قرّرت حكومة إقليم كردستان العراق، اليوم الأربعاء، تجميد نتائج استفتاء الانفصال الذي أُجري في 25 سبتمبر/ أيلول الماضي، وعرضت البدء بحوار مع حكومة بغداد على أساس الدستور، لنزع فتيل الأزمة.
وقالت الحكومة، في بيان صدر في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء، إنّ "الوضع والخطر الذي يتعرّض له كردستان والعراق، يفرض على الجميع أن يكون بمستوى المسؤولية التاريخية، وعدم دفع الأمور لحالة القتال بين القوات العراقية والبشمركة".
وأوضحت أنّ، الهجمات والصدامات بين القوات العراقية والقوات الكردية "البشمركة"، المستمرة منذ 16 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، وحتى الآن، تسبّبت بسقوط خسائر من الطرفين، "قد تؤدي إلى حرب استنزاف ينتج عنها تدمير للنسيج الاجتماعي بين المكونات العراقية"، بحسب البيان.
واعتبرت الحكومة الكردية، أنّ "القتال بين الطرفين لا يفرض انتصار أي طرف، بل يقود البلاد إلى دمار شامل وفي جميع جوانب الحياة".
وتابعت في البيان، أنّه "من موقع المسؤولية تجاه شعب كردستان والعراق، نعرض ما يلي على الحكومة والرأي العام العراقي والعالمي: وقف إطلاق النار فوراً، ووقف جميع العمليات العسكرية في إقليم كردستان، وتجميد نتائج عملية الاستفتاء التي أُجريت في كردستان العراق، والبدء بحوار مفتوح بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية على أساس الدستور العراقي".
وجاءت هذه الخطوة، بعد ساعات على مطالبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت، خلال مؤتمر صحافي، بـ"وقف العنف والبدء بالحوار"، مؤكدة أنّ واشنطن "تعمل حالياً على تحقيق هذا الأمر، وتراقب الوضع في الساحة".
— Heather Nauert (@statedeptspox) October 24, 2017
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Heather Nauert (@statedeptspox) October 24, 2017
|
وفي السياق، دعا ممثل الأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش، الحكومتين العراقية في بغداد، والكردية في أربيل، إلى التهدئة والتفاوض استناداً للدستور، لافتاً، في كلمة، بمناسبة يوم الأمم المتحدة، أنّ "العراق ما أن كاد يتخلّص من تنظيم "داعش" الإرهابي، حتى واجه أزمة أخرى بين بغداد وأربيل".
وقال "لقد أفرزت فترة ما بعد داعش عدداً من المشاكل الخطيرة التي تراكمت على مر السنين وبقيت دون حل، ومنها القضايا الحرجة في العلاقات بين بغداد وأربيل، بما في ذلك أوجه القصور في تنفيذ الدستور العراقي"، مضيفاً أنّ "الحكومة العراقية اتخذت عدة خطوات من أجل تثبيت النظام الدستوري، وإعادة بسط السلطة الاتحادية".
وأكد كوبيتش أنّ "الأمم المتحدة تراقب الوضع عن كثب، في حين تقدّم الدعم الإنساني للذين نزحوا مؤخراً، وتثير قضايا انتهاكات حقوق الإنسان حسب ما يقتضي الأمر"، مرجّحاً "أن يكون العراق قادراً على تجاوز هذه الأزمة".
وتثير عملية تمديد عمل البرلمان العديد من الشكوك حول إمكانية إقالة رئيس الإقليم مسعود البارزاني، وتسمية رئاسة جديدة وحكومة إنقاذ مؤقتة داخل الإقليم، إذ يسيطر الحزب الديمقراطي على أكثر من نصف مقاعد البرلمان في الوقت الحالي بسبب تحالفه مع "الاتحاد الإسلامي" الذي يمثّل الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين" في كردستان.
وتفاقمت الأزمة بين بغداد وأربيل، منذ سيطرة قوات الجيش العراقي ومليشيات "الحشد الشعبي"، على المناطق المتنازع عليها، بعد انسحاب قوات "البشمركة" الكردية، وكان من بينها منطقة كركوك الغنية بالنفط، والمعابر الحدودية في الإقليم.
إعادة افتتاح معبر باشماخ
واليوم الأربعاء، أعلنت إيران، إعادة افتتاح معبر باشماخ الحدودي الذي يربط محافظة السليمانية في إقليم شمالي العراق، بالأراضي الإيرانية، بعد إغلاقه منذ عشرة أيام على خلفية استفتاء انفصال الإقليم.
وأكد مدير الجمارك في إقليم كردستان العراق سامال عبد الرحمن، لوسائل إعلام كردية، أنّ "إيران فتحت منفذ باشماخ الحدودي".
وسبق لرئيس غرفة تجارة السليمانية سيروان محمد، أن قال، أمس الثلاثاء، إنّ "المنافذ الحدودية مع إيران ستفتح، الأربعاء، أمام حركة المواطنين والبضائع".
وأعلنت السلطات الإيرانية، في 15 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، إغلاق منافذها مع إقليم كردستان استجابة لقرار الحكومة العراقية بإيقاف الحركة إلى خارج البلاد، انطلاقاً من مطارات ومنافذ الإقليم، كإجراء عقابي على استفتاء الانفصال الذي تمسّكت به كردستان.
وكشفت مصادر سياسية من محافظة السليمانية، لـ"العربي الجديد"، أنّ افتتاح معبر باشماخ، جاء بعد اتصالات مكثفة أجرتها الإدارة المحلية هناك، موضحة أنّ الحكومة العراقية لم تعترض على فتح المعبر بسبب "الدور الإيجابي لأحزاب السليمانية التي ساهمت بشكل واضح في دخول القوات العراقية إلى أغلب المناطق المتنازع عليها مع كردستان من دون قتال"، بحسب المصادر.
ولفتت المصادر، إلى أنّ إعادة افتتاح معبر باشماخ، "يُعدّ بمثابة المكافأة للسليمانية التي استقبلت قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، قبل يوم واحد من دخول القوات العراقية إلى كركوك والمناطق المتنازع عليها، في 16 أكتوبر/تشرين الأول الحالي".
وتنأى أحزب السليمانية، لا سيما "حركة التغيير" وجناح في "الاتحاد الوطني الكردستاني" بنفسها عن رئاسة إقليم كردستان العراق المتمثلة برئيس الإقليم مسعود البارزاني، معتبرين أنّه أساس المشكلة مع بغداد، كما لا يخفي قادتها دور سليماني في الأزمة الأخيرة في كركوك.
وأقرّت آلا طالباني عضو البرلمان العراقي عن "الاتحاد الوطني الكردستاني"، بدور سليماني في الأزمة، موضحة أنّه أكد خلال زيارته العراق، على ضرورة خضوع كركوك لسلطة الدولة العراقية.
إلى ذلك، قال نائب رئيس الوزراء العراقي السابق حسين الشهرستاني، اليوم الأربعاء، في تصريح صحافي، إنّ "سليماني بذل جهوداً كبيرة لإقناع الأكراد بالتراجع عن الاستفتاء".
أما النائب عن "ائتلاف دولة القانون" كاظم الصيادي، فأكد أنّ سليماني "هو الذي منح رئيس الوزراء حيدر العبادي، الضوء الأخضر لدخول كركوك"، موضحاً أنّ "المسؤول الإيراني يتمتع بعلاقة وطيدة مع أحزاب السليمانية".