وكتب السفير البريطاني آنذاك آلان دونالد في برقية سرية موجهة إلى لندن، أن "تقديرات الحد الأدنى للقتلى المدنيين عشرة آلاف قتيل"، والرقم الذي أورد في 5 يونيو/ حزيران 1989 في وثيقة المحفوظات الوطنية البريطانية التي اطلعت وكالة "فرانس برس" عليها، يفوق بنحو عشرة أضعاف التقديرات التي تم الإقرار بها في ذلك الحين والتي تراوحت بين مئات القتلى وأكثر من ألف قتيل. إلا أن الخبير الفرنسي في الشؤون الصينية جان بيار كابيستان اعتبر الرقم البريطاني جديرا بالثقة، مذكراً بأن وثائق أزيلت السرية عنها في السنوات الأخيرة في الولايات المتحدة خلصت إلى حصيلة مماثلة. وقال كابيستان: "لدينا مصدران مستقلان إلى حد بعيد يقولان الأمر نفسه".
وأوضح هذا الاختصاصي من جامعة هونغ كونغ المعمدانية الذي كان في العاصمة الصينية خلال الأيام التي سبقت حملة القمع، أن حصيلة السفير البريطاني "ليست مدهشة نظراً إلى الحشود المتجمعة في بكين وعدد الأشخاص المشاركين في التعبئة" ضد الحكومة الصينية.
ويسرد آلان دونالد في تقريره شهادة مروعة للعنف الذي مارسه الجيش ليل الثالث إلى الرابع من يونيو/حزيران، حين دخل بكين لوضع حد لسبعة أسابيع من التظاهرات في ساحة تيان أنمين الشاسعة.
وأورد السفير نقلا عن مصدر أخفي اسمه حصل على معلوماته من "صديق مقرب هو حاليا عضو في مجلس الدولة (الحكومة)" في الصين، أنه أثناء تقدمها "فتحت مدرعات نقل الجند التابعة للكتيبة الـ27 النار على الحشد (...) قبل أن تسحقه".
وروى دونالد أنه بعد وصول العسكريين إلى ساحة تيان أنمين "فهم الطلاب أن لديهم ساعة لإخلاء المكان، لكن بعد خمس دقائق فقط، شنت المدرعات هجومها". وقال إن الطلاب "شبكوا أذرعهم لكنه تم حصدهم بمن فيهم جنود، ثم دهست المدرعات أجسادهم عدة مرات لسحقهم وقامت جرافات بجمع الأشلاء". وأضاف أن "الأشلاء أحرقت ثم تم تصريفها بواسطة خراطيم المياه". وكان النظام الصيني الذي يحرم التطرق إلى تلك الحقبة، أكد في نهاية يونيو 1989 أن حملة قمع "أعمال الشغب المعادية للثورة" أوقعت مئتي قتيل من المدنيين و"عشرات" القتلى في صفوف قوات حفظ النظام.
(فرانس برس)