على مدار أربعة أيام كاملة، لم يلتق وفد مجلس النواب المصري، الذي يزور الولايات المتحدة حالياً، أياً من المسؤولين في الكونغرس الأميركي، بغرفتيه، كما كان محدداً بجدول أعماله، إذ اكتفى الوفد، الذي يرأسه رئيس البرلمان، علي عبد العال، بعقد لقاءات مع ممثلين عن الجالية المصرية، وحضور ندوة مغلقة بمعهد الشرق الأوسط.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن عبد العال تحدث في الندوة عن أن نصوص قانون العمل الأهلي، الذي أصدره البرلمان، وصادق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مايو/ أيار الماضي، مأخوذة من التشريعين الأميركي والفرنسي عن تنظيم عمل الجمعيات الأهلية، الأمر الذي أثار سخرية الحاضرين، لعدم وجود قانون للجمعيات في الولايات المتحدة.
وأفادت المصادر بأن أحد الحضور أوضح لعبد العال أن القانون الفرنسي معمول به منذ العام 1901، وعُدل ارتباطاً بالمصالحات الحديثة في العام 2003، مشيراً إلى حديث رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، طارق رضوان، عن قطع مصر لعلاقاتها تماماً مع كوريا الشمالية منذ قرابة الشهرين، وهو ما يُناقض الأمر الواقع.
وقررت الإدارة الأميركية، في 22 أغسطس/ آب الماضي، تقليص المساعدات العسكرية والاقتصادية المقرّرة لمصر بحوالي 96 مليون دولار، وتجميد 195 مليون دولار إضافية، بسبب تدهور أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وتورط نظام السيسي في مجالات التعاون العسكري مع حكومة كوريا الشمالية، المعادية للولايات المتحدة.
كان عبد العال قد وصف مجلسه، الموالي لنظام السيسي، بأنه "مجلس حرب"، جاء عقب ثورتين، ولا يتحكم فيه حزب حاكم كما كان الحال في السنوات السابقة، مدافعاً عن ائتلاف الغالبية (دعم مصر)، باعتباره مُشكلا من حزبيين ومستقلين، وهو الائتلاف الذي يُدار بواسطة الأجهزة الاستخباراتية، بحسب المصادر.
وقال عبد العال، في بيان صادر عن البرلمان، اليوم الثلاثاء، إنه "قدم عرضاً شاملاً لمجمل القوانين التي أصدرها مجلسه، خاصة المتعلقة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، بدعوى رفع معدلات النمو، ومواجهة المشكلات المزمنة التي عانى منها الاقتصاد المصري على مدار العقود الماضية"، من دون الإشارة إلى تسببها في ارتفاع معدلات التضخم، وفقد العملة المحلية لأكثر من 70% من قيمتها.
وأضاف البيان أن النقاش في ندوة المركز الأميركي تطرق إلى قانون عمل المنظمات غير الحكومية في مصر، وقول عبد العال إنه "بُني على ثلاثة مبادئ هامة، هي الإفصاح عن مصدر الأموال، والشفافية في أوجه الإنفاق، وقواعد المحاسبة"، زاعماً أن "القانون جاء متفقاً مع الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها مصر".
غير أن عبد العال تراجع مستدركاً بالقول إن "القانون لم يُطبق بعد، لعدم صدور لائحته التنفيذية"، وإنه "إذا ظهرت ثغرات في التطبيق ستتم معالجتها"، محذراً من خطورة ما سماه بـ"حروب الجيل الرابع" التي تتعرض لها بلاده، في ضوء الاضطرابات الحدودية، والحروب الأهلية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
وتابع أن "مصر تتحمل أعباء كبيرة في حماية حدودها مع الدول المجاورة، واستضافة الآلاف من اللاجئين الفارين من الحروب والصراعات في المنطقة العربية، والذين تصل أعدادهم إلى أكثر من خمسة ملايين لاجئ"، وهو الحديث المغلوط، الذي يكرره دوماً السيسي في المحافل الدولية، في حين لا يزيد عدد اللاجئين بمصر عن 120 ألفاً، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.
وزاد البيان، نقلاً عن عبد العال، أن "المناقشات تعرضت للدور التخريبي لبعض الدول الداعمة للإرهاب في المنطقة، والتي تتعمد نشر الأخبار الكاذبة والمغلوطة، عن حقيقة الأوضاع الداخلية في مصر، بهدف النيل من الروح المعنوية لمؤسسات الجيش والشرطة في حربها ضد الإرهاب، إلا أنها لن تنال من عزيمة وقدرة البلاد"، وفق قوله.
وعلى هامش زيارة الوفد المصري، حضر عبد العال ومرافقوه مأدبة عشاء أقامها السفير المصري في واشنطن، ياسر رضا، بحضور النائب عن الحزب الجمهوري، كريس ستيوارت، صاحب مشروع قانون منح الرئيس الراحل أنور السادات، جائزة بمناسبة ذكرى مولده المائة، ومرور 40 عاماً على ذهابه إلى إسرائيل لعقد اتفاقية السلام.
وتستغرق الزيارة 6 أيام، بهدف عقد لقاءات مع رؤساء لجان الخارجية، والاستخبارات، والموازنة في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، وكذا زعماء الأغلبية والأقلية بهما، لبحث مواجهة الدول الممولة للإرهاب، وملف القضية الفلسطينية، وما يجري من مصالحة بين أطرافها بجهود مصرية، وهي اللقاءات التي لم تجر إلى الآن، بالرغم من بقاء يومين على عودة الوفد إلى القاهرة.
كما يشمل جدول الزيارة لقاء ممثلين عن غرفة التجارة الأميركية، بهدف بحث فرص الاستثمار عقب صدور قانون الاستثمار الجديد، ومناقشة الوضع الاقتصادي في مصر، في ضوء حزمة البرامج الاقتصادية التي أقرتها الحكومة العام الماضي، رضوخاً لاشتراطات صندوق النقد الدولي، وشملت خفض الدعم عن الوقود والكهرباء، وإقرار قانون ضريبة القيمة المضافة.
وتعد الزيارة هي الثانية لوفد من البرلمان المصري إلى الولايات المتحدة، بعد زيارة للجنة العلاقات الخارجية في يونيو/ حزيران الماضي (أول زيارة رسمية لوفد من البرلمان إلى أميركا منذ العام 2008)، في محاولة غير ناجحة للتحريض ضد قطر، ومطالبة عدد من أعضاء الكونغرس بتبني تصنيف جماعة الإخوان كـ"تنظيم إرهابي".