بدأت قوات "درع الفرات" مرحلة جديدة من عملياتها العسكرية المدعومة تركياً، والتي انطلقت في 24 أغسطس/آب 2016، عقب سيطرتها على مدينة الباب أهم معاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) يوم الخميس الماضي، بعد معارك عنيفة بدأت في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي. وقد سيطرت هذه القوات على بلدتي بزاعة وقباسين، ما يرجح احتمال أن تكون منبج، الخاضعة لسيطرة "قوات سورية الديمقراطية" التي تشكل مليشيات "وحدات حماية الشعب" الكردية عمودها الفقري، هدفها المقبل. وما يعزز احتمالاً كهذا هو أن قوات "درع الفرات" أصبحت على شبه تماس مع المليشيات الكردية التي تنتشر بالقرب من تلك البلدتين.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد قال يوم الأحد الماضي، قبيل السيطرة على الباب إنه "بعد هذه المرحلة سنتجه نحو منبج، وفي حال توصلنا إلى اتفاق مع الولايات المتحدة وقوات التحالف الدولي والسعودية وقطر سننتقل إلى تطهير الرقة من قطيع القتلة المسمى داعش"، بحسب تعبيره. وتصر تركيا على انسحاب قوات "سورية الديمقراطية" من مناطق منبج إلى غرب نهر الفرات. وعلى الرغم من إعلان الأخيرة انسحابها إلا أن هذا الانسحاب جاء فقط إعلامياً، إذ إن المجلس العسكري في منبج هو جزء من هذه القوات، في حين تريد تركيا أن تكون منبج تحت سيطرة فصائل مدعومة من قبلها.
وسبق أن تحدث عدة مسؤولين أتراك عن المنطقة الآمنة في شمال سورية، والتي تشمل كلاً من الباب ومنبج بمساحة خمسة آلاف كيلومتر مربع، في حين تبقى الرقة وهي "منطقة نفوذ أميركية" بحسب تفاهم سبق أن تحدث عنه وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، لتكون للإدارة الأميركية الجديدة الكلمة الفصل بها. وأمام إدارة الرئيس دونالد ترامب خياران: إما إعطاء الضوء الأخضر لقوات "درع الفرات" بالتقدم باتجاه الرقة عقب إعطائها منبج عبر الضغط على "قوات سورية الديمقراطية"؛ أو الاعتماد على الأخيرة مدعومة بقوات خاصة أميركية للسيطرة على الرقة، علماً بأنها تقترب بشكل متسارع منها، إذ إن كيلومترات عدة تفصلها عن قلب المدينة من عدة محاور، ما يجعل حظوظها أكبر بهذا الشأن.
ورأى الحسين أنه "بعيداً عن منبج قد تقوم درع الفرات بالتقدّم والسيطرة على بلدات تادف ومسكنة والطبقة، والتوجه بعدها إلى الرقة، في طريق يمتد لأكثر من 150 كيلومتراً، وهذا خيار سيكون مكلفاً جداً"، بحسب اعتقاده. أما السبب فيعود إلى أن عناصر "درع الفرات" سيشكلون في هذه الحالة "هدفاً سهلاً لمفخخات وانتحاريي داعش"، وفق قوله. لكنه استبعد أن "لا تدخل درع الفرات في معركة الرقة وتحصن نفسها في ريف حلب وتستعيد السيطرة على مدينة تل رفعت والقرى المحيطة بها شمال غربي حلب، والعمل على تأسيس جيش وطني كجزء من المسار العسكري السياسي المحدد لمستقبل سورية" على حد وصفه. واعتبر أن كل "هذا مرجح في حال حصلت تركيا على مكاسب سياسية وعسكرية على حدودها الجنوبية، وأهمها إنهاء ما تصفه بمشروع الاتحاد الديمقراطي الرامي إلى ربط مناطق الأكراد في الحسكة بعفرين بريف حلب وبالتالي إنهاء احتمال وجود كانتون كردي في شمال سورية"، بحسب ما ذكر الحسين.
وبيّنت القيادات نفسها أن "النظام السوري يتقدم لقطع الطريق أمام الأتراك، وتحديداً قرب دير الحافر وقرى جنوب الباب"، مشيرة إلى أنه إذا ما تقدم أكثر يمكن أن يلتقي مع قوات سورية الديمقراطية جنوب منبج، ما يعني أن الطريق ستغلق حينها بشكل كامل أمام (درع الفرات)"، وفق تأكيد مصادر قيادية في "سورية الديمقراطية".
وفي هذا السياق، قال كوباني إن "القوات النظامية والروس يسعون للوصول إلى دير الزور"، معرباً عن اعتقاده بأن دخول الأتراك إلى الرقة هو قطع الطريق مستقبلاً أمام قوات النظام للوصول إلى هدفها، فضلاً عن أن الرقة أيضاً هي طريق بترول وغاز"، بحسب قوله. وخلص إلى أن "الأميركيين غير موافقين، كما يبدو، على طروحات الأتراك، إذ إن هناك خطة لدعم قوات سورية الديمقراطية وقوات التحالف العربي بشكل أكبر وهذا يؤكد عدم وجود موافقة أميركية إلى الآن على مشاركة تركيا بمعركة الرقة"، بحسب قوله.