وقد توقّفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، في تقرير، اليوم السبت، عند محتويات هذه الوثائق التي قدّمت معلومات عن لي هارفي أوزوالد، الشخص المتهم باغتيال كينيدي، والناشطين جيمس مكورد، وهوارد هانت، المتورطين في عملية السطو على مقر الحزب الديمقراطي عام 1972 والتي أدت إلى تفجّر فضيحة ووترغيت.
إحدى وثائق "سي آي إيه"، تذكر تفاصيل زيارة أوزوالد للقنصلية الكوبية، والسفارة السوفييتية في مكسيكو سيتي، خلال الأسابيع التي سبقت واقعة إطلاق النار على كينيدي، في 22 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1963 في دالاس.
أوزوالد نفسه قد أُطلق النار عليه من قبل مالك ملهى ليلي هو جاك روبي، في مقر شرطة دالاس، خلال نقل تلفزيوني مباشر، وهو الأمر الذي أدى إلى تأجيج نظريات المؤامرة حول الاغتيال على مدى عقود.
وتكشف ملفات أخرى لـ"سي آي إيه"، كانت سرية في السابق، عن تقاعد "إلزامي" لكل من مكورد وهانت من الوكالة في عام 1970، المحبطين من نقلهما إلى وظيفة مكتبية، بعد تنفيذهما عمليات سرية ضد نظام الزعيم الكوبي فيديل كاسترو.
نشر الدفعة الجديدة
وتم إطلاق الدفعة الجديدة من الوثائق، وفق قانون جمع وثائق اغتيال الرئيس جون كينيدي عام 1992، والذي ينصّ على ضرورة نشر الحكومة الأميركية جميع الوثائق المتبقية ذات الصلة بتحقيقات الاغتيال، وحدّد لذلك مدة زمنية هي مع حلول 26 أكتوبر/تشرين الأول 2017.
وخلال الأيام التي سبقت الموعد النهائي، أعلن الرئيس دونالد ترامب، في تغريدات على "تويتر" أنّه سمح "بفتح الملفات السرية الطويلة المرتبطة باغتيال كينيدي". ولكن في 26 أكتوبر/تشرين الثاني، خضع ترامب لضغوطات من وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه"، ومكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" ووكالات أمنية أخرى، وسمح بنشر 2800 وثيقة فقط، وحجب 30 ألف وثيقة أخرى.
وأصدر ترامب، مذكرة قال فيها إنّه سيؤخر اتخاذ قرار بشأن نشر هذه الملفات، حتى 26 إبريل/نيسان المقبل.
غير أنّ ترامب، عاد بعد يومين، ليشير في سلسلة تغريدات على "تويتر"، إلى أنّه يريد نشر الوثائق المتبقية، في وقت أقرب بكثير من هذا الموعد.
وقال ترامب، في إحدى التغريدات، إنّه "بعد مشاورات صارمة مع الجنرال جون كيلي (كبير موظفي البيت الأبيض)، وكالة الاستخبارات المركزية، وغيرها من الوكالات، سوف أفرج عن جميع ملفات كينيدي، ماعدا أسماء وعناوين أي شخص ورد ذكره فيها، ولا يزال على قيد الحياة. أفعل هذا لأجل الإفصاح الكامل والشفافية... ومن أجل إخماد أي وكل نظريات المؤامرة".
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) October 28, 2017
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) October 28, 2017
|
وبينما تنتشر عن عملية اغتيال كينيدي نظريات مؤامرة متعددة، لم يقدّم أي منها دليلاً قاطعاً على أنّ أوزوالد، تعاون في ذلك مع أي شخص آخر، كان ترامب نفسه طرح خلال الحملة الرئاسية في عام 2016، نظرية تدّعي أنّ والد خصمه الرئيسي، السيناتور تيد كروز، كان متورّطاً بطريقة ما في الاغتيال.
في الدفعة الجديدة من الوثائق التي تم نشرها، بحسب الصحيفة، لم يتبيّن حتى الآن، أنّ هناك تفخيخاً لأصداف بحرية، كما ورد في الوثائق التي نُشرت سابقاً، كما أنّ الخبراء لم يتوقعوا أن تتضمن معلومات تهزّ الثقة بالاستنتاجات التي أوردتها اللجنة الرئاسية بشأن اغتيال الرئيس كينيدي "لجنة وارن"، بأنّ أوزوالد تصرّف كمسلح وحيد في ديلي بلازا، موقع الاغتيال.
وورد في إحدى الوثائق التي نشرت ضمن الدفعة الأولى في 26 أكتوبر/تشرين الأول، أنّ وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" دبّرت سلسلة من المؤامرات الغريبة لقتل الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، من ضمنها تلويث بدلة للغطس تحت الماء، وتفجير أصداف بحرية، ولا سيما أنّ كاسترو كان يهوى الغطس من دون بدلة، والمعروف بـ"الغطس الحر".
وتعتقد غالبية الأميركيين أنّ آخرين إلى جانب أوزوالد كانوا متورّطين بعملية اغتيال كينيدي، وفقاً لاستطلاعات متعددة أجرتها مؤسسة "غالوب" للبحوث الإحصائية على مر السنين. كما خلص بعض الخبراء والمؤرخين، إلى أنّ "سي آي إيه"، وغيرها من الوكالات الأمنية، أعاقت تحقيق "لجنة وارن".
مغامرات كينغ
إحدى وثائق "مكتب التحقيق الفيدرالي "إف بي آي" الطويلة المحجوبة، والتي تم نشرها، أمس الجمعة، مؤرخة بتاريخ 12 مارس/آذار 1968، تتضمن تحليلاً عن زعيم الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ جونيور، والذي لطالما سعى المدير السابق لـ"إف بي آي" إدغر هوفر لتشويه سمعته.
كما تتضمن تفاصيل فاضحة، عن حفلات جامحة وطيش جنسي من قبل كينغ، الذي اغتيل بعد بضعة أسابيع من تاريخ هذه الوثيقة.
لصوص ووترغيت
وثائق أخرى تشمل مئات الصفحات عن "لصوص ووترغيت"، بما في ذلك بعض الأوراق الداخلية لـ"سي آي إيه" تشيد بالمهارات التي من شأنها أن تُستخدم في وقت لاحق في عام 1972، في السطو الفاضح على مقر الحزب الديمقراطي.
غير أنّه لم يتضح في الوثائق، السبب الذي من أجله تم وصف تقاعد مكورد من "سي آي إيه" بأنّه "غير طوعي".
تقول إحدى الوثائق، إنّه "في مجموعة متنوعة من الواجبات المحلية والخارجية، أظهر السيد مكورد خيالاً غير عادي وإبداعاً وفعالية في إنجاز المهام المسندة إليه"، وفق ما كتب مسؤول في "سي آي إيه"، عن الرجل الذي سيقوم، بعد سنتين من ذلك، باستخدام تلك المهارات في اقتحام مقر الحزب الديمقراطي في ووترغيت.
وتتابع الوثيقة عن مكورد، "إنّ إنجازاته في مجالات تقنيات الصوت المضاد، والأمن المادي والتقني جديرة بالملاحظة بشكل خاص...".
ثم كتب مدير "سي آي إيه" ريتشارد هيلمز إلى مكورد، مثنياً عليه، ومتمنياً له تقاعداً سعيداً "مليئاً بالمتعة والرضا"، مشيراً إلى أنّ "دعمكم الصادق والمخلص يرقى لمستوى المثل والتقاليد العليا للخدمة الاتحادية"، كما كتب.
حتى أنّ مكورد حصل على جائزة من الوكالة، هي "شهادة التميّز" لقاء مدة 20 عاماً من الخدمة.
بعد ذلك بثلاث سنوات، استغرقت هيئة محلّفين 90 دقيقة فقط، لإدانة مكورد بثماني تهم، بما في ذلك التآمر والسطو، والتنصت على المكالمات الهاتفية لأعضاء في الحزب الديمقراطي.
في إحدى وثائق "سي آي إيه" بتاريخ يناير/كانون الثاني 1965، يشتكي هوارد هانت من أنّه يعاني من قرحة معوية، من جرّاء مهام شاقة تم تكليفه بها، بعد الإثارة التي رافقت العمليات السرية لمواجهة كاسترو، المعروفة باسم "مشروع جميت"، والتي بلغت ذروتها خلال غزو خليج الخنازير.
كتب هانت عن هذه القرحة، قائلاً إنّها نتجت عن "ثلاث سنوات من الإحباط في العمل، وعدم الرضى المهني الناجم عن؛ أولاً فشل الوكالة في تعييني بمركز مناسب في الخارج بعد مشاركتي في مشروع جميت، وثانياً الطبيعة السلبية الخالية من التحدي في العمل الداخلي الذي تم منحه لي".
بلغ هانت "نهاية مميتة لمسيرة مهنية"، وفق ما كتب، قائلاً إنّه "من دون أمل في ترقية أو تعيين خارجي، الوضع الذي شغل ذهني، وفي الوقت المناسب، وجدت انعكاساً جسدياً تمثّل في قرحة معوية".
وكان تقرير اللياقة البدنية في عام 1969 من قبل مدير هانت، رئيس عمليات "سي آي إيه" في أوروبا، قد خلُص إلى أنّ هانت كان "مؤهلاً، عازماً، مهنياً رفيع المستوى".
غير أنّ "تعليق ضابط المراجعة" المرفق بتقرير اللياقة البدنية، أوصى بأنّ أداء هانت العام "عالي الكفاءة" بدلاً من "قوي" لأنّ "هذا الضابط (هانت) كان لديه سلسلة من المشاكل الشخصية والضريبية، خارج سيطرته، التي تميل لجعل كفته متأرجحة ما يكفي لوضعها تحت الملاحظة".
تقاعد هانت في عام 1970، ولاحقاً شارك بالتخطيط لاقتحام ووترغيت، والخدع الملتوية التي أدّت في نهاية المطاف إلى إسقاط رئاسة ريتشارد نيكسون، وقد أدين بالسطو والتآمر، والتنصّت على المكالمات الهاتفية لأعضاء في الحزب الديمقراطي، وقضى 33 شهراً في السجن.
ولا يزال كينيدي، أكثر الرؤساء شعبية لدى الرأي العام الأميركي.
لتحميل كامل وثائق "سي آي إيه" عن اغتيال كينيدي من موقعها على الإنترنت: انقر هنا.