ويبدو من خلال أداء المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، الذي يقوم على الموازنة بين الموقف الروسي والموقف الأميركي، وهما "القوتان الرئيسيتان الفاعلتان في القضية السورية"، أن واشنطن قد أدارت ظهرها بشكل كامل للقضية السورية وسلمتها للروس، وهو ما لمسناه من خلال تصريحات دي ميستورا التي لم تجرؤ حتى على اتهام النظام بتعطيل جنيف، رغم تأخره عن حضور الجولة الثامنة منه، وعدم تفاعله مع أي من القضايا المطروحة، وذهابه بشكل مبكر، وتأخره أربعة أيام عن الجولة الثانية منه.
وبدا موقف الأمم المتحدة وكأنه نسخة عن الموقف الروسي الذي اضطر للضغط على النظام للعودة إلى المفاوضات، الأمر الذي يطرح تساؤلاً حول الجدوى من مرابطة المعارضة في جنيف في الوقت الذي يعمل فيه النظام على استكمال السيطرة الميدانية على ما تبقى من مناطق المعارضة، سواء من خلال خرق اتفاق خفض التصعيد في الغوطة الشرقية، أو من خلال محاولات الوصول إلى مطار أبو الضهور في ريف إدلب الشرقي وريف حلب الجنوبي الغربي، وذلك من أجل تحويل مسار التفاوض من المسارات المرسومة له إلى موضوع مطالبات للنظام بالتوقف عن الانتهاكات التي يرتكبها.
وطالما أن الهدف النهائي لروسيا هو إنجاز مؤتمر مصالحة في سوتشي شبيه بما كان يدعو له النظام عام 2011 من مؤتمرات مصالحة "وطنية"، فإنه يتوجّب على المعارضة التفكير بحلول لمواجهة مؤتمر سوتشي، سواء من خلال تحشيد دولي لرفض هذا المؤتمر أو من خلال إنتاج مؤتمر وطني بديل، وتأمين تأييد دولي له، من أجل إفراغ سوتشي من محتواه.