المفاوضات اليمنية: اجتماع لندن بلا نتائج والملف إلى واشنطن

15 مارس 2017
دخول واشنطن على خط أزمة اليمن (مارك ويلسون/ Getty)
+ الخط -

لم يخرج الاجتماع الخماسي الذي انعقد في العاصمة البريطانية لندن، يوم الإثنين الماضي، بنتائج واضحة حتى اليوم، فيما بدا أن ملف اليمن انتقل إلى العاصمة الأميركية واشنطن، والتي شهدت لقاء بين ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، محمد بن سلمان، والرئيس الأميركي دونالد ترامب.


كذلك شهدت واشنطن لقاءً بين وزير الخارجية ريكس تيلرسون ونظيره الإماراتي عبدالله بن زايد. وكان المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قد أطلق تصريحات من فرنسا الثلاثاء الماضي، مفادها ألا جديد بشأن خطة السلام.

وكانت الأنظار اليمنية تتجه مطلع الأسبوع الجاري، إلى اجتماع لندن الخماسي الذي ضم دول الرباعية وهي أميركا، وبريطانيا، والسعودية والإمارات، بالإضافة إلى سلطنة عُمان، إذ اعتُبر محطة سياسية مهمة تمثل اختباراً لجهود إحياء مفاوضات الحل السلمي في البلاد وجديتها من عدمها.
إلا أنه ووفق ما أفادت مصادر سياسية يمنية "العربي الجديد"، لم يخرج المشاركون ببيان واضح يحدد مخرجات الاجتماع، والذي انعقد على مستوى سفراء هذه الدول بعد أن كان من المقرر أن ينعقد على مستوى وزراء الخارجية.

واعتبر مراقبون أن الانعقاد على مستوى السفراء، يوم الإثنين الماضي، في لندن، أدى إلى تراجع منسوب الآمال التي كانت معقودة على ذلك الاجتماع، بل إن بعض وسائل الإعلام اختلفت بروايتها للمشاركين، بما يعكس الغموض الذي أحاط بتفاصيل ومصير الاجتماع.



ومع ذلك، أشار المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ، والذي حضر الاجتماع، في تصريحات صحافية، إلى أن المجتمعين ناقشوا التطورات المختلفة في البلاد، وفي مقدمتها التحذيرات من المجاعة التي تهدد ما يزيد على سبعة ملايين يمني، وفقاً لتحذيرات الأمم المتحدة. وركز النقاش على سبل معالجة هذه الأزمة، بالإضافة إلى التباحث حول "خارطة الطريق"، المقترحة أممياً، من دون أن يشير بوضوح إلى أن الاجتماع انعقد على مستوى السفراء، لأول مرة، فيما اجتماعات "الرباعية"، والتي تألفت منتصف العام الماضي، تنعقد في العادة على مستوى وزراء الخارجية.

إلى ذلك، كشف ولد الشيخ الذي توجه الثلاثاء الماضي إلى العاصمة الفرنسية باريس، أن مقترحات السلام الأممية لا تزال تنطلق من الأسس ذاتها، وتتضمن شقاً أمنياً يطالب جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحليفها حزب المؤتمر الذي يترأسه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، بتسليم الأسلحة والانسحاب من المدن.

وفي الشق السياسي، تتضمن مقترحات حول مؤسسة الرئاسة وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وأشار إلى أن السلام يتطلب تدمير أو تسليم الصواريخ البالستية بحوزة الانقلابيين، والتي تثير قلق السعودية، مؤكداً في السياق أن الرئيس عبد ربه منصور هادي رفض "خارطة الطريق"، أما الحوثيون وحلفاؤهم فلم يقدموا أي نقاط حول المسألة الأمنية التي تتطلب منهم الانسحاب وتسليم الأسلحة.



وكان لافتاً أن الاجتماع الذي انعقد في لندن تزامن مع تطور مهم، وهو الزيارة التي بدأها إلى واشنطن ولي ولي السعودي، محمد بن سلمان، بما أنه هو المسؤول العملي الأول في التحالف العسكري الذي تقوده بلاده وينفذ عمليات ضد الانقلابيين، والتي عُقد فيها لقاء مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بما جعل ملف النقاش الدولي حول اليمن ينتقل ضمنياً إلى طاولة المباحثات السعودية الأميركية.



وتزامنت زيارة بن سلمان، والذي رافقه وزير الخارجية، عادل الجبير، مع زيارة أخرى لوزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد، والذي عقد الثلاثاء الماضي، لقاءً مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون. وذكر بيان لوزارة الخارجية الأميركية أن الوزيرين ناقشا "القضايا الثنائية والإقليمية ومن ضمنها الصراع في اليمن وليبيا والحرب على "داعش" وجهود مكافحة الإرهاب". وكان من المقرر أن يحضر كل من تيلرسون، والجبير، وبن زايد، اجتماع الرباعية وعُمان في لندن، بما عزز انتقال النقاشات حول الأزمة اليمنية إلى واشنطن.

يشار إلى أن الولايات المتحدة دخلت بقوة على خط الأزمة في اليمن، منذ الأسابيع الأولى لتسليم إدارة ترامب السلطة في الولايات المتحدة، من خلال بدء موجة غير مسبوقة من العمليات الجوية التي تستهدف المشتبهين بالانتماء لتنظيم "القاعدة"، في جنوب ووسط اليمن، وتضمنت إنزالين على الأقل، لجنود اشتبكوا مع مسلحي التنظيم.

ومن زاوية أخرى، أظهرت إدارة ترامب مواقف متشددة تقترب من الرياض، تجاه الحوثيين والتدخلات الإيرانية في المنطقة، ومن ذلك، موافقة واشنطن على استئناف بيع الأسلحة للسعودية بعد أن فرضت إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، قيوداً على بيعها في الأشهر الأخيرة قبل رحيلها من البيت الأبيض.

وتظهر التطورات بمجملها أن واشنطن بإدارتها الجديدة تحمل رؤية ما، بالتعامل تجاه الوضع في اليمن، على خلاف الدور التقليدي الذي لعبته إدارة أوباما في إطار الرباعية أو التركيز على مكافحة الإرهاب. وحتى اليوم، لم يسهم هذا التحول في ولادة رؤية جديدة للحل السياسي، إذ يشدد المبعوث الأممي على أن المقترحات الدولية للحل السلمي في البلاد لا تزال تنطلق من الأسس ذاتها، بغض النظر عن كونها لم تنجح الفترة الماضية في تحقيق أي تقدم بالجانب السياسي.