أعلن حزب العمال الكردستاني، اليوم الأحد، تشكيل إقليم ذاتي يضم خمس مناطق في جبال قنديل بإقليم كردستان العراق، قرب الحدود مع تركيا، في خطوة من شأنها تعقيد المشهد العراقي في شمال البلاد، ودفع أنقرة إلى تنفيذ هجوم بري واسع على المنطقة، كما حدث قبل سنوات، فيما لا يمكن التنبؤ برد حكومة نجيرفان البارزاني أو الحكومة العراقية في بغداد.
وأعلن العمال الكردستاني، المصنف على لائحة الإرهاب، في بيان له بثته وسائل إعلام كردية، وترجم "العربي الجديد" مقتطفات منه، أنّه "وبحضور أكثر من 300 شخصية سياسية، تم الإعلان عن إقليم قنديل، الذي يضم مناطق الييان، وناودشت، وسوردي، وقلاتوكا، وماردوو"، وأضاف أن "الخطوة الثانية هي انتخاب مجلس لإدارة الإقليم والبدء بخطوات الإعمار فيه".
ونقل البيان عن أحد المشاركين في المؤتمر أنّ "إدارة الإقليم عليها أن تنأى بنفسها عن أي مشاكل مع حكومة إقليم كردستان، وأن تحترم القوانين"، مؤكداً أنّ "أهالي سفوح قنديل سينتخبون بأنفسهم ممثليهم، في إدارة الإقليم الجديد".
ولم يحصل "العربي الجديد" على رد من قبل الحكومة العراقية، ولا من قبل حكومة إقليم كردستان، بشأن الموضوع.
وتتهم الحكومة العراقية حكومة كردستان بتوفير الدعم لحزب العمال الكردستاني لوجوده شمال العراق، بينما تتهم الأخيرة حكومة بغداد ومليشيات "الحشد" الشعبي بدعم الحزب.
ويأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه علاقات بغداد وأربيل أزمة خطيرة، اندلعت عقب قيام الإقليم باستفتاء للانفصال.
وتقع منطقة جبال قنديل في إقليم كردستان شمالي العراق، عند نقطة التقاء الحدود العراقية الإيرانية التركية، وتمتد بعمق نحو 30 كيلومتراً داخل الأراضي التركية، ونحو 10 كم داخل إيران، وتبعد 150 كيلومتراً عن أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق.
وتُعرف هذه المنطقة الجبلية بغاباتها الطبيعية الكثيفة ووديانها العميقة، ويتجاوز امتداد سلسلة جبال قنديل الشاهقة مئتي كيلومتر، وتصل أعلى قمة جبلية فيها إلى ما بين 3000 و4000 متر فوق مستوى سطح البحر، وتضم نحو 140 قرية صغيرة ومتوسطة، فضلاً عن ثلاث نواحٍ، بعدد سكان يتراوح بين 60 و100 ألف نسمة، جميعهم من العراقيين الأكراد.
وتمثل المنطقة أهمية كبيرة بالنسبة إلى العراق، وكذلك نقطة ضعف كبيرة بالنسبة إلى إيران وتركيا، إذ اتخذها حزب العمال مقراً له وقاعدة عسكرية، لأنها مشرفة على أراضي الدولتين، إذ يصعب على الجيوش النظامية التعامل مع المسلحين فيها.
وتحوّلت المنطقة مع العقود الماضية إلى مقر طبيعي لكل الحركات الكردية الانفصالية في العراق وسورية وتركيا وإيران، على حد سواء.
وترتبط جبال قنديل، على وجه الخصوص، بالنشاط العسكري لحزب العمال الكردستاني التركي، الذي تقع جل معسكراته ومراكز تدريبه في هذه الجبال، على الرغم من أنها خارج الأراضي التركية، ولذلك فإنها لطالما استهدفت من قبل الطيران الحربي التركي بالغارات.
وقد أقام العمال الكردستاني بنية تحتية لمقاتليه في هذه الجبال الوعرة، إذ أسس مستشفى خاصاً به لمعالجة مقاتليه، وهو يوفر مع ذلك خدمات العلاج مجاناً للقرويين المجاورين.
ومع أنه ليس هناك إحصاء دقيق لعدد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في منطقة جبال قنديل، فإن تقديرات خبراء ومتخصصين في الشؤون العسكرية تشير إلى أن عددهم لا يتعدى أربعة آلاف مقاتل.
ويعتمد سكان منطقة جبال قنديل على الرعي وتربية المواشي وإنتاجها من اللحوم والألبان، وكذلك زراعة الفواكه، كالرمان والتفاح والكمثرى.
ويسوّق السكان منتجاتهم الحيوانية والزراعية في المدن المجاورة، ويعتمدون في معيشتهم على عائدات تلك المنتجات.