وقد ألمح ترامب، في تغريدة على "تويتر" يوم السبت، إلى أنه لن يتوانى عن استخدام حق العفو لحماية عائلته والمقربين منه وربما نفسه في مواجهة الحملة السياسية التي يشنها خصومه الكثر في المؤسسات الأمنية والقضائية والتشريعية الأميركية بهدف تنحيته عن منصبه بحجة الاختراق الروسي لحملته الانتخابية.
وستكون سابقة جديدة في سجل الرؤساء الأميركيين لو قرر ترامب العفو المسبق عن أي مخالفة للقانون الفدرالي الأميركي قد يكون ارتكبها هو نفسه، إنّ في قضية الاختراق الروسي أو في ملفه الغامض مع دائرة الضرائب الأميركية وأسباب إصراره على عدم نشر بياناته الضريبية على عادة الرؤساء الذين سبقوه.
ولم يسجل في تاريخ الرئاسة الأميركية، منذ الاستقلال وإعلان الدستور قبل أكثر من مائتي عام أن أصدر أي رئيس عفواً عن نفسه.
وحده الرئيس السابق، ريتشارد نيكسون، استفاد من العفو الرئاسي لكن بعد استقالته، عندما أصدر خلفه الرئيس، جيرالد فورد، عفواً عن جميع المخالفات التي أدين بها نيكسون في قضية "ووترغيت" لمنع محاكمته أمام القضاء الجنائي ومعاقبته بعد خروجه من البيت الأبيض.
ويختلف خبراء القانون في الولايات المتحدة حول حدود الصلاحية التي يمنحها الدستور الأميركي للرئيس، وما إذا كان يملك حق العفو عن نفسه أو عن أفراد في عائلته أو في فريقه السياسي.
وعلى الرغم من أن نص الإعلان الدستوري الأميركي لا يحتمل اللبس لجهة منح الرئيس حق العفو عن الآخرين في قضايا القوانين الفدرالية (لا يحق للرئيس العفو في قضايا الولايات حيث يمتلك الحكام صلاحية العفو)، لكن الدستور لم يشر إلى إمكانية استفادة الرئيس شخصياً من هذه الصلاحية، كما لم يستبعدها أيضاً.
ومن وحي سجال هذه السابقة السياسية، استعاد الأميركيون واقعة تاريخية مشهورة عن جورج مايسون أحد أبرز المشاركين في كتابة الدستور الأميركي عندما رفض عام 1787 التوقيع على المسودة النهائية للدستور بسبب معارضته تلك المادة وتسجيله عدداً من الملاحظات عليها، منها عدم تضمنها قيوداً وضوابط تحد من سلطة الرئيس في استخدام حق العفو وتحصره في حالات محدودة.
ويوجد في الفقرة الثانية من المادة الثانية في الدستور الأميركي إشارة واضحة إلى أن الرئيس له سلطة تأجيل تنفيذ الأحكام والعفو عن المعتدين على الولايات المتحدة إلا في حالة تعرضه للمساءلة القانونية. ويرى محامو ترامب، في هذه القاعدة الدستورية، سنداً قانونياً يدعم موقف الرئيس إزاء تحقيقات مولر في التدخل الروسي في انتخابات أميركا.
وفي تغريدة ثانية نشرها ترامب على موقع "تويتر"، يقول الرئيس الأميركي إنه لا يحتاج حالياً لاستخدام سلطة العفو. لكنه ترك الباب مفتوحاً على كافة الاحتمالات بقوله "بما أن الجميع متفق على أن للرئيس الأميركي السلطة المطلقة في العفو. لماذا نفكر بذلك طالما أن جرائم تسريب المعلومات ضدنا".
وسارع المدير الجديد للإعلام في البيت الأبيض، أنتوني سكاراموتشي إلى تفسير تغريدة ترامب بالقول "إن الرئيس لن يحتاج أصلاً لاستخدام سلطة العفو لحماية أحد لأن التحقيقات الروسية قضية سخيفة".
ويرى محامو ترامب أن لدى الرئيس خيارات قانونية متعددة قد يلجأ إليها لمواجهة مولر الذي وسّع تحقيقاته لتطاول التعاملات والاستثمارات المالية لشركة ترامب وعلاقاتها بمجموعة من رجال الأعمال الروس القريبين من الكرملين. وهم لا يستبعدون خيار اللجوء إلى إقالة المحقق الخاص وإن كان يستدعي ذلك إقالة وزير العدل جيف سيشنز لأنه نأى بنفسه ولا يملك صلاحية التدخل في التحقيقات. وبالتالي فإن مهمة إقالة مولر يمكن أن يقوم بها وزير العدل الجديد.