بعد عشرين عاماً من الغياب، عاد قلب الدين حكمتيار، زعيم الحزب الإسلامي، أكبر الأحزاب التي قاتلت ضد الغزو السوفييتي لأفغانستان (1979 ـ 1989) بحكم اتفاقية المصالحة مع الحكومة الأفغانية. ومع عودته، من المفترض تغيّر تطورات الوضع الداخلي. وعلى الرغم من أن حزب حكمتيار كان أحد أطراف الحرب الأهلية قبل وصول حركة "طالبان" إلى الحكم، غير أنه لم يفقد شعبيته. بالتالي رأى البعض، أن اهتمام الحكومة الأفغانية بالحزب وبزعيمه يهدف للوصول لمواجهة بين الحزب و"طالبان" من جهة، وبين الحزب والأحزاب الدائرة في فلك النظام من جهة ثانية.
وكان حكمتيار قد خرج من أفغانستان عام 1995 بعد سيطرة "طالبان" على السلطة، لاجئاً إلى إيران، التي عادت وأخرجته عنوة بعد دخول القوات الأميركية إلى أفغانستان عام 2001. ومنذ ذلك الحين عاش حكمتيار خفية في مناطق مختلفة من أفغانستان، وفقاً لأنصاره، بينما ذكر معارضوه بأنه أمضى تلك السنوات في باكستان. مع ذلك، كان حزب حكمتيار في حرب مع القوات الأميركية والأفغانية حتى إبرام الصلح بينهما في مايو/أيار من العام الماضي.
في هذا السياق، لفت زعيم حزب الدعوة حالياً والاتحاد الإسلامي أيام "الجهاد" ضد السوفييت، عبد الرب رسول سياف، إلى أنه "على الرغم من ترحيبنا بالجهود التي تبذل لأجل المصالحة وحلحلة الأزمة التي دامت عقوداً طويلة، ولكن ما يحصل ليس في صالح الشعب الأفغاني". كما دعا سياف كافة الأحزاب الجهادية السابقة إلى "العمل المشترك والوقوف بجانب القوات المسلحة الأفغانية"، منوّهاً إلى أن "طيفاً صغيراً من الناس لا يمثل الشعب بأسره، لذا ندعو الحكومة إلى عدم تهميش دور الأحزاب الجهادية". ورأى أن "الأمور تسير نحو الأسوأ وأخشى أن يحصل لأفغانستان ما يحصل في سورية".
وكان حكمتيار قد انتقد المقرّبين من طهران قائلاً إنه "في دولة مجاورة لا تسمح ببناء مسجد للسنّة في معظم الأحيان، ولكن في بلادنا وسائل إعلام وشخصيات عملها الوحيد الدفاع عن سياسات تلك الدولة. بالتالي رأى البعض في عودة حكمتيار دوراً أساسياً للسعودية، لذا فإن الأحزاب الشيعية في البلاد قلقة بسبب مجيء الرجل. وبدا وكأن الحكومة الأفغانية كان هدفها تهميش أصحاب النفوذ والقوة وأمراء الحرب و"الجهاديين" الذين يتربعون على المناصب الأساسية في البلاد منذ عام 2001 وحتى الآن، رغم ضعف قوّتهم نسبياً، وذلك بسبب سياسات الرئيس الأفغاني أشرف غني. كما بدا وكأن الرئيس الأفغاني الذي أضحى وجهاً لوجه ضد هؤلاء، ينوي وضع الحزب الإسلامي في مواجهتهم. وكان نائب الرئيس الأفغاني الجنرال عبد الرشيد دوستم، الذي همش دوره بسبب نزاعه مع الرئيس، أكبر دليل على نية الأخير العمل لأجل التخلّص منهم. كما عزل أشرف غني مستشاره في شؤون الحكومة أحمد ضياء مسعود، الذي كان من الوجوه البارزة في الجمعية الإسلامية، المناهضة للحزب الإسلامي إبان الحرب الأهلية. وثمة اعتقاد سائد بأنه تمّ تأجيل الانتخابات البرلمانية لأجل عودة الحزب إلى المنظومة السياسية، وليكون في معسكر واحد مع الرئيس الأفغاني في الانتخابات.
بدوره، رأى أحد المقرّبين من "طالبان"، المحلل نظر محمد مطمين، أن "تصريحات حكمتيار مخيّبة للأمل، إذ إن الأفغان كانوا يأملون أن تكون عودة حكمتيار نتيجة المصالحة وأن يكون ذلك لبنة أساس للمصالحة الشاملة، ويكون نموذجاً لغيره من الأحزاب المسلحة المناهضة للحكومة. لكن حكمتيار جعل نفسه مع الأسف في وجه طالبان. كما أثارت تصريحاته الأخيرة استياء أنصار طالبان، وبعضهم وصفه بالعميل، وأنه أساء لسمعة المجاهدين بعد أن تصالح مع الأميركيين". من جهته، رحّب الزعيم القبلي وسيم خان، بعودة حكمتيار، واعتبر ذلك "نجاحاً كبيراً للرئيس الأفغاني، غير أننا في الوقت نفسه نأمل أن يكون ذلك نموذج خير لباقي الجماعات المسلحة، تحديداً طالبان. كما نطمح إلى أن يقوم حكمتيار بدور يؤدي إلى المصالحة الشاملة لتخرج البلاد من ويلات الحرب".