وكان آخر هذه الحلول سحب الآلاف من الشباب السوري لصفوف الاحتياط في جيش النظام من المناطق التي يفرض سيطرته عليها، تارة بالقوة، وأخرى بالتطويع، عبر الإغراء بالمال والسلطة المفتوحة.
ومع سعي النظام إلى توسيع قاعدته العسكرية على حساب الأهالي والمدنيين في سورية، أطلق مؤخراً الفيلق الخامس ضمن صفوف قواته من أجل زجّ مقاتليه في عمليات القتال ضد مقاتلي المعارضة، وفي عمليات اقتحام للمناطق الخارجة عن سيطرته في حلب وإدلب وريف حمص، فعمل على زج المطلوبين للاحتياط في نهاية عام 2016، والمطلوبين لهذه الخدمة حديثاً في هذا الفيلق لتعبئته بالعنصر البشري.
وعلم "العربي الجديد" من مصادر محلية في محافظة حماة بقيام النظام بطلب عشرة آلاف شاب لخدمة الاحتياط في محافظة حماة في دفعة أسماء جديدة وصلت منذ أيام قليلة إلى مديرية التجنيد العامة في المنطقة الوسطى والموجودة في مدينة حماة. وكان النظام قد طالب قبيل أشهر 16 ألف شاب وقبلهم 11 ألفا آخرين بالالتحاق بالخدمة.
غير أن القائمة الجديدة تتضمن أشخاصا تجاوزت أعمارهم 42 عاماً بعدما اقتصرت القوائم سابقا على مواليد 1985 فما فوق.
وأفاد محمد الياسين، أحد مسؤولي التوثيق في مدينة حماة بأن النظام "قام بتوسيع شريحة السحب للاحتياط لتشمل هذه الأعمار، ولتدمير الشريحة المتبقية في حماة من الرجال والشبّان، كذلك عمل على توسيع شريحة الطلب من خلال الاختصاصات، فقد كانت الاختصاصات المطلوبة للاحتياط هي المشاة والدفاع الجوي، ولكن الآن باتت تشمل اختصاصات أخرى لطلب أكبر عدد ممكن لهذه الخدمة المدمرة لحياة الآلاف من العائلات السورية في حماة وغيرها".
وقال إن الطلب الأخير "شرد المئات من الشباب والرجال هرباً من خدمة الاحتياط والخدمة الإلزامية في صفوف قوات النظام، كما أن عوائل المطلوبين لم يتبق لها معيل شاب أو رجل، فغالبية المطلوبين هربوا إلى شمال سورية، وبعضهم إلى تركيا، وأعداد قليلة جداً آثرت العيش ضمن دائرة الخطر والبقاء في منازلها في مدينة حماة مسلمّة أمرها للقدر رغم طلبهم للاحتياط".
وأوضح أن "مصير المطلوبين للخدمة مرهون بمجرد وشاية من قبل أحد مخبري النظام، ليتم على الفور إلقاء القبض عليهم أو طلب بطاقتهم الشخصية من قبل أحد الحواجز الأمنية، لينتهي به المطاف بالسحب رغماً عنه إلى جبهات القتال، علاوةً عن قضائه لفترة تزيد عن عشرة أيام في سجون النظام الأمنية في فرع الأمن العسكري، وذلك لتخلفه عن أداء خدمة الاحتياط وعدم التحاقه بها طوعا".
وأشار الناشط الميداني في حماة عمر الفهد إلى أن "غالبية عمليات السحب يتم فرزها أولا إلى منطقة الدريج في ريف دمشق، ومنها إلى النقاط الساخنة فوراً من دون دورات تدريبية تعيد تأهيل المسحوبين في العمليات القتالية وحمل السلاح، وهذا ما يفسر وصول أخبار عشرات القتلى من المسحوبين للاحتياط حديثاً عقب عدّة أسابيع وأحيانا عقب عدّة أيام".
وقال أحد المطلوبين للخدمة الاحتياطية، ويدعى خالد، إن "سحبه للاحتياط سيحمل معه إمّا خبر وفاته أو توقفه عن عمله كبائع في أحد محال الحلويات في المدينة، وهذا ما سيقذف بعائلته إلى الجوع والفقر، فمن سيحمل عبء عائلته المالي ومتابعة أمورهم، خاصة وسط الغلاء الذي تشهده المدينة ومع قدوم شهر رمضان المبارك".
أما الأربعيني محمد فأكد أن شبح الاحتياط يلاحقه في كل يوم، فهو للآن لم يتم طلبه للخدمة الاحتياطية، ولكنه على ثقة بأن طلبه آت لا محالة مع طلب الآلاف من الرجال والشبّان"، متسائلاً عما سيفيد النظام بعدما تجاوز الأربعين عاماً، وليست له قوة على القتال وحمل السلاح، بالإضافة إلى من سيحمل مسؤولية عوائل هؤلاء المطلوبين للاحتياط، إذ ما تم قتلهم في الجبهات أو خدمتهم غير معروفة النهاية مع النظام".
وفي إحصائية لعدد المطلوبين للاحتياط، فقد تم إحصاء طلب ما يقارب 52 ألف رجل وشاب من أهالي محافظة حماة، ما يعني تشريد أكثر من 50 ألف عائلة ممن أُجبرو على السفر وترك عوائلهم وذويهم خلف ظهورهم، هرباً من الموت، وأملاً في البقاء ولقائهم في الغد القريب.