لفت محلل إسرائيلي بارز الأنظار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يوظف الاتصالات التي تجريها الأوساط السعودية الرسمية مع تل أبيب في تلميع حكومته أمام الرأي العام الإسرائيلي، والتدليل على أنه على الرغم من مواقفه المتطرفة مع الصراع، إلا أن العالم العربي يبدو حريصاً على التواصل مع إسرائيل.
وحسب يوسي ميلمان، معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة "معاريف"، فإن نتنياهو يستغل العلاقات مع الرياض، لإقناع الإسرائيليين بأنّ إصرار حكومته على مواصلة الاحتلال وتطوير الاستيطان لا يهدّد مصالح إسرائيل الحيوية، معتبرا أن الإشارة إلى العلاقة مع الرياض عنصر مهم في تكتيك نتنياهو الهادف إلى "تضخيم إنجازات حكومته".
وفي تحليل نشره موقع صحيفة "معاريف"، صباح اليوم السبت، شدد ميلمان على أن نتنياهو يريد أن يقول للإسرائيليين إن حرص الدول العربية، لا سيما السعودية، على التواصل مع إسرائيل رغم مواقف حكومتها من الصراع مع الفلسطينيين يدلل على أن عدم حل هذا الصراع لا يشكل تهديدا للمصالح الإسرائيلية؛ لافتا إلى أن التلميح المتواصل إلى العلاقات السرية مع الرياض بات مركبا من مركبات جهد نتنياهو الدعائي الهادف إلى إقناع الجمهور الإسرائيلي بأن "مكانة إسرائيل الدولية لم تكن، في يوم من الأيام، أفضل مما هي عليه الآن"، على حد تعبيره.
وأشار ميلمان إلى أن نتنياهو ووزراءه وكبار مساعديه عندما يشيرون إلى تطور العلاقة مع "العالم العربي السني" يقصدون بشكل خاص السعودية. وحسب ميلمان، فإن نتنياهو من خلال الإشارات المبطنة للعلاقة مع السعودية يحاول إقناع الجمهور الإسرائيلي بأنه بالإمكان "الحفاظ على الوضع القائم في الضفة الغربية للأبد، وبالإمكان تعديله بين الحين والآخر، من خلال ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة لإسرائيل".
ولفت إلى أن وزير الحرب الإسرائيلي السابق، موشيه يعالون، على الرغم من خلافه مع نتنياهو، يتبنى نفس الموقف ويزعم أنه بالإمكان جلب مليون يهودي للإقامة في مستوطنات الضفة الغربية، على اعتبار أن الصراع مع الفلسطينيين "غير قابل للحل".
وفي السياق، سخر ميلمان من التصريحات التي أدلى بها مدير المخابرات السعودية الأسبق، تركي الفيصل، مؤخرا، على هامش مشاركته في ندوة نظمت في كنيس يهودي في نيويورك إلى جانب رئيس الموساد الأسبق، إفرايم هليفي، والتي نفى فيها إجراء أي اتصالات ولقاءات بين مسؤولين سعوديين وإسرائيليين.
وأكد ميلمان، الذي يعد من أوثق معلقي الشؤون الاستخبارية في إسرائيل، أن اللقاءات السرية بين المستويات الرسمية في كل من الرياض وتل أبيب بدأت في ثمانينيات القرن الماضي. وشدد ميلمان على أنه على الرغم من أن هليفي رفض الإجابة على سؤال وجّهه له بشأن اللقاءات السرية التي عقدها مع المسؤولين السعوديين أثناء توليه مواقعه داخل "الموساد"، إلا أن ميلمان يؤكد أن هليفي عندما كان رئيسا لـ"الموساد" وأثناء توليه قيادة شُعبة "تيفيل" المسؤولة عن إدارة الاتصالات مع الاستخبارات الأجنبية، عقد لقاءات مع نظرائه السعوديين.
وأوضح أن الفيصل تبنى، خلال الندوة، موقف نتنياهو المطالب بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، وهو ما يتناقض مع موقف قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الذين يعارضون ذلك.
وينقل ميلمان عن هليفي قوله إن اتفاق المصالحة بين "حماس" وفتح يفتح أمام إسرائيل فرصة لتطوير علاقاتها بالسعودية والعالم العربي، بشرط أن تبدي تل أبيب استعدادا لحل الصراع.
وشدد هليفي على أنه على الرغم من تواصل العلاقات بين الرياض وتل أبيب والتقاء المصالح بين الجانبين، إلا أنه بدون حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فإن فرص تدشين علاقات رسمية بين السعودية وإسرائيل تؤول إلى الصفر.
على صعيد آخر، وخلال محاضرة ألقاها أمام ندوة نظمها مركز أبحاث "Robin Niblet" في لندن أمس، كرر نتنياهو مزاعمه بأن الدعوة إلى إخلاء المستوطنات اليهودية من الضفة الغربية تعد دعوة إلى "التطهير العرقي".
وجدد رئيس الوزراء الإسرائيلي التأكيد على موقفه الرافض لتفكيك أي مستوطنة يهودية في الضفة الغربية. وألمح إلى وجود تقارب بينه وبين فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب في كل ما يتعلق بطابع "التسوية الإقليمية"، ممتدحا توجهات الفريق التي تقوم على "التفكير خارج الصندوق"، على تعبيره.
واستخفّ نتنياهو بالجمهور الذي تحدّث أمامه، عندما استهجن أن تتم المطالبة بـ"اجتثاث" المستوطنين اليهود من مستوطناتهم في الضفة ولا تتم المطالبة باجتثاث المستعمرين الأتراك من شمال قبرص.