وبمجرد ذكر عبارة "جماعة الباصات"، صار بالإمكان معرفة أن المقصود هم عناصر تنظيم "داعش"، حتى أن سياسيين ومسؤولي أمن محليين استعملوا، خلال تصريحات لمراسلين محليين بوسائل إعلام محلية، هذا المصطلح الجديد بالإضافة إلى المواطنين من سكان الفلوجة والرمادي وهيت، وباقي مدن الأنبار، التي تشكل ثلث مساحة العراق، وتحدها دول الأردن والسعودية وسورية.
وظهر المصطلح على خلفية الاتفاق بين "حزب الله" اللبناني وتنظيم "داعش"، الذي تضمن نقل المئات من عناصر التنظيم بباصات محمية من الحزب وقوات النظام من الحدود اللبنانية السورية إلى مدينة البو كمال، الواقعة على الحدود العراقية السورية، والذين تسلل معظمهم في ما بعد إلى العراق، حيث مناطق أعالي الفرات، التي ما زال جزء منها يقبع تحت سيطرة التنظيم.
وجاءت أكثر العمليات الإرهابية التي شهدتها مدن غرب العراق، خلال الأسابيع الماضية، نتيجة لتسلل عدد كبير من عناصر "داعش"، الذين نقلهم "حزب الله" إلى الحدود العراقية السورية باتجاه المدن العراقية، التي ما تزال تحت سيطرة التنظيم، بحسب القيادي في القوات العشائرية، علي الجغيفي، الذي أكد لـ"العربي الجديد"، أن المقاتلين الأجانب الذين زجّ بهم الحزب إلى العراق يساهمون، بشكل واضح، في زعزعة الأمن في المناطق المحررة، مثل هيت والرمادي، موضحا أن الهجوم الانتحاري الذي شهدته مدينة هيت، وأسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 30 مدنيا، يمثل إحدى نتائج هذه الصفقة.
وأضاف الجغيفي أن "المعلومات التي تردنا من البلدات غير المحررة، وهي القائم وراوة، تشير إلى دخول أكثر من مائتي عنصر أجنبي إليها خلال الأسابيع الاخيرة"، مبينا أن هؤلاء المقاتلين تمكنوا من عبور الحدود العراقية مع سورية، التي يقع جزء كبير منها خارج سيطرة القوات العراقية.
وتابع: "توجد معسكرات كبيرة لتنظيم داعش في صحراء الأنبار الغربية التي جعلها منطلقا لشن هجمات مباغتة على مواقع للجيش العراقي ومناطق تعتبر رخوة من الناحية الأمنية"، موضحا أن الهجوم الواسع لـ"داعش" الذي شهدته مناطق جنوب الرمادي، الشهر الماضي، جاء انطلاقا من الصحراء التي لا يمكن للقوات العراقية السيطرة عليها بشكل منفرد من دون غطاء جوي دولي، لما تتمتع به طائرات التحالف الدولي من تقنيات حديثة يمكن أن ترصد عناصر التنظيم داخل خنادقهم وكهوفهم.
ويرى العقيد في قيادة عمليات الجزيرة والبادية المسؤولة عن أمن غرب الأنبار، علي الحيدري، أن ضبط الأمن في المحافظة يجب أن يبدأ من ضبط الحدود مع سورية، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، أن الإمكانيات التقليدية للقوات العراقية لا تمكنها من ضبط مساحات واسعة من الحدود مع سورية.
واشار الحيدري إلى أن "المعلومات الاستخبارية تؤكد تمكن عشرات المقاتلين الأجانب من التسلل من مدينة البو كمال السورية إلى مدن غرب الأنبار"، مبينا أن القوات المشتركة تمكنت من قتل عدد منهم خلال عمليات تحرير عانة (غرب الأنبار)، الشهر الماضي، وستلاحق البقية خلال العمليات العسكرية التي يجري التحضير لها لتحرير بقية المناطق.
ويقول المواطن حسن الدليمي (36 عاما)، لـ"العربي الجديد"، إن "الهجمات تصاعدت في الأنبار بعد صفقة الباصات مع حزب الله وداعش، لذا يمكن القول إن جماعة الباصات المكيفة هي التي تقف وراء الهجمات الإرهابية الأخيرة"، مضيفا: "المصطلح فيه عدة معان، والناس استحسنوه ودرجوا عليه".
ويعتقد أستاذ الاستراتيجية في جامعة النهرين، علي البدري، أن "دخول مقاتلين أجانب تابعين لداعش من سورية إلى الأنبار، تسبب وبشكل واضح بزعزعة الأمن في المحافظة، التي عانت الخراب والدمار جراء سيطرة التنظيم على أغلب مدنها منتصف عام 2014، وعمليات التحرير التي تلت ذلك"، مشددا على أن "على الحكومة العراقية أن تضع حلولا سريعة لهذا الأمر".
وتابع: "جميعنا يسمع وبشكل يومي عن (جماعة الباصات) الذين زج بهم داعش إلى حدود العراق"، مؤكدا أن "القوات العراقية مطالبة بحماية جميع الحدود التي تربط العراق بسورية، سواء كان في محافظة الأنبار أو محافظة نينوى".
ودعا البدري إلى "فرض إجراءات حازمة على الأشخاص الذين يدخلون العراق من سورية في المستقبل، للحيلولة دون تمكن الإرهابيين من التسلل ضمن صفوفهم".
في غضون ذلك، قالت مليشيا "الحشد الشعبي" إنها أعدت خطة متكاملة لإعادة أكثر من عشرين ألف نازح عراقي من سورية.
وأوضح مدير الأمن في مليشيا "الحشد الشعبي"، حسين اللامي، أن المليشيا ماضية في إجراءات الخطة التي أعدتها لنقل جميع النازحين العراقيين المتواجدين في سورية، والبالغ عددهم 23 ألف نازح. مؤكدا، في بيان، أن فريقا أمنيا متخصصا سيشرف على عمليات نقل النازحين في سورية إلى منطقة حمام العليل في محافظة نينوى.
وفي السياق، دعا عضو المجلس المحلي في الموصل، محمد الحمداني، إلى عدم السماح بدخول الأجانب ضمن صفوف النازحين، معبرا، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن تخوفه من استغلال بعض فصائل مليشيا "الحشد الشعبي" هذه الخطة لإدخال عناصر إرهابية، كما حدث قبل شهرين في منطقة البو كمال.