لن تتحرّر بريطانيا من القرارات المستقبلية لمحكمة العدل الأوروبية، على الرّغم من خروجها من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، في حال اعتُمدت الترتيبات التي حدّدها الوزراء في وثيقة تفاوضية رئيسية، حسب ما أوردت "ديلي تلغراف" اليوم.
ويناقض هذا الواقع تعهّد رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، التي وعدت في مؤتمر "حزب المحافظين" في عام 2016، أنّ سلطة قانون الاتحاد الأوروبي في هذا البلد ستنتهي إلى الأبد، وأضافت أنّهم لن يغادروا ليعودوا إلى محكمة العدل الأوروبية.
كما سينشر الوزير المفوض بشؤون "البريكست" ديفيد ديفيس، وثيقة تحدّد موقف بريطانيا اليوم الأربعاء، تنص على أنّ بريطانيا ينبغي ألا تكون تحت الاختصاص "المباشر" للمفوضية الأوروبية بعد أن تغادر الاتحاد الأوروبي.
وقد يبدو استخدام كلمة إنهاء التأثير "المباشر" لمحكمة العدل الأوروبية أمرا ذا دلالة في هذا السياق؛ لأنّه يترك الباب مفتوحًا للتأثير غير المباشر إلى الأبد. ومن بين أحد السيناريوهات الممكنة والمفصلة في الوثيقة، هو لجنة تحكيم مستقلة، لتسوية النزاعات حول التجارة على سبيل المثال، أو حقوق المواطنين. كما تتضمن الوثيقة أنه قد تكون هناك ظروف تقرّر فيها لجنة التحكيم التشاور مع محكمة العدل الأوروبية، للحصول على تفسير ملزم لقانون نشأ في الاتحاد الأوروبي.
بيد أنّ صحيفة "تلغراف" تدرك أنّ هذه الوثيقة، التي تحدّد موقف بريطانيا التفاوضي حول تسوية النزاعات، ستسلّط الضوء على سلسلة من الترتيبات الحالية، ولا سيما أن الدول من خارج الاتحاد الأوروبي تراجع "طوعًا" الخلافات القانونية أمام محكمة العدل الأوروبية.
وبموجب الترتيبات المطبّقة حاليًا على الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما فيها مولدوفا والنرويج وأيسلندا وليختنشتاين؛ تصدر محكمة العدل الأوروبية "تفسيرات ملزمة" في المنازعات.
وتسلّط الوثيقة الضوء أيضاً على ترتيبات أخرى، قد تلغي الاختلاف بين محاكم بريطانيا والمفوضية الأوروبية، بعد خروج الأولى من الاتحاد الأوروبي، في الجوانب التي يرغب فيها الطرفان في التعاون الوثيق.
وتصرّ الحكومة، كذلك، على أنّ "السوابق" التي تبرزها الوثيقة، إنّما تعكس نهج بلدان أخرى ولا تمثّل خطط بريطانيا. وقال متحدّث باسم الحكومة إنّهم كانوا دائماً واضحين حول أنّ حلّ النزاع سيتطلّب أسلوباً جديداً وفريداً.
في المقابل، انتقد وزير العدل البريطاني، دومينيك راب، اللغة المستخدمة حول المحاكم الأجنبية والقضاة من قِبل حملة "بريكست" التي سبقت استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وقال لراديو هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إنّ كلّ هذه الأقوال "الجائرة" عن المحاكم الأجنبية والقضاة والمحامين؛ هي لغة لم يستخدمها بتاتاً في السابق. وتابع أنّ التزامهم كحكومة واضح وضوح الشمس، وحين يغادرون الاتحاد الأوروبي، سيكون هناك اختلاف بين السوابق القضائية للاتحاد الأوروبي وبريطانيا، وأنّه من المنطقي بالنسبة لبريطانيا أن للسوابق القضائية لمحكمة العدل الأوروبية، وأن تنظر إليها في بعض الأحيان، على أن يحافظ الاتحاد الأوروبي، في المقابل، على الحق ذاته في ما يتعلّق بالقضايا القانونية في بريطانيا.
إلى ذلك، تساءل نوّاب آخرون في البرلمان عن سبب تسليط الضوء على هذه الترتيبات في الوثيقة. وقالوا إنّ هذا النهج، سيمثّل تراجعاً كبيراً عمّا أعلنت عنه تيريزا ماي، في العام الماضي، حين قالت إنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سيشهد انتهاء صلاحية قانون الاتحاد الأوروبي في هذا البلد إلى الأبد.
أمّا برنارد جنكين، وهو عضو في "حزب المحافظين"، فقال إنّهم حين يتركون الاتحاد الأوروبي؛ يحق لهم أن يتوقّعوا علاقة ثنائية ومتداخلة، كما هو الحال في أي علاقات طبيعية بين دولتين مستقلّتين. وأضاف أنّ أي دولة من خارج الاتحاد الأوروبي لن تبدي اهتماماً بالتحدّث إليهم حول أي اتفاق للتجارة الحرّة، إذا كانوا ما يزالون يتعثّرون بعلاقاتهم مع الاتحاد الأوروبي.
فضلاً عن ذلك، سترفض الحكومة رسمياً في الوثيقة، مطالب الاتحاد الأوروبي، بضرورة إشراف محكمة العدل الأوروبية مباشرة على حقوق ثلاثة ملايين مواطن من الاتحاد الأوروبي يعيشون في بريطانيا.