يقول مدير مركز "هوية"، محمد الحسيني: "منذ شهرين نقوم بحملات للتوعية ونشر الوعي بدور مجالس البلديات ومجالس المحافظات، لكن لا يزال هناك خلط لدى المواطنين حول أدوار المجلسين والصلاحيات الممنوحة لهما والعلاقة بينهما". لكن الحسيني يشير إلى تطور نسبي في وعي الناخبين مقارنة بالفترة الماضية. ويلفت إلى أن تفاعل المواطنين مع الانتخابات المنتظرة يتباين من منطقة إلى أخرى، ففي حين يتراجع التفاعل في المدن الرئيسية، خصوصاً في العاصمة، يتم رصد تفاعل أكبر في المحافظات، خصوصاً تلك التي لا تزال الروابط العشائرية المؤثر الأكبر في حركتها. وفيما كشفت دراسة أعدها "برنامج مراقبة الانتخابات" (راصد)، وأعلنت نتائجها في مايو/أيار الماضي، عزم 59 في المائة من الأردنيين مقاطعة الانتخابات، يتوقع الحسيني أن تشهد الانتخابات مشاركة كبيرة. ويقول إن "اهتمام المواطنين بالبلديات، التي تلامس واقعهم الخدمي بشكل مباشر، مرتفع مقارنة باللامركزية. وبسبب تزامن العمليتين الانتخابيتين، فمن المؤكد أن من سيشارك في انتخاب البلدية سيشارك في اللامركزية".
وقررت الهيئة المستقلة للانتخاب، المعنية بإدارة العملية الانتخابية والإشراف عليها، إجراء العمليتين الانتخابيتين بشكل متزامن، مبررة قرارها بالأزمة المالية التي تعيشها موازنة الدولة، ولتلافي "الكسل الانتخابي" في حال جرت الانتخابات في مواعيد مختلفة ومتقاربة. وبلغت كلفة إجراء الانتخابات 20 مليون دينار أردني، في وقت كانت ستتضاعف التكلفة لو أجريتا بشكل منفصل، حسب الهيئة المستقلة. وفيما أعلنت جميع الأحزاب الأردنية مشاركتها في الانتخابات، ترشيحاً واقتراعاً، إلا أن نسبة الحزبيين المرشحين بلغت 4 في المائة فقط، وفقاً لما تظهر بيانات "راصد"، وهو ما تعتمده لتفسير خوض 66 في المائة من المرشحين الانتخابات من دون برامج انتخابية. ويقول الحسيني إن "العشائرية صاحبة تأثير كبير في الانتخابات. يوجد تحالفات داخل العشيرة الواحدة لصالح مرشح العشيرة، ويوجد تحالفات بين عشائر مختلفة لتبادل الدعم في البلديات واللامركزية". ويرى أنه من "الممكن القبول تجاوزاً بتلك التحالفات في الانتخابات البلدية لناحية دور البلديات الخدمي وانعكاسها المجتمعي، لكن اللامركزية بحاجة إلى تحالفات برامجية، خصوصاً أن أعضاء المركزية (مجلس المحافظة) ينتظرهم دور مهم في وضع الخطط التنموية وإعداد الموازنات وغيرها من الأمور التي تتطلب الاختصاص".
وحسب دراسة "راصد" فإن 47.3 في المائة من المرشحين يرتكزون على العشائرية، فيما يرتكز 41 في المائة على المناطقية، و2.8 في المائة فقط يرتكزون على قواعدهم الحزبية. وفي الوقت الذي تعول فيه الدولة على الانتخابات، خصوصاً اللامركزية، لناحية تخفيف الضغط على الحكومة المركزية، وتعزيز المشاركة الشعبية في صناعة القرار التنموي، يثار جدل كبير حول مستقبل التجربة. وفيما يؤكد عضو البرلمان السابق، جميل النمري، أهمية تجربة اللامركزية (مجالس المحافظات) في إحداث أثر حاسم في التنمية، يتخوف من أن تتحول المجالس إلى عبء إضافي ومصدر إرباك يساهم في مزيد من الهدر وتبديد الوقت. ويقول النمري "ذلك يقرره الأداء، لكن بتقدير الواقع والأشخاص والمؤسسات والانتخابات والثقافة السائدة، فإن المرجح أن يكون المجلس سبباً في الإرباك والهدر وتبديد الوقت". وفيما يتوقع حدوث تضارب بين المجالس البلدية ومجالس المحافظات، يجزم بأن تنافساً ومماحكة ستنشأ بين مجلس المحافظة والبرلمان. ويقول النمري إن "التصدي للدور الخدمي سيبقى هاجس النواب، حتى على حساب دورهم التشريعي والرقابي". وفي مقابل ذلك، يدعو الرسميون إلى عدم التعجل في إطلاق الأحكام، وانتظار نتائج العملية الانتخابية للحكم على نجاح التجربة من خلال الممارسة.