أكدت مصادر مغربية لـ"العربي الجديد"، أن السلطات الأمنية المغربية قامت بسريّة تامة، وبعيداً عن ملاحقات وسائل الإعلام، بترحيل رجل الأعمال اللبناني قاسم تاج الدين إلى الولايات المتحدة الأميركية، بحضور محاميه شلبي الملاط.
ووفق مصدر مقرب من ملف تاج الدين، الذي اعتقل في 12 مارس/آذار الجاري بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء، على خلفية أمر سابق من السلطات القضائية، فإن رجل الأعمال اللبناني المتهم بتمويل أنشطة "حزب الله" اللبناني، تم ترحيله ليلة الخميس -الجمعة من مطار الرباط سلا في اتجاه واشنطن، لا صوب بيروت.
ووفق ذات المصدر، فإن "السلطات المغربية لم تقم سوى بتنفيذ القانون في حق رجل الأعمال اللبناني، بصفته مسافراً أجنبياً تم اعتقاله في المطار، كما لم تقم سوى بتطبيق الاتفاقيات الأمنية الدولية بترحيل نفس الشخص إلى السلطات الأميركية المعنية"، وفق تعبيره.
وحضر شلبي الملاط، محامي تاج الدين إلى المغرب قبل يومين، من أجل مواكبة الإجراءات الخاصة بترحيله من سجن مدينة سلا الشهير بلقب الزاكي، والذي كان يقبع داخله في جناح جرائم الأموال.
ودخل المحامي اللبناني على الخط بعد اتهامات متبادلة بين محامين مغاربة، كل واحد منهم زعم أنه المكلف الحصري بالترافع عن تاج الدين، ما اضطر عائلة هذا الأخير إلى التدخل وتكليف الملاط بمتابعة الملف.
ولم يصدر أي تعليق رسمي لبناني على الادعاءات بتورط تاج الدين بتمويل جماعات "إرهابية" (حزب الله)، بعد.
واكتفى محاميه الملاط، بإصدار بيان قبل يومين أكد فيه "كذب التهم الموجهة إلى تاج الدين"، وأن "أي مراجعة عادلة وقانونية للوقائع ستثبت أن الادعاءات التي تربطه بالإرهاب كاذبة".
وقال مكتب المحامي الملاط إن موكله "رجل أعمال عصامي يعارض الإرهاب والعنف لأهداف سياسية، وقد كرر مرارا وتكرارا أنه لن يدعم الإرهاب أو العنف السياسي من أي نوع، وواجه لأكثر من عقد من الزمن محاولات إلغائه"، في إشارة إلى إدراجه على قائمة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية عام 2009 بتهمة "تمويل الإرهاب عبر شركاته".
هذا الأمر قابله رجل الأعمال بـ"الموافقة على إجراء تحقيق شرعي شامل غير مسبوق في معاملاته الشخصية والتجارية من قبل شركة محاسبة عالمية رائدة، لم تجد أي دليل يدعم وضعه على هذه اللائحة، كما تعاون على مدى السنوات السبع الماضية مع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، من خلال إجراء التحديثات بشكل دوري"، بحسب البيان.
كما حذر بيان المحامي من "الخلط بين قاسم تاج الدين وآخرين من عائلته"، مُذكّراً بأنه "تطوع في مناسبات عديدة للقاء مسؤولين في الإدارة الأميركية، والإجابة عن كل أسئلتهم بكل صدق".
وجاء ترحيل تاج الدين بعد تلقي السلطات المغربية جواباً من "الإنتربول" مؤخراً، يفيد بضرورة تسليمه إلى القضاء الأميركي، باعتباره الجهة التي استصدرت أمراً دولياً باعتقاله، لتهم تتعلق بالتحايل على العقوبات المفروضة عليه، ومواصلة التعامل مع شركات أميركية.
وكانت المحكمة الاتحادية الأميركية وجهت، أمس الجمعة، اتهاماً، إلى رجل الأعمال اللبناني بسبب محاولته التهرب من عقوبات تستهدفه.
وجاء اتهام المحكمة الاتحادية في واشنطن، بعد ثماني سنوات من إدراجه وشقيقيه ضمن اللائحة السوداء، بسبب جمعه عشرات الملايين من الدولارات لصالح "حزب الله". وهو متهم خصوصاً بانتهاك العقوبات الأميركية ضد الجماعات "الإرهابية" وبغسل الأموال.
وأوضح نائب وزير العدل الأميركي كينيث بلانكو، في بيان، أنه "بسبب دعمه لحزب الله، فرضت الإدارة الأميركية عقوبات على قاسم تاج الدين في عام 2009 حظّرت عليه التعامل مع الأميركيين أو الشركات الأميركية".
وينشط رجل الأعمال اللبناني، البالغ من العمر 62 عاماً، في قطاعي المواد الغذائية والعقارات في لبنان وأفريقيا.
ويعد تاج الدين أحد أبرز أفراد العائلة اللبنانية التي اشتهرت بتجارة المواد الغذائية الخام، (كالرز والقمح والسكر والملح والبن والحبوب المُختلفة)، والمُصنعة (المُعلبات الغذائية على أنواعها)، وتنتشر تجارة العائلة بين بلجيكا ومجموعة دول أفريقية.
ويقول عارفوه إن "دولا أفريقية بأكملها تعتمد في غذائها اليومي على تجارة الحاج قاسم"، وهو "جهد للحفاظ على ملف غير لافت للنظر، وكان بعيداً عن مظاهر الترف أو حب الظهور، واكتفى بتأسيس مكاتب تجارية متواضعة الشكل في البلدان التي نشط بها".
وسبق لآل تاج الدين أن خسروا شقيق "الحاج قاسم"، علي، وهو رجل أعمال أيضاً، في تحطم الطائرة الأثيوبية بعد دقائق من إقلاعها من مطار بيروت الدولي باتجاه أديس أبابا عام 2010.
وساهم قاسم تاج الدين منذ تسعينيات القرن الماضي في تشغيل أموال لصالح مجموعة كيانات سياسية عربية وأفراد لأهداف تجارية، وهو ما فتح الباب أمام اتهامه من قبل السلطات الأميركية بتمويل "حزب الله".