كشف تقرير جديد لـ"مراقب الدولة" في إسرائيل، القاضي المتقاعد يوسف شابيرا، اليوم الأربعاء، أن نحو 20 ألف "طائرة مُسيّرة" تهدد أمن إسرائيل، وقد تُستعمل لارتكاب جرائم أو حتى تنفيذ "هجمات إرهابية"، على حد وصفه.
وأوضح أن الجهات الأمنية الإسرائيلية غير قادرة على صدها، بما فيها سلاح الجو، والذي لا يمتلك الحلول اللازمة للتعامل مع هذه الطائرات و"تهديداتها الكبيرة".
وتلقي الجهات الإسرائيلية المختلفة مسؤولية معالجة هذه الظاهرة الآخذة بالانتشار في صفوف المدنيين، بعضها على بعض، ما أعاق وضع برنامج لمكافحتها أو النظر في أمرها.
ووصف رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، التهديدات الكامنة في "طائرات التحكم عن بعد" التي تغزو سماء إسرائيل، بأنه "لا يمكننا أن نتنبأ على الإطلاق بتداعيات هذا التهديد وما يمكن أن يحمله.. هي أكبر بكثير برأيي مما يمكننا أن نتصوره حتى في هذه اللحظة".
وعلى الرغم من هذه التقديرات والمخاوف التي تساور جميع الأذرع الأمنية الإسرائيلية، يظهر تقرير "مراقب الدولة" أن الحكومة متخلّفة على مستوى الجهوزية للتعامل مع هذه المخاطر، وأنه لا توجد سياسات واضحة في هذا الإطار.
وتشير النتائج التي وردت في التقرير إلى أن عدد الطائرات المُسيرة المدنية سيصل حتى نهاية العام الجاري إلى نحو 20 ألفاً. ويمكن شراء هذه الطائرات بسهولة نسبياً، عبر مواقع الإنترنت، ومن المتاجر، وتشغيلها من دون تأهيل مسبق، من أي مكان ومن دون الحاجة لأدوات خاصة.
ويثير هذا الوضع خشية كبيرة لدى إسرائيل، خاصة من احتمالات أن تسود "الفوضى في سماء البلاد، واستخدام هذه الطائرة من قبل عناصر إرهابية أو إجرامية"، على حد وصف التقرير.
وكان نائب المفتش العام للشرطة الإسرائيلية قد سبق أن صرّح بأن "التهديد قائم.. نطاق سيناريوهات التهديد هائلة ويجب التعامل مع هذا الأمر بكل قوة وتصميم".
أما نائب رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي السابق، يائير جولان، فسبق أن وصف الوضع بأنه "تهديد مع مجموعة متنوعة من القدرات". وفي سلاح الجو قالوا إن "احتمالات الضرر آخذة في الازدياد"، نتيجة انتشار الطائرات المُسيرة.
"لا أحد يريد تحمل المسؤولية"
يشير التقرير إلى أن المشكلة الأساسية التي تحول دون وضع حد لانتشار الطائرات المُسيرة، تكمن في أن لا جهة من الجهات تريد أخذ مسؤولية معالجة التهديدات على مسؤوليتها.
والجيش الإسرائيلي، والشرطة الإسرائيلية، وسلطة الطيران المدني، هي جهات تلقي كل واحدة منها بالمسؤولية على الأخرى. وحتى اليوم لم يتم اتخاذ قرار في المجلس الوزاري المصغر للحكومة الإسرائيلية، في هذا الشأن. وفي ظل هذا الوضع ازداد خطر المس بأمن الدولة، كما يقول "مراقب الدولة".
وكانت قد بدأت أعمال المجلس في سنة 2015، وفي إبريل/ نيسان 2016 جرت صياغة ورقة موقف للحكومة، حملت اقتراحاً بأن يتولّى جيش الاحتلال مسؤولية الطائرات المسيرة الآتية من خلف الحدود، فيما تتولّى الشرطة أمر الطائرات داخل البلاد.
واعترضت الشرطة على القرار بادعاء أنها لا تملك الأدوات للتعامل مع المجال الجوي، فهذا ليس من مسؤوليتها. ورأت الشرطة أن الجيش هو القادر على تولي هذه المهمة.
ولاحقاً، وافق وزير "الأمن الداخلي" الإسرائيلي جلعاد أردان، الذي تعمل الشرطة تحت سقف وزارته، على تولي مسؤولية معالجة "تهديدات الطائرات المُسيّرة في سماء إسرائيل"، ولكن بعد شهر من ذلك، أعرب عن تذمره من الصيغة التي وضعتها الحكومة، وقال إن الشرطة لا تملك الأدوات لإسقاط طائرات مسيرة في سماء إسرائيل.
بعدها تقرر إعفاء الشرطة من مهمة حفظ الأمن في مناطق المستوطنات بالضفة الغربية، والقواعد العسكرية والمنشآت الأمنية الحساسة الأخرى، والتي تم توكيل الجيش وجهات أخرى بها.
في المحصلة، لم يتم اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن، ويرى "مراقب الدولة" الإسرائيلي أن "مجلس الأمن القومي" فشل في كونه لم يوصِ بتشكيل جسم يتولى معالجة الموضوع، إلى حين اتخاذ قرار حياله من قبل الحكومة.
ويتوقع الجيش الإسرائيلي أن تشكّل الطائرات المُسيرة جزءاً لا يتجزأ من أي حرب مقبلة، خاصة في ظل سرعة تطورها وانتشارها، وأن تشكل "جزءاً مهماً من قدرات العدو".
وجاء في التقرير أيضاً أن سلاح الجو الإسرائيلي لا يملك منظومة متكاملة للحماية من مخاطر الطائرات المُسيّرة.
وأوضح كذلك أن "الشرطة ستحتاج وقتاً حتى تكون جاهزة للإشراف على الأجواء في سماء البلاد بما يتعلق بالطائرات المُسيرة".
وذكرت الجهات الأمنية الإسرائيلية، بما فيها الجيش، أنه تتم دراسة تقرير مراقب الدولة لاستخلاص العبر والعمل بها، كما أكدت أنها تواصل مساعيها لمعالجة الظاهرة.