أبديتم تفاؤلكم بخصوص المبادرة التونسية، ما هي المبررات الموضوعية لهذا التفاؤل؟
المبادرة أتت من جهة عبّرت عن صدقها الكامل في حل الأزمة الليبية، وتونس مصلحتها مطابقة لمصلحة الشعب الليبي، ونرى أن تدخّل تونس بهذا الشكل الواضح يأتي لأن الأطراف التونسية شعرت أن الوقت قد حان للدخول المباشر في الملف الليبي ومحاولة جمع الفرقاء الليبيين وتشجيعهم على إيجاد الحلول المطلوبة، بالإضافة إلى أن تونس على مسافة واحدة من كل الأطراف الليبية وتدفع إلى الحوار وإلى حل الأزمة الليبية، وهذا يساعدها ويساعدنا في الوصول إلى انفراج حقيقي للأزمة.
قلتم "إن الحل قريب جداً في ليبيا"، فهل صحيح أنه قريب؟
عندما نقول قريب جداً فنحن لا نتحدث عن أيام، ولكن خلال أسابيع سنرى تطورات إيجابية في المشهد السياسي الليبي، لأن الكثير من الأفرقاء الليبيين، ونحن منهم، والمجتمع الدولي المهتم بالشأن الليبي، وصلوا إلى مرحلة ما تسمى بالإنهاك، الجميع أصبح منهكاً ولا يمكن أن يقبلوا باستمرار الوضع على ما هو عليه، واليوم علينا أن نقبل التفاوض والتنازل المتبادل وإيجاد الحلول لأن الجميع تعبوا ولا يمكنهم الاستمرار.
جهات كثيرة أبدت دعمها للمبادرة، بالإضافة إليكم، من بينها رئيس حكومة الوفاق فائز السراج ورئيس برلمان طبرق عقيلة صالح وجهات كثيرة عبّرت عن موقفها صراحة في هذا الاتجاه، ولكن ماذا عن الأطراف الليبية الأخرى؟ وهل هناك تطمينات من تونس بأن بقية الأطراف موافقة على الدخول في هذه المبادرة؟
ما سمعناه من الجهات التونسية هو أن هناك اتصالات جادة ومحاولات حثيثة لإقناع من لا يزال متردداً، ونسمع عن مؤشرات إيجابية لقبول هذه المبادرة واستعداد كافة الأطراف للتعاون.
حتى مع قائد "عملية الكرامة" خليفة حفتر؟
هناك اتصالات بين السفارة التونسية وكل الجهات، وبالنسبة لحفتر لا يستطيع أن يبقى بعيداً عن الإجماع الليبي.
التقيتم العديد من السفراء، من بينهم سفراء روسيا والصين والولايات المتحدة الأميركية، وطلبتم أن يتم الوقوف على المسافة نفسها والضغط على عقيلة صالح، فماذا تطلبون بالضبط من روسيا؟
دعني أكون صريحاً وواضحاً، لأن المشكلة الليبية لن تُحل إلا إذا توقفت هذه الأطراف الأجنبية عن دعمها اللامحدود لحلفائها في ليبيا، وعندما يتوقف هذا الدعم سيتمكن الليبيون من الجلوس في غضون أسبوع واحد أو اثنين ويتوصلوا لحلول. المشكلة الأساسية هي توظيف الساحة الليبية لتحقيق مكاسب سياسية، وهذا ما نعاني منه ويدفع ثمنه الليبيون، وعندما يتوقف هذا الدعم نستطيع أن نصل إلى حلول سريعة.
هل تعتقدون أن المناخ الدولي أصبح جاهزاً الآن للدفع نحو الحل في ليبيا؟
ما سمعناه من جميع من التقينا معهم، وخصوصاً الدول التي لها العضوية الدائمة في مجلس الأمن، مشجع ودافع للتفاؤل من أجل الوصول إلى حلول سريعة وإلى اتفاقات سياسية، خصوصاً السفير الروسي إيفان مولتوكوف، الذي أكد لنا أن بلاده تدعم اتفاق الصخيرات وتصر على أن تكون على مسافة واحدة من الجميع والخروج بحلول مقبولة للأزمة، كما أن السفير الأميركي بيتر بودي أكد لنا أيضاً استمرار الإدارة الأميركية الحالية في البقاء على المسافة نفسها من الملف الليبي ودعم اتفاق الصخيرات والتوافق الوطني في ليبيا، ودعم كافة جهود الحوار والسلام.
كيف تقيّم الأحداث الأخيرة في طرابلس وماذا تفهم من أحداث العنف الأخيرة، هل هي محاولة من بعض الأطراف للإعلان عن نفسها لأنها شعرت بأنها أقصيت؟
هذه الأحداث ليست جديدة، ففي عامي 2012 و2013 حصلت اشتباكات مماثلة في طرابلس وفي غيرها من المدن الليبية، ولكن هناك تضخيماً للأحداث. نحن نرفضها ونسعى لاحتوائها، ولكن لا بد من النظر إليها على أنها استمرار لما كان موجوداً سابقاً، ونحن كنا نطالب كمجلس بعد تعرضنا لحوالي 200 محاولة اقتحام من مجموعات مسلحة بوضع حد لتدهور الوضع الأمني وانتشار السلاح، ولكنها لم تأخذ كل هذا البُعد.
وهناك من يريد توجيه رسائل سياسية من هذه الأعمال، أهمها أن العاصمة طرابلس اليوم غير آمنة، وهي بالفعل غير آمنة ولكن هذا ليس جديداً. والأكيد أن بعض الأطراف تحاول أن تبحث عن دور لها من خلال هذه المواجهات، ولكن هذا من العبث، لأنها لا تملك مشروعاً، ونحن نسعى إلى توسيع الوفاق الوطني وأن تنضم إلينا جميع الأطراف وليس لدينا مشكلة مع أي طرف. لكن إصرار بعض الأطراف المؤدلجة التي تسعى إلى إسقاط الاتفاق السياسي الليبي مهما كان الثمن، يمنعنا من الوصول إلى اتفاق معها، ولا بد من الوصول لحلول حاسمة لمسألة انتشار السلاح في ليبيا، وهي مشكلة يعرفها الجميع بمن فيهم المجتمع الدولي، وربما نشهد في الأسابيع القليلة المقبلة تطورات إيجابية في هذا الاتجاه لوضع حد للمواجهات المسلحة.
المتابعون للوضع الليبي يصورون الأزمة الليبية على أن عقدتها الأكبر وربما الوحيدة هي خليفة حفتر، فهل هذا صحيح؟
أنا لا أريد تشخيص الأمور ولكن الكل يعلم أن من عرقل الاتفاق السياسي ووضع عقبات هي المجموعة المسيطرة على مجلس النواب في طبرق، وهناك أطراف أخرى هامشية استفادت من هذه العرقلة، ولكن الإشكال يأتي من مجلس النواب الذي تسيطر عليه هذه المجموعة. ومجلس النواب هو طرف أساسي، ومن دون تعاونه مع المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة ستكون هناك دائماً مشكلة في الاتفاق السياسي وتطبيقه على أرض الواقع، وحفتر له دور أساسي في مجلس النواب لأنه منبثق عنه، ولكن لا نعرف من يسيطر على من، هل حفتر يسيطر على مجلس النواب أم أن المجلس هو الذي يقود المشهد؟ لا نملك إجابة.