دخل العراق في مرحلة من التجاذب السياسي والانتخابي الحاد بين التيار الصدري والحكومة العراقية، بعدما انتهت التظاهرات التي دعا إليها زعيم "التيار" مقتدى الصدر، بصدام بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب، ما أدى إلى مقتل 5 متظاهرين وعنصري أمن، وإصابة أكثر من 300 شخص.
وخرجت التظاهرات عن السيطرة بعدما اخترق آلاف المتظاهرين الحواجز الأمنية مشتبكين مع قوات مكافحة الشغب، التي حاولت منعهم بإطلاق الغاز المسيل للدموع عليهم، وضربهم بالهراوات والعصي، ما أدى إلى سقوط خمسة قتلى وأكثر من 300 جريح في صفوف المتظاهرين، فضلاً عن مقتل عنصري أمن وجرح سبعة آخرين. لكن الحشود واصلت تقدمها نحو بوابة المنطقة الخضراء وسط هتافات بسقوط مفوضية الانتخابات، قبل أن ينسحب المتظاهرون بطلب من الصدر.
وانطلقت تظاهرة، أمس السبت، بمشاركة الآلاف من أتباع "التيار الصدري" و"التيار المدني" و"الحزب الشيوعي العراقي"، في ساحة التحرير، وسط بغداد، للمطالبة بحل مفوضية الانتخابات المتهمة بالفساد وبالعمل على أساس المحاصصة.
وبعد تجمع آلاف المتظاهرين في ساحة التحرير، وسط بغداد، وتطويقهم من قبل القوات الأمنية التي قطعت الجسور والطرق المؤدية إلى المنطقة الخضراء، أصدر زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، بياناً تضمّن توجيهات للمتظاهرين يغلب عليها طابع التهدئة. وتم إلقاء البيان بالنيابة عنه عبر مكبرات الصوت في ساحة التحرير، وقال فيه "إذا شئتم الاقتراب من المنطقة الخضراء لإثبات مطالبكم وإسماعها لمن هو داخل منطقة الأسوار بتغيير المفوضية وقانونها حتى غروب شمس اليوم، وخيارنا سلمي حتى تحقيق المطالب، وإياكم دخول المنطقة الخضراء هذا اليوم"، وفق بيان الصدر. لكنه اعتبر أنه "على (رئيس الوزراء حيدر) العبادي تنفيذ مطالب المتظاهرين وتحقيق الإصلاح الفوري والاستماع لصوت الشعب، وإلّا فإنّ الانتخابات (المقبلة) لن تبقي لهم من باقية"، وفق تعبيره.
وعلى الفور عقب انتهاء تلاوة البيان، زحف آلاف المتظاهرين من أتباع التيار الصدري نحو المنطقة الخضراء رافعين شعارات للمطالبة بحل مفوضية الانتخابات. لكن قوات مكافحة الشغب ردّت عليهم بالغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريقهم، واشتبكت معهم بالعصي والهراوات. ولم تثن تلك الإجراءات الأمنية المتظاهرين الذين اندفعوا متخطين الحواجز كلها، ووصلوا قرب بوابة المنطقة الخضراء التي أغلقت بالأسلاك الشائكة وانتشرت في محيطها مئات العناصر الأمنية، لينادوا بحل مفوضية الانتخابات.
اقــرأ أيضاً
وفي خضم هذا التصعيد، أصدر الصدر توجيهاً جديداً للمتظاهرين، دعاهم فيه إلى الانسحاب التكتيكي دونما شروط. وقال في بيان صحافي إنّه "حفاظاً على دماء الأبرياء وإنقاذها من الإرهاب الحكومي، فإنّه يتحتّم على المتظاهرين الانسحاب التكتيكي حتى إشعار آخر"، متهماً "بعض الجهات المجهولة باستعمال القوة المفرطة ضدّ المتظاهرين العزّل". ودعا الأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية إلى "التدخّل فوراً لإنقاذ المتظاهرين"، محمّلاً مسؤولية ما جرى للعبادي "الذي يدّعي مناصرته الإصلاح"، وفق ما ورد في بيان الصدر. وشدّد بالقول "سيكون ردّنا نحن الثوار أقوى في المرّة (المقبلة)، فدماء شهدائنا لن تذهب سدى"، على حد تعبيره.
وهدّد مكتب الصدر بـ"خطوات تصعيدية في حال عدم الاستجابة لمطالب المتظاهرين". وقال مدير المكتب إبراهيم الجابري، في تصريح صحافي، إن "هناك خطوات تصعيدية سنتخذها تباعاً في حال عدم الاستجابة لمطالبنا في تغيير مفوضية الانتخابات"، مبيّناً أنّ "تلك الخطوات لا ترقى إلى الاعتصام".
من جهته، أعلن محافظ بغداد، القيادي في "التيار الصدري"، علي التميمي، أن خمسة متظاهرين قتلوا وأصيب أكثر من 300 آخرين خلال اشتباكات مع قوات الأمن، داعياً العبادي إلى محاسبة المتورطين بالاعتداء على المتظاهرين. في المقابل، أكدت قيادة عمليات الجيش في بغداد مقتل عنصر من قوات الأمن وإصابة سبعة آخرين خلال اشتباكات مع متظاهرين، موضحة في بيان أنها عثرت على أسلحة وسكاكين لدى بعض المحتجين، بحسب تأكيدها. وأعلنت أن قوات الأمن العراقي كانت "تقوم بمهماتها التي تمثلت في حفظ الأمن والنظام وحماية المواطنين والأموال العامة والخاصة"، وفق تعبيرها.
في غضون ذلك، طالبت مفوضية الانتخابات رئيس الحكومة والمجتمع الدولي بـ"التدخل لحمايتها بعد تلقيها تهديدات مباشرة من قبل بعض منسّقي التظاهرات". وقال رئيس مجلس المفوضين، سربست رسول، في بيان صحافي، إنّ "المفوضية تعرّضت أيضاً إلى ضغوط كبيرة من بعض الكتل السياسية التي تحاول زجّنا في أتون الصراعات السياسية"، على حد وصفه. وأشار إلى أنّ "التيّار الصدري لديه من 30 إلى 40 في المائة من الموظفين في المفوضية ونحو أربعة مدراء عامين"، مطالباً إيّاهم بـ"تقديم استقالاتهم قبل المطالبة بتغيير المفوضية".
ورأى مراقبون أنّ "التظاهرات هي محاولة لاستعراض العضلات على الحكومة، وخطوة لكسب ود الشارع العراقي من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر". وقال الخبير السياسي، عبد الرحمن العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الصدر أراد اليوم إيصال رسالة للحكومة بأنّه لا يزال يحتفظ بالقدرة على قيادة الشارع العراقي وله التأثير الكبير عليه، من خلال إيصاله إلى بوابات المنطقة الخضراء وتجاوز كل الإجراءات الأمنية ومن ثم الانسحاب التكتيكي وفقاً لتوجيهات الصدر". وبيّن أنّ "الصدر نجح بهذه الرسالة، كما نجح أيضاً بتحشيد الشارع العراقي خلفه، باعتباره زعيماً سياسياً يمثل صوت الشعب، وهي تأتي ضمن التحضير للانتخابات المقبلة والاستعداد لخوضها"، وفق قول الخبير نفسه. وأشار إلى أنّ "مفوضية الانتخابات انتهى عمرها بكل الأحوال، وستحل تلقائياً في أغسطس/ آب المقبل وفقاً للقانون، كما أنّ قانون الانتخابات لا تشرعه المفوضية بل يشرعه البرلمان، وتكون المفوضية جهة فنية تنفذ القانون"، مستغرباً هذا التوقيت الذي أراده الصدر "للتظاهرات والذي جاء مع قرب انتهاء عمر المفوضية التي يمثل (التيار الصدري) جزءاً منها"، وفق تعبيره.
وأكد الخبير السياسي أن "تحميل الصدر رئيس الحكومة حيدر العبادي مسؤولية ما جرى اليوم، سيفتح باباً للصراع بين الطرفين، اللذين كانا حليفين خلال الفترة الماضية"، بحسب قوله.
يشار إلى أنّ مفوضية الانتخابات هي هيئة مستقلة شُكّلت عام 2004، بإشراف القوات الأميركية، وتضم مجلس أمناء يتكون من تسعة أشخاص، وهيئة تعرف باسم "إدارة المفوضية"، وغالبية أعضائها من أحزاب سياسية مشاركة في السلطة حالياً. ويقول زعماء كتل وأحزاب عراقية إنّ غالبية أعضاء المفوضية موالون للكتل الكبيرة خصوصاً حزب "الدعوة" بزعامة نوري المالكي، ومتورطون بعمليات تزوير وانحياز لصالح هذا الحزب وأحزاب أخرى.
اقــرأ أيضاً
وخرجت التظاهرات عن السيطرة بعدما اخترق آلاف المتظاهرين الحواجز الأمنية مشتبكين مع قوات مكافحة الشغب، التي حاولت منعهم بإطلاق الغاز المسيل للدموع عليهم، وضربهم بالهراوات والعصي، ما أدى إلى سقوط خمسة قتلى وأكثر من 300 جريح في صفوف المتظاهرين، فضلاً عن مقتل عنصري أمن وجرح سبعة آخرين. لكن الحشود واصلت تقدمها نحو بوابة المنطقة الخضراء وسط هتافات بسقوط مفوضية الانتخابات، قبل أن ينسحب المتظاهرون بطلب من الصدر.
وانطلقت تظاهرة، أمس السبت، بمشاركة الآلاف من أتباع "التيار الصدري" و"التيار المدني" و"الحزب الشيوعي العراقي"، في ساحة التحرير، وسط بغداد، للمطالبة بحل مفوضية الانتخابات المتهمة بالفساد وبالعمل على أساس المحاصصة.
وعلى الفور عقب انتهاء تلاوة البيان، زحف آلاف المتظاهرين من أتباع التيار الصدري نحو المنطقة الخضراء رافعين شعارات للمطالبة بحل مفوضية الانتخابات. لكن قوات مكافحة الشغب ردّت عليهم بالغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريقهم، واشتبكت معهم بالعصي والهراوات. ولم تثن تلك الإجراءات الأمنية المتظاهرين الذين اندفعوا متخطين الحواجز كلها، ووصلوا قرب بوابة المنطقة الخضراء التي أغلقت بالأسلاك الشائكة وانتشرت في محيطها مئات العناصر الأمنية، لينادوا بحل مفوضية الانتخابات.
وفي خضم هذا التصعيد، أصدر الصدر توجيهاً جديداً للمتظاهرين، دعاهم فيه إلى الانسحاب التكتيكي دونما شروط. وقال في بيان صحافي إنّه "حفاظاً على دماء الأبرياء وإنقاذها من الإرهاب الحكومي، فإنّه يتحتّم على المتظاهرين الانسحاب التكتيكي حتى إشعار آخر"، متهماً "بعض الجهات المجهولة باستعمال القوة المفرطة ضدّ المتظاهرين العزّل". ودعا الأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية إلى "التدخّل فوراً لإنقاذ المتظاهرين"، محمّلاً مسؤولية ما جرى للعبادي "الذي يدّعي مناصرته الإصلاح"، وفق ما ورد في بيان الصدر. وشدّد بالقول "سيكون ردّنا نحن الثوار أقوى في المرّة (المقبلة)، فدماء شهدائنا لن تذهب سدى"، على حد تعبيره.
وهدّد مكتب الصدر بـ"خطوات تصعيدية في حال عدم الاستجابة لمطالب المتظاهرين". وقال مدير المكتب إبراهيم الجابري، في تصريح صحافي، إن "هناك خطوات تصعيدية سنتخذها تباعاً في حال عدم الاستجابة لمطالبنا في تغيير مفوضية الانتخابات"، مبيّناً أنّ "تلك الخطوات لا ترقى إلى الاعتصام".
من جهته، أعلن محافظ بغداد، القيادي في "التيار الصدري"، علي التميمي، أن خمسة متظاهرين قتلوا وأصيب أكثر من 300 آخرين خلال اشتباكات مع قوات الأمن، داعياً العبادي إلى محاسبة المتورطين بالاعتداء على المتظاهرين. في المقابل، أكدت قيادة عمليات الجيش في بغداد مقتل عنصر من قوات الأمن وإصابة سبعة آخرين خلال اشتباكات مع متظاهرين، موضحة في بيان أنها عثرت على أسلحة وسكاكين لدى بعض المحتجين، بحسب تأكيدها. وأعلنت أن قوات الأمن العراقي كانت "تقوم بمهماتها التي تمثلت في حفظ الأمن والنظام وحماية المواطنين والأموال العامة والخاصة"، وفق تعبيرها.
ورأى مراقبون أنّ "التظاهرات هي محاولة لاستعراض العضلات على الحكومة، وخطوة لكسب ود الشارع العراقي من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر". وقال الخبير السياسي، عبد الرحمن العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الصدر أراد اليوم إيصال رسالة للحكومة بأنّه لا يزال يحتفظ بالقدرة على قيادة الشارع العراقي وله التأثير الكبير عليه، من خلال إيصاله إلى بوابات المنطقة الخضراء وتجاوز كل الإجراءات الأمنية ومن ثم الانسحاب التكتيكي وفقاً لتوجيهات الصدر". وبيّن أنّ "الصدر نجح بهذه الرسالة، كما نجح أيضاً بتحشيد الشارع العراقي خلفه، باعتباره زعيماً سياسياً يمثل صوت الشعب، وهي تأتي ضمن التحضير للانتخابات المقبلة والاستعداد لخوضها"، وفق قول الخبير نفسه. وأشار إلى أنّ "مفوضية الانتخابات انتهى عمرها بكل الأحوال، وستحل تلقائياً في أغسطس/ آب المقبل وفقاً للقانون، كما أنّ قانون الانتخابات لا تشرعه المفوضية بل يشرعه البرلمان، وتكون المفوضية جهة فنية تنفذ القانون"، مستغرباً هذا التوقيت الذي أراده الصدر "للتظاهرات والذي جاء مع قرب انتهاء عمر المفوضية التي يمثل (التيار الصدري) جزءاً منها"، وفق تعبيره.
وأكد الخبير السياسي أن "تحميل الصدر رئيس الحكومة حيدر العبادي مسؤولية ما جرى اليوم، سيفتح باباً للصراع بين الطرفين، اللذين كانا حليفين خلال الفترة الماضية"، بحسب قوله.
يشار إلى أنّ مفوضية الانتخابات هي هيئة مستقلة شُكّلت عام 2004، بإشراف القوات الأميركية، وتضم مجلس أمناء يتكون من تسعة أشخاص، وهيئة تعرف باسم "إدارة المفوضية"، وغالبية أعضائها من أحزاب سياسية مشاركة في السلطة حالياً. ويقول زعماء كتل وأحزاب عراقية إنّ غالبية أعضاء المفوضية موالون للكتل الكبيرة خصوصاً حزب "الدعوة" بزعامة نوري المالكي، ومتورطون بعمليات تزوير وانحياز لصالح هذا الحزب وأحزاب أخرى.