غموض
إذا كانت عبارة "لا يمكن أن يكون العنف أداة سياسية"، والتي جاءت في بيان المفوضية الأوروبية، في أعقاب أعمال العنف في استفتاء كتالونيا، واضحة، فإنها تظل رغم ذلك يشوبها بعض الغموض. فمن غير الواضح ما إذا كانت تستهدف العنف السياسي للقادة الانفصاليين في تنظيم اقتراع تقرر في البرلمان الكتالوني في غياب المعارضة، أم أن الأمر يتعلق بعنف الشرطة يوم الأحد. وإذا كانت تطلب من الأطراف المعنية أن تنتقل "من المواجهة إلى الحوار"، فلأن لا مدريد ولا برشلونة قد مارستا هذا الحوار حتى الآن، ولا دعت المفوضية نفسها من قَبل إليه.
وتشدد المفوضية على رفض أي انتقاد للطابع المتأخر لهذه الدعوة إلى الحوار. كما ترفض أيضاً جميع الطلبات المتعلقة بالقيام ببعثة وساطة لعدم وجود أي سبب لذلك، بحسبها.
وكان رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، ورئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، قد اتصلا، بعد ظهر الإثنين، برئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، الذي ينتمي إلى الكتلة النيابية ذاتها في البرلمان الأوروبي (حزب الشعب الأوروبي). لكن لم يصدر أي تعليق رسمي حول فحوى المحادثات من قبل المفوضية. واكتفى أحد المصادر من داخل الجهاز التنفيذي الأوروبي بالقول إن يونكر كان يستمع إلى تفسيرات راخوي.
أما بالنسبة إلى دونالد توسك، فقال إنه "على الرغم من الاتفاق مع الحجج الدستورية المقدمة من قبل راخوي، دعوت إلى اتخاذ كل السبل لتجنب التصعيد واستخدام القوة". موقف يدرك رئيس المجلس الأوروبي، الممثل لرؤساء الدول والحكومات الأوروبية، أنه يعبر عن انشغالات العديد من القادة الأوروبيين، فالجميع يعتقد أن هذه القضية تم تسييرها بشكل سيئ للغاية حتى الآن.
نقاش
من جهته، قرر البرلمان الأوروبي الإعلان، في آخر لحظة، عن تنظيم جلسة نقاش حول ملف كتالونيا، اليوم الأربعاء، في دورته العامة المنعقدة حالياً في ستراسبورغ بفرنسا. ورغم أن مجموعة الخضر في البرلمان الأوروبي كانت قد قدمت التماساً بهذا الشأن، الخميس الماضي، خلال اجتماع مكتب رؤساء المجموعات البرلمانية، فإن الطلب رفض بشكل قاطع من قبل مجموعة الاشتراكيين الديمقراطيين وحزب "الشعب الأوروبي" اليميني. غير أن الكل غيروا موقفهم، الإثنين الماضي، بعد الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام عن القمع المفرط للشرطة الإسبانية وصمت المؤسسات الأوروبية.
ورغم ذلك، لا ينتظر أن تصدر من اللقاء قرارات أو مواقف جذرية، "فكل واحد سيقول ما عنده"، كما قال رئيس مجموعة الخضر في البرلمان الأوروبي، فيليب لامبيرتس، في تصريحات صحافية. بينما ينتظر أن يوجه حزب الشعب الأوروبي النقاش إلى كاتالانيكسيت (أي عدم قبول كتالونيا المستقلة في الاتحاد الأوروبي).
وإذ لم يتردد المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، مارغاريتيش ششيناس، في التذكير يوم الإثنين، بأن كتالونيا مستقلة سوف تجد نفسها خارج الاتحاد الأوروبي. غير أنه لا يمكن للمرء أن يستبعد عضوية كتالونيا، لأنها ستفي رسمياً بجميع شروط العضوية. لكن السياسيين الأوروبيين يستخدمون حجة العضوية غير التلقائية كتهديد لجميع الحركات الانفصالية.
وبحسب الأستاذ الجامعي المختص في الشؤون الأوروبية، فيليب بوتي، في حديث مع "العربي الجديد"، فإن الخطر هو أن يتم فتح هذا النوع من النقاش، في الاتحاد الأوروبي، ما قد يخلق سابقة تفيد بأن "الفزاعة لن تعود مخفية".