وخلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، تجري حالياً، أكّد المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة، ماثيو رايكروفت، أن العيّنات تؤكّد أن النظام نفذ هجوماً بغاز السارين على خان شيخون، مشدداً على ألا مكان لرئيس النظام بشار الأسد في مستقبل سورية.
ودعا دي ميستورا إلى دعم المفاوضات السياسية للوصول إلى حل في سورية، وذلك بمناسبة تقديمه إحاطة أمام مجلس الأمن حول آخر التطورات المتعلقة بمحادثات جنيف.
وركز دي ميستورا في كلمته على السلال الأربع التي تمحور حولها جدول أعمال اللقاءات في جنيف، والمتعلقة بالحوكمة، والدستور، والانتخابات، والأمن ومكافحة الإرهاب. وقال إنه "على الرغم من أن الفجوات ما زالت واسعة، ولكنّ كل طرف انخرط في السلال الأربع، وناقش مبادئ عامة تتعلق بطبيعة دولة سورية بعد العملية الانتقالية، ويمكن البناء على هذه النقاشات ويجب أن توضع لاحقاً في رزمة واحدة واسعة لمباحثات مستقبلية".
وأكد أنه كان من المبكر التوصل إلى تفاهم مشترك في هذه المرحلة، إلا أن بعض النقاط أصبحت أوضح. وحول تلك النقاط، قال دي ميستورا "شعرت بأن هناك فهماً أكبر لضرورة أن يكون أساس المفاوضات قانونياً والهدف محدداً، وتمنيت لو مضينا قدماً بشكل مفصّل في البعد الدستوري. ولكن التقدم الهشّ يتعرض لخطر بالغ في جنيف. المحادثات واجهت صعوبة بسبب الاقتتال على الأرض وعدم وصول المساعدات الإنسانية".
وقال دي ميستورا إن النظام السوري أكد نيته السيطرة على كافة الأراضي السورية بدلا من التركيز على وقف إطلاق النار مع مفاوضات حقيقية.
وبخصوص المجزرة التي ارتكبها النظام السوري في محافظة إدلب، قال المبعوث الأممي "شهدنا أهوال الأسلحة الكيميائية على الأبرياء في خان شيخون"، مؤكداً أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، يدين الهجوم الكيميائي ويدعو للتحقيق فيه. وتابع دي ميستورا "هذه الفضيحة هزت ضمير العالم، ولا يمكن للسوريين والعالم تقبل استخدام الأسلحة الكيميائية واستمرار التشرد".
من جهة أخرى، أوضح دي ميستورا أنه باقٍ في منصبه وأنه مستعد لجولة جديدة من المفاوضات في مايو/ أيار المقبل. ورحب بالانخراط الدبلوماسي للولايات المتحدة وروسيا وللقاءات المنعقدة بين الطرفين. وناشد مجلس الأمن بالضغط على دول المنطقة والراعية لوقف إطلاق النار لتأدية دورها، وأكد ضرورة أن تمهد محادثات أستانة لمحادثات جنيف.
ويصوّت مجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، على مشروع قرار يطلب من النظام السوري التعاون مع تحقيق دولي في الهجوم الكيميائي الذي ارتكبه في الرابع من الشهر الجاري، في مدينة خان شيخون بريف إدلب، وأدى إلى مقتل عشرات المدنيين خنقاً، بينهم عدد كبير من الأطفال.
من جهته، قال رايكروفت إن بلاده قامت بالحصول على عينات من على الأرض في خان شيخون وتحليلها، وأضاف أن تحليلها يؤكد "أن العينات تحتوي على العامل العصبي سارين أو مواد مشابهة له، لذلك توافق المملكة المتحدة والولايات المتحدة الرأي القائل بأن الاستخدام مسؤول عنه النظام على الأرجح".
وأضاف أن "الأسد وافق على تدمير الأسلحة الكيميائية عام 2013 وهذه الهجمة على قائمة طويلة من الهجمات ومع هذا الهجوم أوضح الأسد أنه غير ملتزم بعمليات وقف إطلاق النار أو أستانة وبالتالي دمر مصداقية روسيا".
ولفت رايكروفت إلى أن الفيتو الروسي في مجلس الأمن يشجع النظام السوري على المضي في ممارسة جرائمه والمجازر بحق الشعب السوري، مؤكداً أن موسكو فقدت المصداقية بسبب انحيازها للنظام، فيما اعتبرت روسيا مشروع القرار بصيغته الحالية "غير مقبول".
وفي كلمتها أمام مجلس الأمن، قالت السفيرة الأميركية، نيكي هيلي "الأسبوع الماضي قام بشار الأسد بترهيب شعبه من خلال استخدام الأسلحية الكيميائية، وشاهدنا ما الذي يحدث عندما تقوم روسيا وإيران وحزب الله بدعم نظام همجي، بدلاً من الانضمام لبقية دول العالم لوقف هذا النظام. وعندما أسقط الأسد الأسلحة الكيميائية انتهك قراراً صدر عن هذا المجلس".
وتابعت قائلة: "الولايات المتحدة الأميركية اضطرت للتصرف، ولن نسمح باستخدام السلاح الكيميائي من دون عقاب، ونراقب عن كثب ما يقوم به النظام". ثم توجهت بكلمتها إلى السفير الروسي "أنتم تعزلون أنفسكم عن المجتمع الدولي في كل مرة تقوم بها طائرة من طائرات الأسد بقذف براميل متفجرة على المدنيين، وفي كل مرة يحاول فيها الأسد تجويع منطقة أخرى حتى الموت". وأضافت "لقد حان الوقت لكي تقوم روسيا بوقف حمايتها الأسد والدفع بشكل جاد نحو السلام، بدلاً من أن تكون جزءاً من المشكلة".
وحثت السفيرة الأميركية "روسيا على استخدام نفوذها وإخراج الأسلحة الكيميائية من سورية... روسيا تتحدّث عن التزامها بحل سياسي، ولكن عليها أن تلتزم بمحادثات جنيف وعملية سياسية حقيقية. ونحتاج أن نرى روسيا تختار العالم المتحضر على نظام الأسد الذي يُرهب شعبه".
ثم تحدثت عن الدور الإيراني في سورية، وقالت "علينا أن نكون صريحين بشأن دور إيران، وإلى جانب الجنرالات السوريين يقف جنرالات إيرانيون يقدمون لهم التعليمات والأوامر. وإلى جانب جنود الأسد يقاتل جنود ومليشيات من حزب الله يمتلكون أسلحة من إيران. إيران تؤجج نيران الحرب في سورية لكي تبسط سيطرتها على المنطقة".
ووجهت كلمتها إلى بقية أعضاء المجلس قائلة "على هذا المجلس أن يكون جاداً بشأن السلام في سورية، فشهر بعد آخر نقول إنه ما من حل عسكري لهذا النزاع، ولكن انظروا لما يحدث في الميدان. إن أهمية هذا المجلس ترتبط بتدابير تفرض محاكمة الأطراف المسؤولة عن العنف وألا يكتفي بالمطالبة بحل سياسي. وهذا يعني اعتماد قرارات واضحة ومعاقبة المسؤولين".
ثم اختتمت مشاركتها بالحديث عن رؤية بلادها قائلة "لن نؤيد أي عملية تمنح الغطاء للأسد بينما يماطل للحصول على المزيد من الوقت وتقوم قواته بذبح الشعب السوري. ولن نقبل إطلاقاً باستمرار استخدام الأسلحة الكيميائية". ثم أكدت التزام بلادها بمحادثات جنيف، وقالت إن هذا لا يكفي، إذ تبحث بلادها عن شركاء جادين في استخدام نفوذهم لدى نظام الأسد ومحاربة "داعش".
من جهته، رأى مندوب مصر في مجلس الأمن، عمرو أبو العطا، أن الشعب السوري يدفع ثمن البحث عن انتصار زائف. ودعا موسكو وواشنطن لإعادة قنوات التنسيق بينهما في سورية.
وأوضح أبو العطا، في كلمته، أن ما تشهده سورية يرقى إلى جرائم حرب، داعياً إلى الإسراع في التحقيقات، لافتاً إلى أنّ الأعراض على ضحايا خان شيخون تؤكد استخدام النظام غاز السارين.
أما المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فرانسوا ديلاتر، فاتّهم النظام السوري بتعمّد عرقلة منح التصاريح لدخول المساعدات الإنسانية، وحثّ في الآن نفسه على ضرورة التوصل إلى آلية أكثر إحكاماً لتثبيت وقف إطلاق النار في سورية. وأعرب عن تأييد بلاده استئناف المفاوضات السورية في منتصف مايو/ أيار المقبل.
من جهته، شدّد المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، فلاديمير سافرونكوف، على ضرورة دعوة كل أطياف المعارضة للمشاركة في محادثات السلام، معبراً عن إصرار موسكو على استمرار المحادثات من دون شروط مسبقة.
ومن المقرّر أن تجرى عملية التصويت في الساعة 19:00 بتوقيت غرينتش، غير أنّ نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أعلن أن موسكو ستستخدم حق النقض "فيتو" على مشروع القرار الذي تدعمه الولايات المتحدة بشأن الهجوم الكيميائي في سورية. ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن غاتيلوف قوله لوسائل إعلام روسية، إن "روسيا سوف تستخدم الفيتو ضد الصيغة الحالية المقترحة لمشروع القرار".
وفي حال استخدام روسيا الفيتو فإنها ستكون المرة الثامنة التي تعارض فيها موسكو تحركاً للأمم المتحدة ضد حليفها السوري، وذلك في وقت يقوم وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون حالياً بزيارة روسيا.
وقدمت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في وقت سابق، الثلاثاء، مشروع قرار يطلب إجراء تحقيق دولي في هذا الهجوم، وذلك على الرغم من فشل مفاوضات جرت في هذا الصدد الأسبوع الماضي.