس الوزراء، بن علي يلدريم، أن "إرساء السلام في المنطقة، سيكون وسيلة لمكافحة الإرهاب بفاعلية أكبر في تركيا"، بينما تتواصل الأحداث الأمنية في الشمال السوري التي تندرج في خانة تبادل التصفية بين جبهة "فتح الشام" وفصائل معارضة مسلحة.
وكان الوفد الروسي إلى مفاوضات أستانة حول سورية، التي جرت يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين، قد وزّع مشروعه للدستور السوري. وسبق لموسكو أن أعلنت، في مايو/أيار الماضي، أنها تعد مثل هذا المشروع، انطلاقاً من نتائج مشاوراتها مع أطراف النزاع السوري ودول المنطقة.
بدوره، وصف لافروف آفاق التسوية السورية بأنها "لا بأس بها"، مقدماً نصيحة للسوريين مفادها ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى توافق. ورداً على سؤال حول الخطوات التالية التي يجب اتخاذها على مسار التسوية السورية، قال لافروف: "العمل، العمل، العمل"، في إشارة ضمنية إلى عبارة شهيرة للزعيم السوفييتي، فلاديمير لينين.
الهدف المعلن من هذا اللقاء هو إطلاع شخصيات لم تشارك في مؤتمر أستانة على نتائجه، وفي هذا الإطار، ذكرت مصادر معارضة من دمشق، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الخارجية الروسية وجّهت دعوات شخصية لعدد من المعارضين السوريين، ينتمون إلى أبرز المكونات السياسية المعارضة على اختلاف تموضعها من النظام والروس".
وأضافت أن "الروس لم يعلنوا عن الشخصيات المدعوة أو التي وافقت على تلبية الدعوة، إلا أن المعلومات التي وصلتنا إضافة إلى التسريبات الإعلامية، تفيد بأن الدعوة وزعت على 15 شخصية، اعتذرت ست منها". ونوّهت إلى أنه "نتوقع رؤية عراب منصة موسكو، نائب رئيس الوزراء السوري السابق، قدري جميل، وإلى جانبه عرابة منصة أستانة، رندة قسيس، ورئيس وفد حميميم، المشكل في القاعدة الجوية العسكرية الروسية في الساحل السوري، ليان مسعد، ورئيس هيئة التنسيق الوطنية، حسن عبد العظيم، وجمال سليمان عن منصة القاهرة للمعارضة السورية، التي لم يبق منها سوى اسمها عقب الخلافات بين أعضاء لجنتها السياسية وانكفاء هيثم مناع وآخرين عنها، والمتحدث السابق باسم وزارة الخارجية السورية وعضو لجنة مؤتمر القاهرة سابقا، جهاد مقدسي، بصفة مستقل، ورئيس تيار بناء الدولة السورية، لؤي حسين، المقيم في إسبانيا عقب هروبه من سورية، وانسحاب الغالبية العظمى من أعضاء تياره، إضافة إلى آسيا العبدالله وخالد عيسى من الأكراد، الذي يحاول الروس كسبهم إلى صفهم، بما أنهم أصبحوا يشكلون قوة عسكرية فاعلة على الأرض". ولفتت المصادر إلى أن "معاذ الخطيب وهيثم مناع وأحمد الجربا ورياض حجاب وأنس العبدة وهادي البحرة، امتنعوا عن تلبية الدعوة الروسية لأسباب تتعلق بعدم وضوح الاجتماع، وجدول أعماله، ومقاصد عقده".
وقال مصدر مقرب من أحد الشخصيات المعتذرة إنه "ليس هناك سبب لتلبية الدعوة الروسية، فعلى ما يبدو أن الروس يعملون على جمع مجموعة من الشخصيات تتحرك بمشورتهم، وبالتالي يستطيعون أن يفرضوا عليهم ما يريدونه، وهؤلاء موجودون تحت يدهم وفي محيطهم، ولا مكان للشخصيات التي تحمل هم تحقيق أهداف الشعب السوري بالكرامة والحرية"، في حين اكتفى مصدر مسؤول في "هيئة المفاوضات العليا" بالتعليق قائلا "لست متفائلاً بتحركات الروس، وأرى أنهم لا يريدون الاعتراف بالمعارضة السورية كقوى، ويريدون الاكتفاء بالصلح بين المسلحين فقط".
من ناحيته، أصدر الائتلاف الوطني السوري المعارض، أمس الخميس، بياناً هو الأوضح لناحية تنديده بـ"جبهة النصرة" (فتح الشام اليوم) عندما اعتبر أن "الساحة السورية تشهد منذ أحداث حلب سلسلة تداعيات مؤسفة، من تنامي التباينات بين قوى يفترض أن تشكل العمود الفقري للجيش الوطني لسورية المستقبل، إلى التوغلات الخطيرة لتنظيمات مرتبطة بأجندة إرهاب عابر للحدود، أضرت بثورة الشعب السوري، ومنحت قوى العدوان ذرائع للتدخل وتشويه الأهداف النبيلة للثورة من حرية وكرامة وعدالة ومساواة".
ولفت إلى أن "الائتلاف كان واضحاً في رفض تدخل تنظيم القاعدة في سورية بما يمثله من فكر منحرف وسلوك متطرف، يتبنى الإرهاب وسيلة لتحقيق الأهداف، ويعتبر أن تنامي ذلك تم بتواطؤ فاضح بين سلطة الأسد وإيران التي دعمت الإرهابيين وفتحت حدودها لهم للتنقل بحرية، والأطراف التي تقاعست عن إيجاد حل سياسي مبكر للأزمة، وحولت سورية إلى ميدان لتصفية الحسابات والصراعات". وشدّد على أنه "مع استخدام القاعدة لمسمَّيات أخرى، أكد الائتلاف من جديده رفضه لذلك، ودعوته لكل القوى العسكرية للالتزام بأهداف الثورة السورية والعمل ضمن مظلة وطنية جامعة، وتوحيد صفوفها في كيان ثوري وعسكري يحظى بالشرعية والدعم، ويلتزم بأسس الانضباط ومعايير حقوق الإنسان والقانون الدولي، ويعزل الإرهاب فكراً وسلوكاً وممارسة وتنظيمات".
ودان الائتلاف "أعمال الاعتداء والمسّ بالمدنيين وحقوقهم، والتعرض للحريات العامة، وانتهاك حقوق الإنسان من قبل تنظيم (فتح الشام) ومن يساندونه، ويؤكد أن ذلك جزء من منظومة الإرهاب وسلوكه المرفوض، ويصبُّ في خدمة النظام وحلفائه المحتلين، ويقوِّض قدرات الشعب في التصدي للهجمة الشرسة لاحتلال الأراضي السورية، التي تحررت بدماء آلاف الشهداء". ودعا "الفصائل الثورية والعسكرية إلى تبني المشروع الوطني الجامع بكل ما يمثله من قيم ومبادئ، والتأسيس لتشكيل جيش وطني سوري يخدم الثورة وأهدافها، ويعمل في إطار مظلتها السياسية الشرعية، ويستجيب لآمال وطموحات الشعب في الوحدة والعمل المنسَّق وفق أسس وضوابط احترافية". وشدّد على أن "معركة الشعب السوري هي ضد نظام الجريمة الأسدي والاحتلال الإيراني المساند له، وقوى الإرهاب كافة".