لا تزال القوى السياسية اللبنانية عاجزة عن إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية التي كانت مُقررة في مايو/ أيار الحالي، بعد تمديدين لولاية مجلس النواب من دون العودة إلى الإرادة الشعبية للمواطنين. وعبّرت المواقف السياسية التي صدرت اليوم الثلاثاء عن استمرار حالة العقم قبيل موعد الجلسة النيابية المُخصصة لبحث قانون الانتخاب في 15 الجاري، وقبل يومين على موعد الجلسة الحكومية المُخصصة للملف نفسه.
كذلك تواصل الاصطفاف الطائفي في خطابات بعض قادة القوى السياسية، والتي تقارب مشاريع القوانين المطروحة من باب المصلحة الطائفية على حساب صحة التمثيل أو سلامة العملية الديمقراطية في لبنان.
وأكد الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، أن "الكثيرين يتعاطون مع هذا القانون على أنه قضية حياة أو موت"، موضحًا أنه يختلف عن أي قوانين أخرى، "لأن البعض يعتبره قانوناً تأسيسياً ومصيرياً".
وتحدّث نصر الله خلال اتفاق حزبي باسم الحزب وباسم "حركة أمل"، مُعتبراً أن "الثنائي الشيعي ليس لديه أي مشكلة مع المشاريع المطروحة"، رافضاً اتهامه بـ"رفض انتخاب المسيحيين نوابهم بأصواتهم". وذكّر الأمين العام للحزب بـ"الموافقة المفتوحة والمطروحة على المشروع الأرثوذكسي"، "مع الاستمرار في الدعوة لإقرار القانون النسبي".
وأضاف أن "الحديث عن النسبية هو لنقنع بعضنا بعضا ونوضح صوابية هذا المسار القانوني، ونحن لا نريد أن نفرض النسبية على أحد بل لا نريد أن نفرض أي قانون انتخابي على أي أحد في لبنان". وأكد نصر الله أنه "إذا لم نصل إلى قانون جديد فإن كل الخيارات سيئة بما فيها التمديد والفراغ والستين (القانون الأكثري الساري حالياً)".
وفي تعليق سريع على حديث نصر الله، وصف رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط، الحديث بـ"الدقيق والشامل في أهمية التوافق وضرورة الخروج من الحلقة المفرغة الآنية وأبعادها المقلقة".
وفي مؤشر على عمق الخلاف بين "حزب الله" وحليفه المسيحي "التيار الوطني الحر"، وصف رئيس التيار ووزير الخارجية وصهر رئيس الجمهورية جبران باسيل، الأقلام التي تتحدث عن علاقة الحليفين بـ"القذرة والسافلة"، لأنها "تتهمنا بمعايرة حزب الله بالوقوف معه في حرب تموز عام 2006"، مشيرا إلى "أننا لم نتحدث كتيار عن نقل مقاعد نيابية، وكل ما طرحناه إلغاء ستة مقاعد أضيفت عن غير وجه حق وإعطاءها للانتشار، ولسنا نحن من نتهم بالكانتونات".
وقال باسيل بعد الاجتماع الأسبوعي لتياره، إنه يرفض "التمديد والفراغ وقانون الستين، دون التمسك بأي قانون بحد ذاته"، معتبرا أن لبنان أمام "إلزامية إقرار قانون انتخابي جديد بالتوافق والتسوية، ولا خيار إلا بإقرار قانون انتخاب".
وأكد أن "لا خلافات سياسية عميقة في قانون الانتخاب بل جزئيات بسيطة، ولهذا التصويت ممكن". وأوضح أن "مشكلة القانون التأهيلي ليس بكونه طائفيا بل بحصة كل فريق سياسي". وأشار إلى أن "هناك اتفاقاً ضم في الأساس التيار الوطني الحر وحركة أمل وحزب الله وتيار المستقبل، وعملنا لإدخال آخرين. فمن يريد العمل جدياً ننطلق منه لمرة واحدة".
أما كتلة "المستقبل النيابية" فدعت مجدداً لإقرار قانون انتخابي "توافقي يؤمن العدالة ويستند إلى قواعد الجمع في ما بينهم، على أساس المواطنة وكذلك الالتزام باتفاق الطائف ومقدمة الدستور، وتكون ركيزته حماية صيغة العيش المشترك والواحد بين اللبنانيين، وليس إلى اعتماد آليات تفرق في ما بينهم".
وأعادت الكتلة التشديد على "أهمية رفض الفراغ في مجلس النواب وهي المؤسسة الدستورية الأم". واعتبر المكتب السياسي لـ"حزب الكتائب اللبنانية" أن "التخبط الحاصل في حكومة المحاصصة، وعجزها عن الاتفاق على ما يؤمن مصلحة الناس والبلاد، لا يبرر لها عدم إقرار مشروع قانون جديد للانتخابات وإحالته على المجلس النيابي لمناقشته والتصويت عليه".
وأكد المكتب السياسي للكتائب بعد اجتماعه اليوم الثلاثاء، أن "العودة إلى قانون الستين أو تفصيل قانون على القياس أو حتى الفراغ، كلها أوجه متعددة لعملة واحدة، هي التمديد الذي يصادر حق اللبنانيين في التغيير".