ويشير فرولوف الذي نشر مقاله في صحيفة "ريبابليك" الإلكترونية، اليوم الثلاثاء، إلى أنه لم تكن هناك ضرورة لزيارة بوتين من وجهة النظر العسكرية والسياسية، وأنه كان يمكن الإعلان عن انتهاء العملية العسكرية من منتجع سوتشي داخل روسيا، معتبرا أن لقطات الزيارة كانت "موجهة إلى الجمهور الداخلي، وستصبح جزءاً من مقاطع الفيديو ضمن مواد حملة بوتين الانتخابية".
ويرجح أن "فعالية الإعلان الرسمي عن انتهاء العملية السورية، خُطّط لها في سياق ترشح بوتين لولاية رئاسية جديدة"، مضيفا أن بوتين لا يصطحب الحرب في سورية معه إلى الدورة الانتخابية الجديدة منعاً لـ"إزعاج الناخب المؤيد" بحرب لم تكن من وعود بوتين الانتخابية في عام 2012.
ويضيف فرولوف أن الحرب في سورية "لم تكن حرب الضرورة للتصدي الى تهديدات وحدة الأراضي الروسية وحياة مواطنيها، بل كانت حربا اختيارية بخيار شخصي من بوتين، مثلما كانت الحرب في العراق خياراً شخصياً لجورج بوش".
ويسأل الخبير الروسي حول تأثير نتائج العملية العسكرية في سورية على طبيعة السياسة الخارجية الروسية خلال ولاية بوتين الرابعة، وما إذا كانت ستصبح نموذجا لتدخل روسيا بالقوة في نقاط ساخنة جديدة في الشرق الأوسط وخارجه، كما يذكّر بأن موافقة مجلس الاتحاد (الشيوخ) الروسي على استخدام القوات المسلحة الروسية في الخارج بتاريخ 30 سبتمبر/أيلول 2015، لا تتضمن أي قيود زمنية أو جغرافية على ذلك.
وفي هذا السياق، يوضح أن "الشرق الأوسط يتحول إلى واحدة من أهم أولويات السياسة الخارجية الروسية" التي تؤدي دورا سياسيا داخليا لإضفاء الشرعية على السلطة، محذراً من أن تصبح روسيا "رهينة" لعدم الاستقرار في هذه المنطقة.
ويرجع فرولوف نجاح روسيا وقلة خسائرها خلال الحرب في سورية إلى مجموعة من العوامل، وهي عدم بدء المحاربة الفعلية ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، إلا في المرحلة الختامية من العملية، والدور الرئيسي للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في إلحاق الهزيمة به، وتوقف الدعم الخارجي لفصائل المعارضة السورية التي كانت هدفا رئيسياً للغارات الروسية وليس "داعش"، واستخدام روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن عشر مرات لدعم النظام وتبرئته من تهم استخدام السلاح الكيميائي.
ويخلص الكاتب إلى أنه "حان الوقت لنقاش علني حول ضرورة القيود المؤسساتية على حرية الرئيس في اتخاذ القرارات السياسية الخارجية والعسكرية حتى لا نستيقظ يوماً نحارب في السودان، مثلا".
أما صحيفة "فيدوموستي"، فتوقعت هي الأخرى أن "سحب القوات من سورية سيثير إعجاب الناخبين الروس"، مرجحة في مقال بعنوان "بوتين يخوض الانتخابات كصانع للسلام" أن يُوظف الانسحاب في إطار الحملة الانتخابية المرتقبة. ونقلت الصحيفة عن مدير مركز تحليل النزاعات في الشرق الأوسط في معهد الولايات المتحدة وكندا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ألكسندر شوميلين، إن "إعلان بوتين له أهمية كبرى في سياق الانتخابات فقط".
ورأى شوميلين أن موسكو تراهن على الحل الدبلوماسي، وتريد الانسحاب مع الحفاظ على ماء الوجه، على عكس إيران التي لا تنوي الانسحاب من الأساس وتعتبره "خيانة".
وقال المحلل السياسي يفغيني مينتشينكو، لـ"فيدوموستي" إن "بوتين سيقدم نفسه كمنتصر ورجل جدّد القوات المسلحة الروسية على نحو كيفي، إذ أظهرت العملية في سورية مستوى جديداً للجيش الروسي، وقلة خسائره ونقلة تكنولوجية للأداء مقارنة بالعملية (السوفييتية) في أفغانستان".
وبدوره يوضح مدير مركز "ليفادا" ليف غودكوف، أن "بوتين يهمه أن يظهر كصانع للسلام. يترقب الناس ذلك، ولا يفهمون معنى العملية في سورية. كانت هناك مخاوف من أن تصبح سورية أفغانستان ثانية، وأن روسيا قد تجد نفسها على عتبة حرب عالمية ثالثة".
وبحسب استطلاع للرأي أجراه مركز "ليفادا" مؤخرا، فإن 50 في المائة من الروس يعتبرون أنه حان الوقت لإنهاء العملية العسكرية في سورية.
وكان بوتين قد أمر خلال زيارة مفاجئة إلى قاعدة حميميم في محافظة اللاذقية الاثنين، وزير الدفاع الروسي ورئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية ببدء سحب الجزء الأكبر من مجموعة القوات الروسية إلى مواقع المرابطة الدائمة داخل روسيا. وبحسب صحيفة "إر بي كا"، سيتم تقليص المعدات وعدد أفراد القوات الروسية في سورية بنسبة تزيد عن 50 في المائة، على أن تستغرق عملية الانسحاب نحو شهر.