شنّ تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش"، سلسلة اعتداءات في العريش والشيخ زويد ورفح، يومي الأحد والإثنين الماضيين، موقعاً عشرات القتلى والجرحى في صفوف القوى الأمنية، في وقتٍ بدأ فيه التقارب بين حماس ومصر. وتلخصت هجمات التنظيم في استهداف مقر الكتيبة 101 والكمائن المحيطة، وقُتل 6 مجنّدين مصريين، إضافة إلى مدنيين اثنين، وأصيب 17 آخرون، في هجوم أمس الإثنين، وذلك بعد ساعات من هجوم للتنظيم أسفر عن مقتل 9 مجنّدين مصريين، وإصابة 19 آخرين، ما يرفع عدد الضحايا إلى 15 قتيلاً. واستهدف الهجوم الأخير كمائن القواديس والجورة وبركان 5، وسط مدينة العريش في محافظة شمال سيناء، شرقي مصر. وقال شهود عيان، لـ"العربي الجديد"، إن المسلحين هاجموا كنيسة ماري جرجس، واشتبكوا مع القوة الأمنية التي ترابط أمامها، فيما اشتبكت مجموعة من المسلحين مع كمين مجلس المدينة في شارع 23 يوليو، وسط مدينة العريش. وأفاد الجيش المصري في بيان أن "24 مسلّحاً وستة جنود قتلوا في اشتباكات بمحافظة شمال سيناء". كما ذكرت مصادر أمنية وطبية أن "نحو 20 فرداً من قوات الأمن أصيبوا في الاعتداءات".
وكان واضحاً من الاعتداءات أن المقصود بها هو قوات الجيش وليس الشرطة، إذ إن بعض الكمائن تعرّضت للهجوم للمرة الأولى. وعلى الرغم من أن الجيش عزز من تواجده إثر الهجمات، مستدعياً الطيران الحربي لقصف أهداف متفرقة في مدينتي رفح والشيخ زويد، إلا أن "ولاية سيناء" تابع اعتداءاته، أمس الإثنين، مهاجماً كمائن للأمن المصري في قلب مدينة العريش، واستولى على الأموال من البنك الأهلي، موقعا أيضاً عدداً من القتلى والجرحى.
كما عمد التنظيم إلى إطلاق ثلاثة صواريخ من سيناء باتجاه مجمع مستوطنات "أشكول" في النقب الغربي في فلسطين المحتلة، وأُصيب المجمّع بصاروخي غراد. الأمر الذي قاد إلى شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات على مناطق جنوب رفح والشيخ زويد، حسبما ذكرت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد".
وكشفت المصادر ذاتها أنه "بعد انتهاء الغارات الجوية للطيران الحربي المصري على مناطق رفح والشيخ زويد، أغارت طائرات حربية إسرائيلية على مناطق أخرى بعد وقت قصير من إطلاق صواريخ من سيناء على جنوب فلسطين المحتلة".
وكان طيران الاحتلال قد استهدف خلال الأشهر الماضية عددا من كوادر "ولاية سيناء" في مناطق رفح والشيخ زويد، من دون أن تُقَابَل هذه الاعتداءات بأي رد من التنظيم. وهو ما جعل "ولاية سيناء" يهدد الأمن الإسرائيلي، ما دفع سلطاته للتحرك في تجاه وقف الحراك القائم لتضييق الخناق على التنظيم بهذه السرعة النابعة من تشديد حركة حماس عبر أجهزتها الأمنية للحدود مع سيناء، وسعي الجيش المصري إلى تهجير مدينة رفح بالكامل، مما يكشف ظهر التنظيم.
كما أن "ولاية سيناء" حاول من خلال هذه الهجمات الانقلاب على الخطة التي سعى الجيش المصري من خلالها إلى ضربه بأيدي المجتمع السيناوي، ومن خلال تنظيم "القاعدة" ومن المجموعات العسكرية التابعة لقبيلة الترابين.
في هذا السياق، تعرّضت مجموعة من "ولاية سيناء" في جنوب مدينة الشيخ زويد قبل يومين، لهجومٍ على أيدي أفراد من تنظيم "القاعدة"، ما دفع "ولاية سيناء" لملاحقة عناصر "القاعدة" ومجموعات الترابين. ودفع ما حصل بعد هدوء نسبي في جبهات سيناء خصوصاً في الشيخ زويد والعريش، إلى طرح سؤال عن الرسالة التي أراد "ولاية سيناء" توجيهها من خلال هذه الاعتداءات.
وفي الرؤية السياسية، فإن التقارب المصري مع حركة حماس في غزة، اعتُبر سبباً لذلك، مع دخول عناصر استخباراتية مصرية خلال الأسبوعين الماضيين إلى قطاع غزة، وعلى رأسهم الوزير خالد فوزي، الذي التقي بقيادات حركة حماس، وجهازها الأمني الذي بات مرتبطاً بعلاقة وطيدة معه، خصوصاً أن الأشخاص المعنيين في هذا هم قائد حماس بغزة، يحيى السنوار، ومدير قوى الأمن الداخلي، توفيق أبو نعيم، وآخرون من الجهاز العسكري لحماس، كتائب القسام، وفي مقدمتهم رئيس أركان القسام بغزة، مروان عيسى.
هذا التقارب بين حركة حماس والاستخبارات المصرية تُرجم على أرض الواقع، مع تغير القبضة الأمنية على حدود غزة مع مصر، وبلغت ذروتها باعتقال الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس بغزة، لأربعة من العناصر "المنحرفة فكرياً" وفق وصف وزارة الداخلية بغزة، من ضمنهم أحد أبرز قادة "داعش" نور عيسى، صاحب التواصل مع "ولاية سيناء" وذو أرشيف كامل لدى الأمن المصري، والحمساوي وفق ما أكدت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد".