يصر النظام المصري على تصعيد الأزمة الأخيرة مع قطر، لا سيما مع غيابه تماماً عن جهود الوساطة وتقريب وجهات النظر التي تديرها الولايات المتحدة، والكويت، وبعض الأطراف الأوروبية. ويقول مصدر دبلوماسي مصري إن هناك قلقاً في الخارجية المصرية من أن تثمر جهود الوساطة والموقف الأميركي الأخير بشأن الأزمة، تقارباً بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة، وبين قطر من جهة أخرى، لأنه لن يكون من السهل إعلان عودة العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة والدوحة نظراً للخلافات المتراكمة بين البلدين على مدار 4 سنوات.
من جهته، يكشف مصدر دبلوماسي فرنسي، لـ"العربي الجديد"، أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قال في حديث مقتضب مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال لقائهما أمس الأول الخميس في القاهرة، إن هناك شروطاً "مصرية-خليجية" لعودة العلاقات مع قطر، أهمها وقف النقد الإعلامي للنظام المصري، وتسليم جميع المتهمين في قضايا جنائية مرتبطة بأحداث سياسية، وطرد قيادات جماعة "الإخوان المسلمين" من الدوحة وعدم استضافتهم في وسائل الإعلام القطرية، ووقف الدعم القطري لوسائل الإعلام الداعمة لمواقف جماعة "الإخوان".
وفي سياق قريب، يكشف مصدر حكومي مصري واكب جزءاً من الاتصالات التي دارت بين مصر ودول الخليج الثلاث المقاطعة لقطر، أن "السيسي كان راغباً في إدراج جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الكيانات الإرهابية التي أعلنتها الدول الأربع في وقت متأخر من مساء الخميس"، موضحاً أن "إعداد هذه القائمة استغرق 3 أيام وأن إصدارها كان متوقفاً على تقييم الموقف الأميركي من الأزمة، وأن تصريحات قيادات واشنطن الداعية لاحتواء الأزمة والمؤكدة على أهمية قطر بالنسبة للولايات المتحدة هي التي دفعت الدول الأربع لإصدار هذه القائمة كنوع من التصعيد الدعائي، واصطناع وجود أدلة على دعم قطر للإرهاب".
ويشير المصدر الحكومي إلى أنه لم يتم التوافق بين مصر والإمارات من جهة، والسعودية من جهة أخرى، على خطوة إدراج جماعة "الإخوان" على القائمة باعتبارها "خطوة تصعيدية غير محسوبة النتائج"، لا سيما أن هناك خلافاً حول تصنيف الجماعة في الدوائر الأوروبية والأميركية، مع الوعد بدراسة الأمر مستقبلاً في حالة عدم انفراج الأزمة.
في المقابل وافقت السعودية على إدراج الشخصيات المصرية التي اقترحتها القاهرة، ومعظمها صدرت ضدها أحكام جنائية بالمؤبد والإعدام في قضايا مختلفة، إذ نسبت النيابة العامة المصرية ليوسف القرضاوي، ووجدي غنيم، وأيمن عبدالغني، تحديداً تهم دعم تنظيم الإخوان "المصنف إرهابياً في مصر" مالياً ولوجستياً. فغنيم متهم بقيادة خلية إرهابية عاد أفرادها من قطر بهدف استهداف الشرطة والجيش (حسب أوراق القضية) أما عبدالغني (وهو صهر نائب مرشد الإخوان المحبوس خيرت الشاطر) فهو متهم في تحريات الأمن والاستخبارات المصرية بالتخطيط لتأسيس خلايا "اللجان النوعية لجماعة الإخوان"، والتي كان عضو مكتب الإرشاد الذي قامت السلطات الأمنية بتصفيته، محمد كمال، متهماً بقيادتها ميدانياً.
ويوضح مصدر قضائي مصري في محكمة النقض، أن الأجهزة الأمنية لم تُبلغ وزارة العدل أو مجلس القضاء الأعلى أو مجلس الدولة بإعادة القضاة المعارين، لكن في الوقت نفسه ظهر مقترح من قاضيين بالنقض لإثارة الأمر لإعادتهم، بدافع التقرب إلى السلطة الحاكمة. ويضيف المصدر أن هذا المقترح نوقش بالفعل في اجتماع مجلس القضاء الأعلى الأخير الأربعاء الماضي، لكن المجلس خشي أن يتخذ موقفاً مغالياً مزايداً على السلطة الحاكمة نفسها، خصوصاً أن القرار سيعود بالضرر على القضاة المعارين، وقد يؤدي لاستقالة عدد كبير منهم بغية الاستقرار في قطر، مما دفع المجلس لإصدار بيان بعد الاجتماع نفى فيه التعرض لهذه المسألة من الأساس، حتى لا يُفسر الأمر على أنه تخاذل أو تحدٍ للنظام الحاكم.