انتقد حزب "حراك تونس الإرادة"، الذي يتزعمه الرئيس السابق منصف المرزوقي، استقبال رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، الأربعاء الماضي، للوزير الأسبق الحبيب عمّار (الذي لعب دوراً مهماً في إنجاح انقلاب 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 1987 للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي)، واصفاً اللقاء بالفضيحة، مشيراً إلى أنّ ذلك يمثّل اعتداءً على حرمة الشهداء وإهانةً لعوائلهم واستهتاراً بالشعب وثورته.
وقال الأمين العام لحزب "حراك تونس الإرادة"، عماد الدايمي، لـ"العربي الجديد"، إنّه من الصادم ومن غير المقبول، أن يلتقي من هو مفترض أن يكون حامياً للدستور، والمقصود رئيس الجمهورية، بالفارين من مسار العدالة، مبيّناً أنّ هذا اللقاء "هو طعنة للثورة التونسية ولدماء الشهداء".
وأوضح أنّ لقاء السبسي بشخصٍ مطلوب لدى القضاء هو تحد للقضاء وللعدالة وخيانة للشهداء، معتبراً أن اللقاء مؤشر سيئ جداً، ومحاولة للعودة إلى ما قبل الثورة باستقبال رموز من النظام السابق ومتورطين في جرائم وانتهاكات. كما لفت إلى أنّ عمار مطلوب لدى العدالة التونسية، وسبق أن رفض حضور الجلسات التي استُدعي إليها، ومع ذلك يفاجأ الرأي العام بدعوته الى قصر قرطاج.
واعتبر المتحدث ذاته أن هذا اللقاء لا يخلو من رسائل سلبية ومسيئة للتونسيين، باعتبار الدور الذي لعبه عمار قبل الثورة وخاصة في نظام الرئيس المخلوع. وأضاف أنّ "ما حصل يعكس زيف بعض الشعارات التي رفعت في مناسبات عديدة، وخاصة في ما يتعلق بالزعيم والرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة".
وأكد الدايمي أن هذا الشخص قام بالانقلاب على بورقيبة، ولكن تبين "بالكاشف" أنه لا يوجد ارتباط وثيق بين الرئيس الحالي والبورقيبية، معتبرا أن ما تم التسويق له مجرد شعارات روّجت بمناسبة الانتخابات السابقة لجلب عدد من التونسيين يؤمنون بالمشروع البورقيبي ويكنون التعاطف لهذا الزعيم. كما أنّ هذا اللقاء يكشف أنه لا يوجد أي موقف من الانقلاب الذي حصل في تونس.
وأشار إلى أنّ بيان رئاسة الجمهورية والذي يتحدث عن إصدار عمار لكتاب يوثق فترة من تاريخ تونس، هو تبرير فاشل لهذا اللقاء، معتبراً أن هذه الحجة مجرّد محاولة لامتصاص ردود الفعل المستنكرة لهذا اللقاء.
وكان بيان لـ"حراك تونس الإرادة" قد أكد أن استقبال رئيس الجمهورية لعمّار ''المطلوب أمام القضاء العسكري في قضايا قتل وتعذيب'' يعدّ ''خروجا عن الدستور ودوسا على القانون وتحديا لمؤسسة القضاء''. وأضاف أن هذا الأمر يعتبر "مواصلة لمنظومة الحكم في نهج العبث بمسار العدالة الانتقاليّة باستقبال الفارّين من العدالة، وتوفير الحصانة للمجرمين وحماية منظومة التعذيب''، داعياً مؤسسة القضاء ''لإنفاذ قراراتها في هذا الملف".
وطالب البيان الأحزاب السياسيّة والمنظمات الوطنيّة الاجتماعية والحقوقيّة بـ"التصدّي القوي لمثل هذه التوجهات الخطيرة المهددة للدولة وللمسار الديمقراطي وللحريات العامة ولمستقبل تونس''.
يذكر أن الحبيب عمار سياسي وعسكري ووزير تونسي سابق في فترة المخلوع بن علي، وكان ضمن إحدى أوائل بعثات الجيش التونسي إلى مدرسة سان سير الحربية بفرنسا، والتي ضمت أيضا بن علي، إذ ساهم في إنجاح انتقال الحكم لصالح الوزير الأول آنذاك بن علي.
وعيّن وزيرا للداخلية في الحكومة، ثم رفع في عام 1988 إلى رتبة وزير دولة مكلف بالداخلية، قبل أن يقيله بن علي ويبعده عن تونس في فترة أولى ثم يحيله على التقاعد.
وكان عمار قد عيّن آمرا للحرس الوطني في 10 يناير/ كانون الثاني 1984 بعد انتفاضة الخبز.