كشفت صحيفة "لوفيغارو"، اليوم الخميس، عن وجود مخطط فرنسي تتم دراسته في وزارة الخارجية، لتمويل مساعدة وإعادة إعمار المناطق المحررة في سورية.
والمخطط هو عبارة عن تقرير من سبع صفحات، أعده مركز الدراسات والتوقعات والاستراتيجية التابع لوزارة الخارجية، وعنوانه: "أي مكان لفرنسا في النزاع السوري غداة سقوط حلب؟"، وقد تم رفعه إلى وزير الخارجية، جان مارك آيرولت، بتاريخ 3 يناير/ كانون الثاني الماضي.
والتقرير محاولة لاستجلاء ملامح الدور الفرنسي في مرحلة ما بعد الحرب في سورية، على ضوء الرفض الفرنسي القاطع لأي تمويل للنظام السوري، الذي بات الاتحاد الأوروبي لا يستبعد التعامل معه في المرحلة المقبلة. كما أنه يحاول التأسيس لدور فرنسي "لا يكتفي فقط بدور الممول السلبي لمرحلة انتقالية تصبّ في مصلحة نظام بشار الأسد وتعزّز معسكره بدل تحجيمه".
ورأى التقرير أنّ "مشروع إعادة إعمار سورية، بعد التوصل إلى صيغة سياسية لحل النزاع الذي تدافع عنه ممثلة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، والذي قد تبلغ ميزانيته حوالى 300 مليار دولار، هو بمثابة "فخ سياسي"، ذلك أن خارجية الاتحاد الأوروبي، حسب التقرير، "تستلهم معظم أفكارها لمرحلة إعادة الإعمار من المحاورين الروس، الذين يروجون لنظام فيدرالي، أو الإيرانيين الذين يشجعون على إعطاء صلاحيات واسعة لبرلمان يتحكم فيه النظام".
وينصح التقرير الخارجيةَ الفرنسية بـ"تشجيع المعارضة السورية في الوقت الراهن على عدم إعطاء تنازلات في مفاوضات جنيف، لأن نظام الأسد، رغم دعم حلفائه، ما يزال غير قادر على استعادة جميع المناطق السورية التي تسيطر عليها المعارضة أو تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)".
وبدل الانخراط في "تمويل خطة انتقالية ومشاريع إعادة الإعمار المبنية على فكرة سورية موحدة"، يقول التقرير إن "على فرنسا أن تدعم وتمول "المناطق التي لا تخضع لقوات النظام السوري في الشمال والجنوب والرقة في الشرق عندما يتم القضاء على وجود تنظيم "داعش" فيها".
ورغم أن هذه المناطق المحررة، في بعض مناطق إدلب مثلاً، هي عملياً تحت سيطرة "الفصائل الإسلامية المقاتلة التي يجب على باريس أن تتعامل معها بطريقة واقعية"، بحسب التقرير، فإن باريس لها مصلحة أكثر في "تمويل مشاريع إعادة الإعمار الموجهة للمدنيين بشكل عملي، بالارتكاز على عناصر من المجتمع المدني مشهود بحيادها وبتجربتها الميدانية وباستقلاليتها".
ويبدي التقرير مخاوفه من تقلص وزن الدور الفرنسي في النزاع السوري، ويؤكد أن "التهديد الأساسي الذي تواجهه باريس في هذه المرحلة هو تعاظم الدورين الروسي والإيراني في المنطقة"، والذي "يفقد فرنسا مصداقية دورها في الدفاع عن حلفائها العرب ضد التهديدات الإيرانية".
ويحذر التقرير من "انتقال عدوى الهيمنة الروسية على المعادلة السورية إلى مصر وليبيا"، ومخاطر انحسار النفوذ الفرنسي في المنطقة برمتها.
تجدر الإشارة إلى أن فرنسا مثل عدد من الدول الأخرى والقوى الإقليمية المعنية بالنزاع السوري تحضر وتخطط لدور محتمل في تمويل مشاريع إعادة الإعمار، في إطار المرحلة الانتقالية التي قد تتمخض عن اتفاق ينهي النزاع العسكري في سورية.
وتشكل قضية الاستثمار في تمويل مشاريع إعادة الإعمار في سورية رهانات سياسية واقتصادية كبيرة لكل الدول المعنية بالأزمة السورية.