خطة أمنية "تقليدية" لبغداد خلال العيد: الحذر سيّد الموقف

01 سبتمبر 2017
تخشى بغداد تكرار عنف السنوات الماضية (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
ظلّت خطة حماية بغداد في أيام عيد الأضحى مماثلة للخطط السابقة، فرغم المخاوف الكبيرة وزيادة خطر تنظيم "داعش" الإرهابي على العاصمة، بسبب ما تكبّده من خسائر كبيرة في جبهات الموصل، وسعيه للانتقام، لم تستطع القيادات المسؤولة عن أمن العاصمة الخروج بخطة ترتقي إلى مستوى درء الخطر، لذا لجأت إلى تكرار خططها السابقة مع إجراء تعديلات بسيطة عليها، ما أدى إلى أجواء من الحذر الشديد بين المواطنين، خشية من تكرار سيناريوهات العنف السابقة، في وقت تكاد تكون فيه الثقة مفقودة تماماً بالأجهزة الأمنية العراقية، التي أثبتت عجزها من الحد من قدرة الإرهاب على اختراق الأسواق والحدائق العامة.

وفي السياق، أفاد ضابط في قيادة عمليات بغداد، في حديث مع "العربي الجديد"، بأنّ "قيادة العمليات اجتمعت لوضع خطة لحماية العاصمة خلال فترة العيد"، مبيّناً أنّ "الخطة التي تم الاتفاق عليها، لم تتجاوز الخطط التقليدية السابقة؛ إذ إنّ التركيز تم على القطعات في الشوارع ونشر المفارز الأمنية المتنقلة لتفتيش المواطنين في الأسواق والمتنزهات المزدحمة". وأضاف أنّ "الخطة ركّزت على منطقة الكرادة التي شهدت تفجيرات عنيفة خلال الفترة السابقة"، مبيّناً أنّ "الخطة اقتضت قطع أغلب الطرق المؤدية للكرادة والمحيطة بها والداخلية، ما يعني أنّ المواطن سيلاقي صعوبة في التنقل في المنطقة، وتم نشر أعداد كبيرة من العناصر الأمنية فيها".

وأكد الضابط أنّ "الخطة التي اتخذت هي ضمن حدود الإمكانات المتوفرة لدى قيادة العمليات، وهي إمكانات محدودة جدّاً ولم يتم تطويرها خلال الفترة الأخيرة، على الرغم من المناشدات والدراسات التي تم تقديمها إلى الجهات العليا". ولفت إلى "أهمية تعاون المواطنين مع القوات الأمنية في رصد أي حالة مشبوهة يلاحظونها، من خلال التواصل مع العناصر الأمنية التي ستنتشر بكثافة في الأماكن المزدحمة".

من جهته، قال المتحدث باسم القيادة، العميد سعد معن، في مؤتمر صحافي، إنّه "تم توفير الحماية لدور العبادة والأماكن الترفيهية في بغداد لفترة العيد"، مشيراً إلى أنّه "تمّ أيضاً منع الدراجات في الأماكن المزدحمة والأسواق". ولفت إلى أنّ "الطرق التي سيتم قطعها في بغداد خلال فترة العيد، هي من جسر شارع فلسطين إلى القناة الموازية لمدينة ألعاب بغداد باتجاه واحد، ومن ساحة أبو جعفر المنصور إلى تقاطع الرواد (وهي مناطق مزدحمة في مركز بغداد)".

وأضاف أنّ "هناك طرقاً قطعت من الساعة السابعة مساءً وحتى الثالثة فجراً، وبدأ قطع الطرقات من 28 أغسطس/ آب الماضي، ويستمر حتى 5 سبتمبر/ أيلول الحالي"، مبيّناً أنّ "هذه الطرق هي طريق متنزه الزوراء من ساحة دمشق إلى ساحة النسور باتجاهين، وفي الكرادة من الجسر المعلّق إلى ساحة كهرمانة ومن ساحة الدلال إلى شارع المغرب".



وغابت الثقة عن قيادة عمليات بغداد (المسؤولة رسمياً عن الملف الأمني في العاصمة) في خطتها لحماية العاصمة، إذ خلا الإعلان عنها من أي تهديد ووعيد للإرهاب أو أي حديث عن قدرة كبيرة لمنعه من اختراق العاصمة، كما اعتاد العراقيون أن يسمعوا عن ذلك في وقت سابق.

بدوره، ترأس محافظ بغداد، عطوان العطواني، ما اعتبره "اجتماعاً طارئاً للجنة الأمنية في المحافظة، بحث خلاله خطة العيد". ووفقاً لبيان صحافي، فقد أكد المحافظ أنّ "الخطة الأمنية تضمنت ثلاث مراحل، الأولى تتضمن تأمين الأسواق، والثانية تأمين دور العبادة والكنائس، والثالثة حماية الأماكن الترفيهية والمتنزهات". ولفت إلى أنّ "هذه الخطة تختلف عن سابقتها، من خلال نشر عناصر أمنية بزي مدني وتكثيف الجهد الاستخباري وتنفيذ عمليات استباقية، خصوصاً في أطراف بغداد".

وأشار إلى أنّ "الخطة تضمنت نشر مفارز كي 9، والتدقيق والتفتيش لضمان سلامة العائلات البغدادية، ونشر النقاط الأمنية في عموم مناطق العاصمة"، مشدّداً على "الحذر وتفويت الفرصة على الإرهاب، وضرورة تعاون المواطنين مع الأجهزة الأمنية". وقال عضو مجلس محافظة بغداد، هيثم الحمداني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المشكلة تكمن بعدم وجود خطط وإمكانات حديثة ومتطورة لدى الأجهزة الأمنية"، مشيراً إلى أنّ "الملف الأمني الداخلي مهمل بشكل كبير، ولا توجد أي رؤية استراتيجية متطورة للرقي به لمستوى التحديات الكبيرة".

وأضاف أنّ "المواطنين تجنبوا الذهاب إلى الكثير من المناطق الترفيهية، وبعض العائلات فضّلت الاحتفاء في منازلها وزيارة الأقارب والأصدقاء، على الاحتفاء في الأماكن العامة"، مؤكداً أن "ذلك جاء بسبب عدم ثقة المواطنين بالأجهزة الأمنية، والتي لم تنجح في منع الإرهاب من اختراق العاصمة". وحذّر مراقبون من خطورة عدم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع اختراق تنظيم "داعش" الإرهابي لبغداد والمحافظات الأخرى، بسبب الهزيمة التي مني بها أخيراً بالموصل، والتي ستدفع عناصره إلى محاولة تنفيذ أعمال العنف داخل المدن.