ولم يسبق لويليامسون، البالغ من العمر 41 عاماً، أن شغل أي منصب وزاري، إلا أن عاملين أساسيين كانا وراء اختيار ماي ليترأس هذه الوزارة المهمة: نجاحه الباهر في مسيرته السياسية، وولاؤه لها.
نجح غافين ويليامسون في تسلق السلم السياسي بسرعة كبيرة في السنوات السبع الأخيرة، بعد وصوله لمجلس العموم كنائب عن ساوث ستافوردشير عام 2010. وجرى تعيينه بعد عام، كنائب برلماني خاص لوزير الدولة لشؤون أيرلندا الشمالية، هوغو سواير، وبعد عام لوزير المواصلات باتريك ماكلولين، ليصبح في عام 2013 النائب البرلماني الخاص برئيس الوزراء حينها، ديفيد كاميرون.
وخلال هذه الفترة أيضاً، أصبح ويليامسون عضواً في اللجنة البرلمانية الخاصة بعلاقات أيرلندا الشمالية. وصوت في العام 2016 لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي. وبعد استقالة ديفيد كاميرون من رئاسة الوزراء، وضع ويليامسون طاقته خلف تيريزا ماي، باذلاً أقصى جهوده لمنع بوريس جونسون من الوصول إلى زعامة "حزب المحافظين"، وهو ما دفع ماي لتعيينه مديراً للحملات البرلمانية، وأصبحت مهمته ضمان انضباط نواب الحزب في البرلمان وتصويتهم وفقاً لتوجهات القيادات الحزبية.
ويليامسون معروف جداً داخل البرلمان، خاصة لاحتفاظه بعنكبوت "تارانتولا" السام كحيوان أليف في مكتبه في ويستمنستر، ويستخدمه لإخافة النواب المتمردين على قرارات القيادة الحزبية. وقد أطلق ويليامسون على حيوانه الأليف اسم "كرونوس"، وهو اسم إله إغريقي تقول الأسطورة إنه وصل إلى الألوهية بعد أن خصى والده ومن ثم أكل أولاده كي لا ينقلبوا عليه. ويعكس ذلك قسوة التكتيكات التي يتبعها ويليامسون في ضمان انضباط برلمانيي الحزب.
وإضافة إلى نجاح ويليامسون في ضبط النواب المحافظين لصالح قرارات ماي، فقد تمكن أيضاً، نظراً لعلاقاته السابقة في أيرلندا الشمالية، من رسم الاتفاق بين ماي والحزب الاتحادي الديمقراطي الأيرلندي، والذي يدعم نوابه حالياً حزب المحافظين لضمان الأغلبية البرلمانية.
ولكن ولاءه هذا لتيريزا ماي يعد العامل الأهم في تعيينه في هذا المنصب، لا سيما أن الحكومة البريطانية شهدت في الفترة الأخيرة العديد من النزاعات الداخلية نتيجة الاختلاف حول سياسات "بريكست". ولذلك فإن تعيين ويليامسون في الحكومة يعني دعم الأصوات المؤيدة لسياساتها في وجه المتمردين.
هذا الأمر عبر عنه أيضاً جورج أوزبورن، رئيس تحرير صحيفة "ستاندارد" اللندنية، وأحد كبار المحافظين، فقد كتب مقال اليوم ملمحاً إلى أن فالون لم يستقل بإرادته، بل تم دفعه خارج الحكومة، فقد كانت مهمة فالون إقناع البرلمان بضرورة نشر القوات البريطانية في سورية والعراق لمحاربة "داعش"، ومع اقتراب نهاية التنظيم، فلا داعي لوجود فالون في منصبه. ويضيف أوزبورن أن ماي قد وضعت لنفسها معايير جديدة لمن يجب أن يكون في حكومتها. لذلك يرى أن فالون لن يكون آخر المغادرين، وهو ما أكده له أحد كبار مسؤولي حزب "المحافظين".
إلى ذلك، يرى البعض أن وصول ويليامسون إلى الحكومة تحضير لوصوله إلى رئاسة حزب المحافظين بعد تنحي ماي، وإن كانت ردة الفعل المعارضة لتعيينه توحي بأن صعود السلم السياسي أكثر مشقة في درجاته العليا مما توقعه ويليامسون.
وآخرون يعتقدون أن ويليامسون هو من كان وراء الإطاحة بفالون، بعد أن نصح ماي بضرورة التخلص منه بسبب فضيحة التحرش الجنسي، وذلك بداعي أن حكومتها لا تستطيع تحمل المزيد من الهزات، إلا أن متحدثاً باسم رئيسة الوزراء قد نفى هذا الاحتمال رسمياً.
وفي السياق أيضاً، عبر العديد من مؤيدي الحزب وأعضائه عن صدمتهم من تعيين ويليامسون في وزارة الدفاع. البعض رجّح أنه قد يكون فعالاً جداً في منصبه الجديد، إلا أنه سيترك خلفه فجوة في مجلس العموم يصعب ردمها في وقت تحتاج فيه الحكومة إلى كامل الدعم البرلماني الموجود.
في المقابل، انتقد آخرون تعيين شخص من دون أية خبرة في وزارة تواجه العديد من التحديات، أهمها حالياً توفير 20 مليار جنيه من نفقاتها.
ولد ويليامسون، في سكاربورو في يوركشير، حيث أتم تعليمه المدرسي ليحصل بعد ذلك على شهادة جامعية في العلوم الاجتماعية من جامعة برادفورد. وتنقل في عمله بعد ذلك بين صناعة الفخار والتصميم المعماري قبل أن يصل إلى البرلمان بعمر 33 عاماً، وهو متزوج ولديه ابنتان.