مع بدء العد العكسي لاستقبال العام الجديد، تواصل دول أوروبية استعداداتها الأمنية لتفادي وقوع اعتداءات إرهابية من شأنها تحويل الاحتفالات إلى حوادث مأساوية، في ظل التفجيرات التي طاولت عدداً من الدول خلال السنوات الماضية، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.
في لندن، يجري الاستعداد لاستقبال رأس السنة عبر وضع حواجز وأسلاك على طول جسر لندن، قبل وصول ما يقارب الـ250 ألف متفرّج هذا المساء، حسب ما أورد موقع "ديلي ميل". وقد بيعت حوالي 100 ألف تذكرة لحفلة رأس السنة الجديدة، على نهر التايمز، حيث سيتهافت الناس لمشاهدة الألعاب النارية.
أمّا أعداد الشرطة المنتشرة فستكون أقل، لكن سيتم نشر عدد أكبر من القوات المسلّحة، وفقاً لما ذكرته شرطة سكوتلانديارد.
من جهته، قال نيك ألدروث، وهو متحدّث باسم شرطة العاصمة، لصحيفة "ذا إندبندنت"، إنّه في حين لن تتم مناقشة الأرقام، إلا أنه وُضعت خطة مناسبة، مشيراً إلى أنّ القوة المنتشرة تتمتّع بالإمكانيات اللازمة لمواجهة التهديدات القائمة.
وأضاف في حديث آخر إلى "ديلي تليغراف": "لدينا عدد أقل من ضباط الشرطة هنا، ولكنّهم يمثّلون العدد المناسب من الموارد التي نحتاجها".
في المقابل، ذكرت أرقام وزارة الداخلية أنّ عدد ضباط الشرطة في جميع أنحاء البلاد، وصل إلى أدنى مستوى له منذ 30 عاماً، مع ارتفاع مستوى التهديد الإرهابي الحالي في بريطانيا.
ويأتي انخفاض العدد الإجمالي لضباط الشرطة الذين يعملون ليلة رأس السنة، مع وصف مفوضة شرطة العاصمة كريسيدا ديك، موارد الشرطة بـ"الممددة"، ودعوتها إلى مزيد من التمويل.
إلى ذلك، ارتفعت الجرائم المسجلة بنسبة 13 في المائة خلال العام، بما فيها زيادة الهجمات الحمضية والطعن والجرائم الجنسية.
وأمرت شرطة العاصمة بالفعل، الضباط بوقف التحقيق في بعض "الجرائم المنخفضة المستوى"، لأنّها توفّر بذلك 400 مليون جنيه إسترليني، مع حلول عام 2020، ويعتقد أنّ قوات أخرى تقوم بسن أو النظر في سياسات مماثلة.
لكن كشفت الشرطة عن وجود حواجز للمركبات وشرطة مسلّحة وكلاب بوليسية وأدوات لكشف أرقام لوحات السيارات، وكاميرات مراقبة وضباط علنيين وسريين للحفاظ على السلامة العامة في لندن.
بدورها، قالت متحدثة باسم عمدة لندن صديق خان، إنّ سلامة لندن ضمن الأولويات الأولى للعمدة، وإنّه وفريقه على اتصال وثيق مع شرطة العاصمة وشركة نقل لندن والوكالات الرئيسية الأخرى، ولديهم خطط مناسبة للأمن.
وجاءت أنباء انخفاض عدد أفراد الشرطة أثناء الخدمة خلال ليلة رأس السنة، بعد أيّام من تهديد تنظيم "داعش" الإرهابي للعاصمة، وإطلاقه شريط فيديو يظهر انفجاراً في ساعة "بيغ بن" الشهيرة، وقطاراً يخرج عن مساره، وسيارة تضرب الناس في أحد الشوارع. كذلك يهدّد الفيديو الناس بمهاجمتهم في أسواق الميلاد والنوادي والكنائس.
الدنمارك: حواجز إسمنتية
في الدنمارك، وفي الساعات الأخيرة قبيل احتفال الدنماركيين في ساحة المحافظة وسط كوبنهاغن، اتجهت الأجهزة الأمنية والشرطة إلى مزيد من الاستنفار والانتشار على خلفية تحذيرات "من استغلال إطلاق المفرقعات لتنفيذ هجوم إرهابي".
وبحسب بيانات الشرطة، اليوم الأحد، فإنها قامت بنشر "المزيد من الكتل الإسمنتية في المناطق المفترض أن يجتمع فيها المواطنون للاحتفال بقدوم السنة الجديدة 2018".
ويبدو أن مخاوف الدنماركيين من هجمات محتملة "تستند إلى ما شهدته أوروبا من تزايد الهجمات والمحاولات طيلة 2017"، وفقا لتقدير المسؤول عن عمليات الطوارئ في كوبنهاغن، تيم سيمونسن.
ونقلت وسائل الإعلام المحلية عن سيمونسن قوله، صباح اليوم، إن "إجراءات عدة تم اتخاذها لتأمين الاحتفالات ونشر نقاط مراقبة مع تدفق أعداد كبيرة من الناس إلى الساحات في منتصف الليل".
وبين أن ما تخشاه الشرطة والمخابرات الدنماركية "عملية دهس أو استهداف لمجموعات غير منتبهة لما يجري، ما يزيد مخاطر استغلال التجمعات لتحقيق ضربات إرهابية".
ويبدو أيضا أن الانتشار الأمني، وخصوصا زيادة أعداد الكتل الإسمنتية، "ليس كافيا" من وجهة نظر المسؤول الأمني، كاسبر سكوو ميكلسن.
وما يأمله هذا المسؤول أن "تمنع الحافلات والمركبات من المرور قرب التجمعات وعلى مسافة بعيدة". ويبرر ميكلسن مطلبه، الذي يبدو أنه بات ينفذ مع انتشار كتل بدائرة أوسع من السابق، وتحيط بعض الشوارع وتغلقها، بالقول للقناة التلفزيونية الدنماركية الأولى إن "إطلاق المفرقعات يمكن أن يمكن سيارة عابرة بسرعة من تجاوز العوائق وتحقيق إصابات على بعد عشرين مترا، دون أن ينتبه إليها مطلقو المفرقعات أو المنشغلون بالاحتفال الرسمي بالألعاب النارية فوق مبنى المحافظة، ويمكن أن تكون النتائج كارثية".
تأمل كوبنهاغن، بنشرها المزيد من الكتل الإسمنتية ورجال الأمن، باللباس الرسمي والمدني، أن "تمر الليلة بدون أحداث وأن يحتفل المواطنون بسعادة ودون منغصات"، بحسب ميكلسن.
ويبدو واضحا أن "المقلق هذه الليلة، إلى جانب استخدام مفرقعات للهجوم، أن تتمكن سيارات صغيرة من اقتحام المجموعات المحتفلة، في حين نأمل أن تسهم الإجراءات بتخفيض سرعة المركبات إلى ما دون ثمانية كيلومترات، بما يحقق الهدف بعدم صدمها للناس، وإن كانت هناك مخاطرة بأن تعيق تلك الكتل حركة هروب المستهدفين أيضا، لكنها مخاطرة يجب أن نخوضها لحمايتهم".
ومن جهة ثانية، عزز الأمن الدنماركي إجراءاته لحماية القصر الملكي، وتنقلات الملكة الدنماركية مارغريتا الثانية، مساء اليوم، في ما يخص الاحتفال الملكي.