مخاوف في إدلب من تكرار هجوم خان شيخون الكيميائي

عبسي سميسم (العربي الجديد)
عبسي سميسم
عبسي سميسم. صحافي سوري؛ مدير مكتب سورية في موقع وصحيفة "العربي الجديد".

عدنان علي

avata
عدنان علي
01 يوليو 2017
3DB7FF96-BA82-476F-A9E5-A176631E0614
+ الخط -
تعود قضية استخدام النظام السوري للسلاح الكيميائي إلى الضوء مجدداً، مع بروز كلام غربي عن احتمال معاودة استخدام هذا السلاح في الفترة المقبلة، وسط تحذيرات أميركية وغربية للنظام من أن تجاوزه "الخط الأحمر" مجدداً ستكون له عواقب وخيمة. وقد أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في تقرير سري، أن "غاز السارين السام استُخدم بالفعل في الهجوم الجوي على بلدة خان شيخون السورية في الرابع من إبريل/ نيسان، ما أدى إلى مقتل 87 شخصاً، بينهم 31 طفلاً". لكن التقارير والتحذيرات لم تخفف من مخاوف أهل إدلب من احتمال تعرضهم لمجزرة، ذلك أن إدلب صارت التجمع الأكبر الخارج عن سيطرة النظام السوري. ويرصد "العربي الجديد" محاولات اتخاذ أهل إدلب وسكانها عموماً لاحتياطات بدائية، في ظل استمرار تخلي العالم عن الشعب السوري في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، على قاعدة أن "بشار الأسد عدو للشعب السوري وليس عدواً للغرب" على ما أخبرنا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أخيراً. وتبدو القدرات المحلية في إدلب في مواجهة احتمال مجزرة كيميائية جديدة، ضئيلة لا بل شبه منعدمة، وتتركز المحاولات حالياً حول التوعية خصوصاً من قبل الدفاع المدني السوري (القبعات البيض) مما يجب فعله في حال التعرض لهجوم كيميائي، ومحاولات اتخاذ إجراءات استباقية للتعامل بالإمكانيات المتوفرة مع هكذا احتمال كارثي. 

وقد انعكست التحذيرات الغربية الأخيرة التي كشفت عن نية النظام شن هجوم كيميائي جديد، على سكان مناطق المعارضة السورية، الذين يخشون فعلاً من هجومٍ كارثي كهذا، تحديداً في مناطق عاشت مجازر كيميائية مثل خان شيخون، والتي يجري عناصر الدفاع المدني تدريبات لمواجهة أي هجوم كيميائي جديد عليها.

في هذا الصدد، اعتبر مدير مركز الاستجابة للضربات الكيميائية، محمد كيال، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "المركز الذي تم استحداثه في المدينة عقب الهجوم الكيميائي عليها ما زال صغيراً ويحتاج إلى الدعم والتزود بالمعدات المناسبة". وأوضح أن "المركز يضمّ عشرة عناصر فقط، وهو يغطي محافظتي إدلب وحماة"، مضيفاً أنه "بعد ما تردّد أخيراً عن إمكانية أن يشن النظام هجمات كيميائية جديدة، فإننا في مدينة خان شيخون وقد فجعنا بهجوم سابق أودى بحياة العشرات، نحاول تحضير أنفسنا لمثل هذه الضربة التي سيكون المدنيون أبرز ضحاياها، لكن إمكاناتنا بسيطة ونحتاج إلى مدّنا بالمعدات اللازمة". ولفت إلى أن "أهم ما نقوم به في الوقت الحاضر هو نشر التوعية بين الناس حول كيفية التصرف في حال وقوع هجوم كيميائي جديد، وتحديداً ضرورة الابتعاد عن مكان الهجوم إلى مكان بعكس اتجاه الريح". من جهته، قال أحد عناصر المركز، وهو جمال سلوم، إن "الإجراءات التي نتدرب عليها في حال وقوع هجوم جديد تتمثل في ضرب طوق حول المكان المستهدف، وإسعاف المصابين إلى خارج مكان الضربة، ونصب خيمة بعكس اتجاه الريح لتنظيفهم فيها من مخلفات الكيميائي، وإزالة التلوث عنهم، قبل نقلهم إلى أقرب نقطة طبية لتلقي العلاج".

وأفاد تقرير سري لخبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، تم توزيعه على أعضاء المنظمة في لاهاي، في ختام تحقيقهم حول هذا الهجوم، بأن "عدداً كبيراً من الأشخاص، بعضهم توفي، تعرّضوا للسارين أو لمنتج من نوع السارين". وبحسب بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فإن "الغاز المميت مصدره حفرة ناجمة على الأرجح عن انفجار قنبلة، كذلك فإن خصائص انتشار الغاز لا يمكن أن تتطابق إلا مع استخدام السارين كسلاح كيميائي".

وستشكل خلاصة هذا التحقيق الذي اعتمد على مقابلات مع شهود عيان وتحليل عيّنات أُخذت من مكان الحادث، أساساً للجنة تحقيق مشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ستكون مهمتها تحديد ما إذا كانت قوات النظام السوري هي المسؤولة عن هذا القصف الكيميائي على البلدة الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة.

وكانت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، أول من علق على مضمون التقرير قائلة: "الآن وقد عرفنا الحقيقة التي لا يمكن إنكارها، ننتظر إجراء تحقيق مستقل للتأكد من هوية الجهة المسؤولة عن هذه الهجمات الوحشية، لكي نحقق العدالة من أجل الضحايا". وتوقعت هالي أن "تتولى آلية التحقيق المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة التحقيق في هذا الموضوع لتحديد الجهة المذنبة".

وتزامن ذلك مع صدور بيان عن وزارة الخارجية الأميركية اتهم نظام الأسد بأنه "لم يتخلّص بشكل تام من ترسانته الكيميائية". وأضاف البيان أن "سورية تواصل عدم تنفيذ التزاماتها القانونية في إطار اتفاقية حظر إنتاج وتخزين واستخدام الأسلحة الكيميائية وبشأن التخلص منها. وكذلك في إطار قرار مجلس الأمن رقم 2118 بسبب مواصلة استخدام الأسلحة الكيميائية، وعدم قدرتها على تدمير كامل برنامجها للأسلحة الكيميائية".

من جهته، اعتبر وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، في تصريحات إعلامية، أنه "لا شك على الإطلاق في أن رئيس النظام السوري بشار الأسد مسؤول عن استخدام أسلحة كيميائية في سورية". وأضاف أن مسألة "تحديد المسؤولية عن إلقاء السارين ستحال الآن إلى آلية تحقيق مشتركة للتأكد منها"، مشيراً إلى أن بلاده "ستواصل جهودها لفرض عقوبات على المسؤولين عن الهجوم، لأن من يستخدمون أسلحة كيميائية ضد الأبرياء ينبغي محاسبتهم".


ورداً على الهجوم الكيميائي على خان شيخون، قصفت الولايات المتحدة في السابع من إبريل مطار الشعيرات العسكري بريف حمص الشمالي، الذي انطلق منه الهجوم الكيميائي، بصواريخ "توماهوك"، ما أسفر عن تدمير معظم الطائرات فيه، بحسب المصادر الأميركية، غير أن النظام السوري أعلن استئناف إقلاع الطائرات من المطار بعد ساعات من تعرضه للقصف.

وخلال الأيام الأخيرة، وجّهت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، تحذيرات صارمة للنظام السوري من عواقب شن هجوم كيميائي جديد، قائلة إنها "رصدت نشاطاً مشبوهاً في مطار الشعيرات، يماثل ما كان عليه قبل الهجوم الكيميائي السابق على خان شيخون".


من جهتها، دانت وزارة الخارجية التابعة للنظام السوري تحذير البيت الأبيض من احتمال أن يشن نظام بشار الأسد هجوماً كيميائياً جديداً على الشعب السوري، واصفة التحذير بأنه "محاولة من واشنطن لاستخدامه ذريعة لعدوان جديد على سورية".

وذكر مصدر مسؤول في الوزارة، أن "الحملة المضللة التي شنتها الولايات المتحدة، والتي ادّعت فيها وجود نوايا لدى سورية لشن هجوم كيميائي على المواطنين السوريين عارية من الصحة، ولا تستند إلى معطيات أو مبررات". واعتبر أن "هدفها تبرير عدوان جديد على سورية بذرائع واهية، كما جرى في مطار الشعيرات، وللتستر على الاعتداءات التي يقوم بها التحالف الدولي والذي تسبب بقتل الآلاف من المدنيين السوريين الأبرياء. كما تأتي هذه التهديدات إثر الإنجازات الكبيرة التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في مختلف أنحاء الدولة على المجموعات الإرهابية المدعومة من الولايات المتحدة وأدواتها في المنطقة وخارجها".

بدورها، ذكرت مصادر محلية أن "نظام الأسد نقل طائرات حربية من مطار الشعيرات في ريف حمص إلى مناطق أخرى، تحسباً لأية ضربة جوية أميركية تستهدف المطار". وأفادت المصادر بأنه "تم نقل أربع طائرات على الأقل خارج مطار الشعيرات مساء الخميس، هبطت اثنتان منها من نوع سوخوي 22 في مطار حماة، في حين هبطت طائرات أخرى في مطار النيرب العسكري".

وكانت شبكة "سي أن أن" الأميركية ذكرت أن السفن والطائرات الحربية الأميركية وُضِعت في حالة تأهب لتوجيه ضربات محتملة إلى سورية. ونقلت القناة عن مصادر مطلعة قولها إن "واشنطن تراقب قاعدة الشعيرات الجوية السورية منذ تهديد البيت الأبيض الأخير لنظام الأسد بردٍ قاسٍ إذا استخدم السلاح الكيميائي مجدداً".

ذات صلة

الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.
المساهمون