لا تزال المفاوضات غير المباشرة التي يجريها "حزب الله" اللبناني مع أمير "جبهة فتح الشام" في منطقة القلمون، أبو مالك التلي، مستمرة في محاولة لتجنب اندلاع معركة بين الطرفين في جرود بلدة عرسال، على حدود لبنان الشرقية مع سورية.
وعلم "العربي الجديد" من مصادر متقاطعة، أن المفاوضات بلغت مراحل متقدمة مساء الأربعاء، بعد أن تم الاتفاق على جملة نقاط تشمل مصير مسلحي "فتح الشام" الذين سيغادرون الأراضي اللبنانية باتجاه الداخل السوري، مع عودة جزئية لبعض اللاجئين السوريين المُقيمين في بلدة عرسال إلى بلدات مُحددة في منطقة القلمون السورية.
وتشمل عودة اللاجئين بلدات القلمون وفليطا وقارة وجراجير، مع استثناء اللاجئين من مناطق ريف حمص، ومنها القصير، التي حولها "حزب الله" إلى قاعدة عسكرية مغلقة له.
وسيُخير هؤلاء - في حال نجاح المفاوضات - بين الانتقال إلى شمال سورية أو البقاء في عرسال.
وشهدت المفاوضات حالة جمود أمس، بعد أن وصل النقاش إلى نقطتي تسليم "فتح الشام" للأسلحة الثقيلة التي تملكها قبل مغادرة عناصرها للمنطقة الجردية بالسلاح الخفيف فقط، وتحديد مسار مغادرة العناصر، وذلك بسبب رفض التلي تسليم السلاح الثقيل، واشتراطه مسارا يمر من داخل الأراضي اللبنانية لمغادرة الجرود، وهو ما ترفضه الحكومة اللبنانية و"حزب الله".
وإلى جانب اعتبارات التفاوض، تربط المصادر المتابعة لمسار المفاوضات والمعركة اندلاع الاشتباك الأول بموعد زيارة رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، وقائد الجيش، العماد جوزيف عون، إلى العاصمة الأميركية واشنطن الأسبوع المقبل، وذلك بسبب استمرار الإدارة الأميركية في بحث إعلان مجموعة مناطق آمنة بمظلة عسكرية أميركية في سورية، ومنها منطقة القلمون، بسبب كونها منطقة حدودية تشكل خطراً أمنياً على لبنان، وبسبب قربها من المناطق التي لجأ إليها أهلها في محافظة البقاع اللبناني.
وفي حال تم إعلان القلمون منطقة آمنة أميركياً، فإن قدرة "حزب الله" والنظام السوري على تحديد مستقبل المنطقة الحدودية ستضعف لصالح النفوذ الأميركي. ويبقى مع هذه المعطيات قرار إطلاق المعركة رهن مسار التفاوض اللوجستي في القلمون، ورهن التطورات السياسية التي قد تؤدي إلى إعلان المناطق الآمنة.
وحتى ذلك الحين تشهد بلدة عرسال تحضيرات موازية للتحضيرات العسكرية للمعركة في الجرود، مع استمرار العمليات الأمنية لجهاز استخبارات الجيش، الذي يحاول توقيف أكبر عدد من المطلوبين بتهمة الانتماء لتنظيم "داعش" و"فتح الشام" داخل البلدة لمنعهم من تنفيذ أي أعمال أمنية خلال المعركة المُفترضة، كما شهدت مخيمات اللاجئين اجتماعات عدة مع ممثلي بلدية عرسال، بهدف خفض مستوى التوتر فيها، ومنع انطلاق أي عمليات أمنية منها خلال المعركة.
وتجدر الإشارة إلى أن رقعة العمليات العسكرية في المعركة المُفترضة تمتد على مساحة 300 كيلومتر مربع، ينتشر فيها بين 800 و1500 من عناصر "داعش" و"فتح الشام".
وتتوزع هذه المناطق بين جرود بلدة عرسال، التي ينتشر فيها "فتح الشام"، وجرود بلدتي فليطا وجراجير السوريتين، حيث ينتشر عناصر "داعش".