تفريغ جنيف8: وفد النظام يعود الأحد وضغوط على المعارضة بموضوع الأسد

08 ديسمبر 2017
دي ميستورا التقى المعارضة أخيراً (دينيس باليبوز/فرانس برس)
+ الخط -



لا يزال وفد المعارضة السورية المفاوض في جنيف مصراً على إنجاز الانتقال السياسي في البلاد وفق قرارات الشرعية الدولية، قبل التطرق إلى مواضيع العملية الدستورية والانتخابات والإرهاب، واصفاً لقاء جمعه مع الموفد الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، حول "الحكم"، بـ"الغني". وفي خضمّ الضغوط التي تعرّضت لها المعارضة أخيراً، إلا أنها أكدت جديتها في التوصّل لحل سياسي، فيما أعلن النظام نيّته إرسال وفده مرة أخرى إلى جنيف، يوم الأحد المقبل، بعد فشل محاولته تقويض الجولة الثامنة من المفاوضات، راضخاً لضغوط روسية، في ظلّ رغبة موسكو بعدم تحوّل حليفها بشار الأسد إلى "المعطّل للعملية السياسية"، رغم سعيها إلى عدم تحقيق اختراق في موقف النظام.

في شأن المعارضة، تحوّل مقرّ إقامة وفدها في جنيف إلى محطة لحركة مبعوثين ودبلوماسيين غربيين ضغطوا عليه للقبول بـ"تجميد" مطلب تنّحي الأسد بهدف "إعطاء دفع للمفاوضات مع وفد النظام حول التسوية". في هذا الإطار، أفاد عضو في وفد المعارضة، لوكالة "فرانس برس"، بأن "معظم الدبلوماسيين الذين زارونا يكررون الدعوة ذاتها: عليكم التحلي بالواقعية إذا كنتم تريدون تسوية النزاع". وتابع "يريدون منا تجميد مطلب تنحي الأسد، وليس التخلي عنه تماماً". والتقى الوفد المفاوض المعارض عدداً من الدبلوماسيين، آخرهم يوم الأربعاء الماضي، المستشارة الأميركية للملف السوري ستيفاني ويليامز، والأسبوع الماضي نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد، ومبعوثين من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا والصين، وغيرهم. وكشف العضو أن "الوسطاء الغربيين يعتبرون أن فكرة تجميد تنحي الأسد هي من باب إحراج وفد النظام ودفعه للقبول بمفاوضات مباشرة معها". وأضاف أن "هناك ردود فعل متباينة داخل المعارضة إزاء الضغوط، وثمة تيار رمادي يتسع داخل الوفد يضغط للمضي بخيار التجميد، لكن ممثلي الفصائل العسكرية وبعض السياسيين يواجهونه برفض مطلق".

في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين في حكومة النظام، أمس الخميس، أن "وفدها التفاوضي برئاسة المندوب الدائم للنظام لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، سيصل إلى جنيف يوم الأحد المقبل، وذلك للمشاركة في محادثات الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف مع المعارضة السورية"، مشيرة إلى أن "الوفد سيعود إلى دمشق، اليوم الجمعة". وأكدت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن "النظام اضطر لإرسال وفده للمشاركة في المرحلة الثانية من جنيف 8 نتيجة ضغط روسي"، لافتة إلى أن "النظام كان اتخذ قراراً بعدم العودة لولا ضغط موسكو عليه، الذي أدى إلى إعلان خارجية النظام عودة وفدها التفاوضي إلى جنيف".

وكانت الولايات المتحدة قد مارست ضغوطاً على موسكو من أجل جلب وفد النظام إلى طاولة المفاوضات في جنيف. وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، خلال مؤتمر صحافي في بروكسل، مساء الأربعاء، إنه "قلنا للروس إن من المهم أن يكون النظام حاضراً وجزءاً من هذه المفاوضات والمناقشات". وأشار المسؤول الأميركي إلى أن "الأميركيين تركوا الأمر للروس لإعادة النظام إلى الطاولة"، مضيفاً أنه "نرى من المهم أن يكون بشار الأسد طرفاً مباشراً في هذه المفاوضات ما دام على رأس النظام. وأبرزنا أمام الروس أهمية مشاركة دمشق في هذه المفاوضات، وتركنا لهم مهمة جلبها إلى طاولة المفاوضات".



وكان وفد النظام غادر جنيف، يوم السبت الماضي، معترضاً على بيان الرياض 2 الذي أصدرته المعارضة أخيراً، الذي شدّد على "عدم القبول ببقاء الأسد وزمرته في المرحلة الانتقالية". واعتبر النظام هذا البيان بمثابة "عودة إلى المربع الأول"، مطالباً المعارضة بـ"قراءة ما يجري في البلاد بشكل واقعي". وهو ما أكد صراحة عدم نيّة النظام الانخراط الجدي في المفاوضات، باحثاً عن "استسلام" لدى المعارضة المتمسكة ببيان جنيف 1، والقرار 2218، والقرار 2254، وكلها قرارات داعية إلى انتقال سياسي ذي مصداقية، وهو ما يعني خروج بشار الأسد من السلطة.

كما أبدى وفد النظام تحفّظاً على أسئلة دي ميستورا الـ12 حول المستقبل السياسي للبلاد، واعتبرها تجاوزاً لمهامه، فقال الجعفري، يوم الجمعة الماضي، إنه "جاء للتفاوض عبر المبعوث الأممي وليس معه". على أن دي ميستورا شرع في عقد لقاءات مع وفد المعارضة السورية يومي الثلاثاء والأربعاء والخميس، من دون انتظار عودة وفد النظام إلى جنيف.

وقال دي ميستورا، أمس الخميس، في مؤتمر صحافي في جنيف، إنه "سيجري النظر في ما إن كان أي من طرفي الصراع في سورية يحاول إفساد محادثات السلام المنعقدة في جنيف". وأضاف "إذا خلصنا، لأن‭‭ ‬‬هذا سيكون نبأ سيئاً جداً، إلى أن أحد الطرفين يحاول فعلياً إفساد التقدم وعملية جنيف، فستكون لذلك تداعيات سيئة جداً على أي محاولة سياسية أخرى تجري في أي مكان آخر".

ولفت عضو وفد المعارضة، المتحدث الرسمي باسمه، يحيى العريضي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "جلسة الأربعاء امتدت لثلاث ساعات تمحورت حول السلة الأولى، وهي عملية الانتقال السياسي وبنتيها وماهيتها، وكيفية حدوثها، والعناصر المشكلة لها، ولحظها في القرارات الدولية، إضافة الى التسلسل بينها وبين السلل الأخرى، وتحديداً العملية الدستورية والانتخابات". وأشار إلى أن "وفد المعارضة أصرّ على أولوية الانتقال السياسي، وأن كل شيء ينطوي تحت هذه العملية". وأضاف أن "عملية الانتقال السياسي تقوم على تشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات ترعى جمعية تأسيسية من أجل وضع دستور دائم للبلاد، وتحدد مبادئ الحوار الوطني، والعملية الانتخابية".

وأكد العريضي أن "النقاش مع المبعوث الأممي كان غنياً، وجاداً، وعميقاً، ويؤسس لأشياء أخرى"، مضيفاً: "نحن جادون كثيراً، بينما الطرف الآخر (النظام) يحاول الهروب من استحقاق يدرك أن نتيجته ليست لصالحه". وأشار العريضي إلى أن الضغط الروسي وراء رضوخ النظام بالعودة مرة أخرى إلى جنيف، مضيفاً: يحاول الروس التمثيل أمام العالم أنهم ملتزمون بالعملية السياسية. وقال العريضي: مسلكية رئيس وفد النظام في المفاوضات بشار الجعفري بلطجية، لأنه وجد نفسه وجهاً لوجه أمام قرارات دولية. وأضاف: الشعب السوري آخر اهتمامات النظام، ونحن نعرف ما هي هواجس هذا النظام، والمعارضة وضعته أمام حالة حصار في مفاوضات جنيف، واصفاً أداء وفد المعارضة السورية في المفاوضات بـ"المتناغم، والقوي، والذكي، والمهني"، وفق تعبيره.