استنفرت عشائر مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار غربي العراق، أفرادها، تحسباً لهجمات جديدة قد ينفذها تنظيم "داعش" الإرهابي على المدينة، بعد أسبوع حافل بالهجمات استهدفت مناطق عدة من المدينة، وراح ضحيتها عشرات الأشخاص بين قتيل وجريح، من دون أن تتمكن القوات العراقية والعشائر من صدها وقتل عدد من المهاجمين.
وبدأ أبناء العشائر، منذ فجر الأحد، بحمل السلاح والتوجه إلى حدود المدينة الخارجية، إلى جانب قوات الشرطة المحلية والجيش، للمساعدة في صد أي اعتداء محتمل، فيما يرابط العشرات منهم مع قوات الأمن على مدار الساعة.
وقال عامر الدليمي، أحد وجهاء الأنبار: "بعد الهجوم الواسع الأخير لتنظيم "داعش" على الرمادي قبل أيام، أصبحنا أمام خطر التهجير والنزوح مرة أخرى، لذلك قررنا كعشائر أن نساند القوات الأمنية في التصدي لأي هجوم محتمل".
وأضاف الدليمي، لـ"العربي الجديد"، أن "وقفة أبناء العشائر مع القوات الأمنية مؤخراً حسمت المعركة لصالحنا في الرمادي، وتمكنّا من استعادة المناطق التي سيطر عليها التنظيم في الطاش والـ7 كيلو وجامعة الأنبار، وقدمنا شهداء وجرحى".
ويقول أهالي الأنبار إنهم أصبحوا أمام خيارين لا ثالث لهما، إما حمل السلاح ومقاتلة التنظيم إلى جانب القوات العراقية، أو مواجهة النزوح مرة أخرى كما حصل مطلع 2014 ومنتصف 2015، حينما نزح أكثر من 400 ألف شخص من المدينة بعد سيطرة التنظيم عليها آنذاك.
وذكر بارق الجليباوي، من أهالي الرمادي، أن "أهالي الأنبار أدركوا حجم المؤامرة الكبيرة عليهم، خاصة بعد اتفاق حسن نصر الله (زعيم حزب الله اللبناني) الأخير مع تنظيم "داعش" ونقل عناصره بالباصات إلى الحدود السورية العراقية، فعرفنا حينها أن هناك شيئا غير جيد ينتظرنا في الأنبار، وفعلاً بدأت فصول هذه المؤامرة بالهجوم الأخير على الرمادي".
وبيّن الجليباوي أن "تنظيم "داعش" هاجم الرمادي قبل أيام بأكثر من 300 مقاتل بعجلات تحمل الرشاشات الثقيلة، وهذا يعني أنه كان ينوي السيطرة على المدينة مرة أخرى، لتبدأ فصول رحلة النزوح المذلة، وهذا ما لن نسمح به أبداً".
وخرج العشرات من أهالي الرمادي خلال الهجوم الذي شنه التنظيم قبل أيام على المدينة يحملون السلاح من منازلهم ليساندوا قوات الجيش والشرطة في صد الهجوم الكبير الذي أسفر عن السيطرة على عدد من المناطق ونزوح عشرات الأسر نحو مركز المدينة.
مضني المحلاوي، أحد شيوخ ووجهاء الأنبار، اعتبر أنه "لابد من مساندة العشائر للقوات العراقية في حفظ الأمن، خاصة أن هناك مؤامرة كبيرة مستمرة لإسقاط محافظة الأنبار مجدداً بيد تنظيم "داعش"، وقد نجحت هذه المساندة في صد الهجوم الأخير، وتمكنا من قتل أغلب المهاجمين من عناصر التنظيم وأسر آخرين".
وأوضح أن "الناس أدركوا أنه لا مفر من المواجهة أو الدخول في دوامة النزوح مرة أخرى، وهذا ما لن يسمح به أهالي الأنبار، وعلى الحكومة العراقية أن تعرف جيداً أن وصف وزير الخارجية، إبراهيم الجعفري، للأنبار بأنها "محافظة الإرهاب" معيب جداً، ولا يليق بحكومة أن تصف شعبها بالإرهاب".
واعتبر خبراء في الأمن أن أهالي الأنبار وصلوا إلى قناعة تامة بأن "داعش" هو الخطر الأكبر الذي يهددهم الآن.
وفي السياق، أبرز الخبير الأمني عبد الستار الدليمي أن "مسألة إسقاط الأنبار مجددا في يد "داعش" هو هدف التنظيم المستمر، وأي نجاح له سيكون ضربة لكل جهود محاربة الإرهاب، كما أن السكان يعتبرون أن مهمة منعه يقع جزء منها على عاتقهم، وهذا ما يمكن اعتباره ثقافة أمنية صحيحة".
وأضاف الدليمي: "مؤخراً، شن التنظيم هجوماً كبيراً جداً على الرمادي وسيطر على عدد من المناطق، ولكن بسبب مساندة العشائر لقوات الأمن تمت استعادة السيطرة عليها وتطهيرها بعد معارك شرسة، وهذا يدل على قناعة أهل الأنبار بضرورة الدفاع عن أنفسهم بدلاً من الرضوخ إلى خيار النزوح والتهجير"، مضيفاً "الحكومة العراقية تتحمل مسؤولية كل ما يحصل في الأنبار، وعليها تحمل تلك المسؤولية، خاصة بعد اتفاق عرسال الأخير بنقل مسلحي "داعش" للحدود العراقية، وكنا نعلم بخطورة ذلك وحصل ما توقعناه"، وفقا لقوله.